كل قهوجى بالإشارة يفهم

من مشاريب قهوة الخرس: لو عاوز شاى حط إيدك على وشك.. شيشة حط صباعك على بقك.. ينسون شاور على زورك

الخميس، 14 مايو 2009 09:35 م
من مشاريب قهوة الخرس: لو عاوز شاى حط إيدك على وشك.. شيشة حط صباعك على بقك.. ينسون شاور على زورك تصوير محسن بيومى
كتب أحمد حربى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الصمت أحيانا ما يكون أبلغ من أي كلام، فللصمت معان ومدلولات قد تعجز الحروف عن ان تعبر عنها، لكن هذا حين يكون الصمت اختياريا، ولكن هناك آخرون شاء لهم القدر أن يصمتوا على الدوام، إنهم «الصم والبكم» الذين يحيون في عالم غريب علينا، محاصرين بالأزمات، منغلقين على أنفسهم فى أغلب الأحوال، وهم رغم طيبتهم المفرطة يمتازون بالعصبية الشديدة من أثر الضغوط الواقعة عليهم.

وقد لجأ الخرس في مصر إلى حيلة متفردة منذ حوالى 80 عاما عندما بدأوا يتجمعون فى مكان خصصوه لبحث مشاكلهم وأحوالهم، ويعرف هذا المكان باسم «قهوة الخرس» بمنطقة وسط البلد بجوار سوق التوفيقية، يلتقون فيه بصفة يومية أو دورية، وهم يحاولون الانتشار في المكان كله لمنع غيرهم من الدخول أو الجلوس.

الاجتماعات المتواصلة لأكثر من 50 شخصا منهم بزعامة محمد همام «محاسب» وحسن رمضان «تاجر اسمنت» أسفرت عن إنشاء ما يعرف «بصندوق الزمالة» لتجميع الأموال من القادرين منهم تحسبا لأى ظروف تصيب أحدا منهم.

الحاج ربيع عبد الهادى توفيق 52 سنة صاحب المقهى يحكى حكايته مع الخرس منذ أكثر من 45 عاما قائلا:» هذه القهوة عمرها يزيد على 74 عاما، أنشاها والدى الحاج عبد الهادي عام 1935 وكانت عبارة عن قهوة بلدى من الخشب وكنت اجلس مع الخرس دائما منذ سن الخامسة وأشعر أنهم فى حالة حزن، رغم أنهم كانوا يضحكون ولكن شيئا ما بداخلهم غير ظاهر، ولا يحبون أن يطلع عليه أحد، واهم ما يميزهم هو الانطواء الدائم إلا مع بعضهم البعض، وكانوا يجلسون في مدخل المقهى ويقومون بحجز الكراسى لمنع جلوس أحد من الأسوياء معهم. كانوا فى البداية حوالي 50 فردا إلا أنهم بدأوا يتزايدون مع الوقت بالإضافة إلى وجود مجموعة من المنيب كانوا يأتون إلينا دائما، وشهدت تجمعاتهم مواقف حزن وفرح كثيرة وكانوا يصدرون أصواتا غريبة وإشارات وعلامات أخرى، وكنت فى أغلب الأحوال لا افهم منها اى شىء، وهم يتميزون بالصدق والأمانة، ومعاملتهم فوق الممتازة، حتى أنى لو نسيت حساب مشروب واحد كانوا يذكروننى به، وقد نشئت بينى وبين همام علاقة صداقة دامت سنوات طويلة لانى كنت أفضل التعامل معه بصفة مباشرة.

وعن المواقف التى لا تنسى يقول الحاج ربيع: كان يوم أحد وكانوا مجتمعين فى فرحة وسعادة بالغة إلى أن جاء أحد أصدقائهم وأشار إليهم بأن صديقهم «فيكا» الذي يسكن بعابدين وكان شابا في الأربعين من عمره قد مات، فوجئت بأصوات بكاء وعويل لم اسمعها فى حياتي لأنها كانت معبرة ونابعة من أعماقهم لدرجة أن أحدهم أغمى عليه، وهرعوا بسرعة ولم يدفعوا الحساب وقتها، ولكن دفعوه بعد ذلك.بداية عام 97 بدأوا يختفون تدريجيا، كما يقول الحاج ربيع، مضيفا: ربما تكون مشاكل الحياة هي السبب أو لوفاة معظهم وخاصة همام.

وعن كيفية التعامل معهم يقول رامى ربيع نجل صاحب المقهى: لهم إشارات خاصة مثلا عندما يريد شيشة يضع إصبعه على فمه، ومن يريد شايا يضع إصبعه على وجهه، وعندما يريد ينسون يضع يده على حلقه، أما القهوة فإنه يشير بإصبعيه في مسافة متوسطة.
وهم مجانين فى حيث كانت اللعبة المحببة لديهم ويلعبون الشطرنج والدومينو على فترات.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة