◄أهدر الوقت والمال فى مناقصات فاشلة لتحديد استشارى عالمى لاختيار موقع المشروع رغم اختياره منذ الثمانينيات..
ربما لا يدرك الدكتور حسن يونس، وزير الكهرباء والطاقة، دور وسائل الإعلام والصحافة، وربما يرفضه من الأساس - هذا حقه كمواطن عادى - لكن منصبه التنفيذى كأحد وزراء الحكومة، ومسئوليته المباشرة عن وزارة الكهرباء التى تتولى الإشراف على مشروع إنشاء المحطات النووية، يفرضان عليه التعامل مع وسائل الإعلام، حتى وإن كره ذلك، خاصة مع موجات التشكك التى تصاعدت فى الفترة الأخيرة، حول نية الحكومة فى التراجع عن مشروع المحطات النووية، تمهيداً لتخصيص موقع الضبعة الأنسب له فى مصر، للاستثمار السياحى وهو ما أكده فشل المفاوضات مع شركة «بكتل» الأمريكية، بعد أن أهدرت المناقصة ومفاوضاتها عاما كاملا من عمر المشروع.
احتجاب وزير الكهرباء عن الإعلام، ليس بسبب أوامر عليا بالتأكيد، لأنه هو من أصدر تلك الأوامر بعدم التعامل مع وسائل الإعلام لجميع مسئولى وزارته، ولرؤساء الهيئات النووية المتشابكة مع المشروع، لأسباب أجمع خبراء سابقون وحاليون أن مبعثها خوف الوزير من مواجهة الرأى العام بما يستفزه حول موقع المشروع، وهو ما كشفته تصريحات الوزير القليلة جدا، عبر مستشاريه الإعلاميين، التى أظهرت أن هناك نية بالفعل للعدول عن موقع الضبعة، واستبداله بأى موقع آخر، حتى وإن تسبب ذلك فى إجهاض المشروع بالكامل، كما حدث من قبل فى ثمانينيات القرن الماضى، وفى الستينيات، فضلا عن رفض أهم خبراء الطاقة النووية فى مصر لفكرة البحث عن مواقع بديلة، لأنها ستستهلك 5 سنوات على الأقل من عمر المشروع، بينما هناك موقع جاهز أثبتت الدراسات، التى تكلفت 800 مليون جنيه تقريبا، أنه الأنسب والأفضل فى مصر لإقامة المحطات النووية.
ورغم ذلك، تفكير وزارة الكهرباء ذهب إلى إجراء مناقصة؛ لاختيار مكتب استشارى دولى، للإشراف على مراحل المشروع الفنية، بدءا باختيار الموقع، وتحديد التكنولوجيا المناسبة، وحتى دخول المحطة للخدمة، وهو تفكير يبدو مناسبا لدولة لا تملك الكوادر البشرية المناسبة، ولا ينتشر علماء الذرة الذين أنجبتهم بأشهر المحافل الدولية، بل إن مصر لها سابقة خبرة فى هذا المجال، بحسب تأكيد الدكتور حامد رشدى القاضى، الرئيس الأسبق لهيئة الطاقة الذرية، الذى فجر مفاجأة بتأكيده أن الفترة التى استغرقتها عميلة إنشاء المفاعل البحثى الذى أنشأته هيئة الطاقة الذرية بالتعاون مع الأرجنتين فى أنشاص، لم تتعد الخمس سنوات، فى حين أن الدراسات الجديدة التى سيقوم بها المكتب الاستشارى الذى فشلت الوزارة فى اختياره حتى الآن لاختيار موقع المحطة النووية، ستهدر نفس الفترة أو أكثر قليلاً.
القاضى انتقد إصرار وزارة الكهرباء على اختيار استشارى للمشروع، رغم أنه كان يمكن البدء فى وضع مواصفات المحطات مباشرة دون مكتب استشارى، عن طريق لجنة من الخبراء المصريين، بما يعنى أنه كان من الممكن البدء فى المشروع وتنفيذه دون الاستعانة ببيت خبرة أجنبى يهدر الوقت والمال «مليار جنيه تقريبا قيمة عقد الأعمال الاستشارية»، المؤكد أن الدكتور حسن يونس، لا يقل وطنية ولا نزاهة عن كثيرين من رجال مصر الشرفاء، لكن حماسه لإنجاز مشروع المحطات النووية يبدو أقل كثيرا، ورغم أن يونس أحد الوزراء القلائل البعيدين عن دائرة الجدل، إلا أن مسئولية وزارته عن الملف النووى، والطريقة التى يدير بها هذا الملف خفضا كثيراً من أسهمه، التى وصلت إلى أقصى درجات انخفاضها بعد فشل التعاقد مع شركة «بكتل» الأمريكية، كاستشارى للمشروع، وبعد إهدار عام كامل على المناقصة ومفاوضتها بين «بكتل» ووزارة الكهرباء، وهو الفشل الذى حذر منه الدكتور حافظ حجى، الرئيس الأسبق لهيئة المحطات النووية، والمقيم بفيينا حالياً، مؤكداً أن أى تأخير لمشروع المحطات النووية سيؤدى إلى إجهاض المشروع بالكامل..
ويعدد حجى الأسباب التى بنى عليها كلامه بمنطق علمى فى نقاط؛ أولها أن تجهيز موقع بديل للضبعة يحتاج إلى 5 سنوات على الأقل، وأن فترة التعاقد على المحطة النووية ستمتد بعدها لثلاث سنوات أخرى، لنتأخر بذلك كثيراً عن البدء فى البرنامج بشكل يضاعف من تكاليف إنشاء المحطات عدة مرات، ليختم كلامه فى النهاية قائلاً: «بناء على ما تقدم، أنصح بالإعلان عن موقع الضبعة كموقع للمحطة النووية الأولى، واختيار النوع المناسب من المحطات النووية، مع إشراك الخبراء السابقين والحاليين فى هذا الاختيار، والتعاقد المباشر لإنشاء المحطة النووية الأولى بالضبعة دون تأخير».
لاشك أن وزير الكهرباء يعلم برأى الدكتور حافظ حجى، والدكتور حامد رشدى القاضى، وغيرهم من علماء الطاقة الذرية البارزين فى مصر، فضلا عن بعض مسئولى الهيئات النووية ولجنة الطاقة بمجلس الشعب والحزب الوطنى، لكن تمسكه بإتمام مناقصة استشارى المشروع التى تعطلت أكثر من مرة، والتى كشفها تصريحه الأخير بقرب توقيع عقد الأعمال الاستشارية مع شركة «بارسونز» الاسترالية، خلال أيام، وهى التصريحات نفسها التى أعلنها يونس ومسئولو وزارته 5 مرات على الأقل خلال 5 أشهر بعد اختيار «بكتل» أواخر 2008، وحتى الإعلان عن فشل المفاوضات معها منذ أسبوعين، وهو ما توقعته «اليوم السابع» منذ عدة أشهر، وحذرت عبر إصداريها الإلكترونى والورقى، من تداعياته السلبية على المشروع ككل. ورغم فشل المفاوضات مع «بكتل»؛ إلا أن وزارة الكهرباء استمرت على موقفها المعادى للشفافية، فأعلنت فى البداية أن سبب فشل المفاوضات متعلق بصياغات العقد القانونية فقط، بعيداً عن النواحى الفنية أو المالية، لرغبة وزارة الكهرباء فى أن تتماشى بنود العقد مع القوانين والقواعد المصرية، ثم تبدلت تصريحات الوزارة لتؤكد أن الخلاف الرئيسى مع «بكتل» دار حول بند «تاريخ بدء الأعمال» الذى اشترطت هيئة المحطات النووية عدم وضعه فى العقد، وهو ما يشير بوضوح إلى عدم وجود قرار واضح لبدء الأعمال بالمشروع فى الوقت الحالى، لأسباب لا يعلمها إلا وزير الكهرباء، بصفته المسئول الأول عن المشروع، أو أنه لا يملك سلطة إصدار مثل هذا القرار، إن صح التصور السابق، فهذه كارثة تنتظر الوقوع، ولا تعنى إلا أن مصير المشروع النووى المصرى معلق بقرار لا يعرف أحد من يملك سطلة إصداره.
لمعلوماتك...
◄2001 تولى حسن يونس منصب وزير الكهرباء والطاقة فى حكومة نظيف الأولى
حسن يونس الذى لا يتكلم إلا من وراء حجاب ويتعامل مع المشروع النووى باعتباره سراً حربياً..
لماذا ضيع وزير الكهرباء سنة كاملة على مصر فى مفاوضات فاشلة مع بكتل؟
الخميس، 14 مايو 2009 09:50 م
حسن يونس
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة