نموذج الاستعمار الرأسمالى.. فى بلادنا تحول الذهب إلى خردة والغذاء إلى سم والمياه إلى وباء!

الخميس، 14 مايو 2009 09:43 م
نموذج الاستعمار الرأسمالى.. فى بلادنا تحول الذهب إلى خردة والغذاء إلى سم والمياه إلى وباء!

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حسب نموذج الاستعمار الرأسمالى، يتحول ذهبنا إلى خردة وبترولنا إلى لعنة تجلب الأساطيل والجيوش الغازية وتصنع الحروب الأهلية، انظروا السودان قبل ثلاثين عاماً، قبل أن تكتشف صور الأقمار الصناعية ثرواته المخبوءة من البترول واليورانيوم، كان بلداً يغط فى نومه وكسله، بجنوبه الأفريقى الوثنى وقبائله التى عرفت القانون بعيداً عن مواثيق حقوق الإنسان ومنظمات الإغاثة، وكان دارفور مثلما هو الآن قبائل تختلف حول المرعى، إلا أن قبائله لم تكن مسلحة بالعربات الهامر والمدرعات الأمريكية ولا بالرشاشات العوزى الإسرائيلية سريعة الطلقات، مما يكفى لأن يجعل أى خلاف بين العرب والأفارقة حول بئر مياه أو مساحة من العشب إلى حرب أهلية.

لذلك ليس غريباً أن يعتبر جاليانو كتابه تسجيلاً تاريخياً للنهب الاستعمارى الغربى لثروات الجنوب وأن ينشغل بتوضيح آليات الاستنزاف الاستعمارى لثرواتنا منذ أن ظهر الغزاة فى سفنهم الشراعية وحتى وصول مشاه البحرية الأمريكية وصندوق النقد الدولى، رابطاً بين أرباح تجار العبيد الأفارقة وأرباح جنرال موتورز الذى يسعى الرئيس أوباما للحفاظ عليها بكل السبل.

ليس مستغرباً إذن أن يحمل تشافيز هو وجيله هذا الامتنان العميق لكتاب جاليانو الذى يعتبر إنجيل الثوار الجدد فى القارة الأمريكية الجنوبية، ومفهوما كذلك لماذا أهداه إلى أوباما عربونا لصداقة مرتجاة، على أسس غير الأسس التى كرس لها كولومبس عند اكتشافه الأمريكتين.

يرى إدواردو جاليانو أن أمريكا اللاتينية هى الإقليم ذو الشرايين المفتوحة بينما نرى التوصيف نفسه دالا على بلادنا العربية فمنذ الاكتشاف وحتى اللحظة الحاضرة، ظلت الثروات الأمريكية اللاتينية أو العربية تتحول إلى رأسمال أوروبى أو أمريكى شمالى، وبهذه الصفة ظل يتراكم فى مراكز السلطة البعيدة كل الثروات الطبيعية وأحلام التطور، بينما يتبقى للجنوب أشكال القهر والاستغلال والتخلف المتعددة، من اضطهاد المجموعات الحاكمة والمنتفعين للأغلبية، وتركز مصادر العمل والكسب فى عدد من المراكز داخل كل بلد، واختلال مراكز الإنتاج بحيث يصبح هناك عاصمة غنية يحيط بها عدد من المدن المزدحمة شديدة الرواج، بينما يتم إهمال سائر البلد بما يعينه ذلك من اضطراب وفقر، حتى أصبحنا أمام وضع صارت فيه الرسوم التى يحصلها المشترون والمتحكمون فى اقتصادنا أعلى بكثير من الأسعار التى يتلقاها البائعون، ولا أحد يستطيع الحديث عن العدالة فى ظل اليافطة الكبيرة المسماة بالتجارة الحرة التى تعنى نقل المواد الأولية والثروات الطبيعية من الجنوب الفقير إلى الشمال الغنى بأسعار زهيدة للغاية، ونقل منتجات الشمال الغنى إلى الجنوب الفقير بأسعار باهظة بعد تدمير أى منافسة فى الإنتاج لدى شعوب الجنوب، وبقدر ما تزداد الحرية المتاحة أمام التجارة والأعمال وفق هذا المفهوم، بقدر ما يصبح من الضرورى إنشاء المزيد من السجون فى الجنوب، سواء فى أمريكا اللاتينية أو العالم العربى أو أفريقيا السوداء، من أجل المضارين من جراء حرية التجارة واقتصاد السوق.

يقرأ جاليانو من وثائق أجداده اللاتينيين كيف تقدم فاتحو أمريكا القلائل بطلقات البنادق وضربات السيوف، ولفحات الوباء. ليحتلوا الأرض ويرتكبوا المذبحة تلو الأخرى، كانوا يرفعون الذهب، كأنهم يشعرون بأنهم فى غمرة النشوة، فكأنه ينعشهم وينير قلبهم، يتلهفون عليه بعطش بالغ. وتتمدد أجسامهم بسببه، لديهم جوع ضار له.. «مثل خنازير جائعة كانوا يتلهفون على الذهب». هذا ما يقوله النص بلغة «الناهواتل» المحفوظ فى المخطوطات الفلورنسية. وفيما بعد، حين وصل كورتيس إلى عاصمة الأزتيك الرائعة، دخل الاسبان دار الخزانة« ثم صنعوا كرة ضخمة من الذهب، وأشعلوا، أحرقوا، أضرموا النار فى كل ما تبقى، مهما بلغت قيمته: وهكذا احترق كل شئ أما بالنسبة للذهب، فقد حوله الأسبان إلى قضبان». دارت الحرب وأخيراً أعاد كوتيس فتح عاصمة الأزتيك عام 1521، بعد أن كان قد فقدها. وسقطت المدينة المدمرة المشتعلة، المغطاة بالجثث.

لم تكن المشنقة والتعذيب كافيين: فلم تكن الكنوز المنهوبة تشبع أبداً متطلبات الخيال، وخلال سنوات طويلة، ظل الأسبان يحفرون قاع بحيرة المكسيك، بحثاً عن الذهب والأشياء النفيسة التى يفترض أن الهنود قد أخفوها.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة