أكرم القصاص - علا الشافعي

إبراهيم داود

صناعة الأنفلونزا

الخميس، 14 مايو 2009 09:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
1
نشرت «المصرى اليوم» الأربعاء الماضى أن رؤساء التحرير الجدد شاركوا فى اجتماع المجلس الأعلى للجنة السياسات، وأمطروا السيد جمال مبارك بالأسئلة، أحدهم سأله عن مستقبل الزراعة، وهناك من سأل عن مخصصات الدعم والقضايا الاجتماعية فى الموازنة الجديدة، وثالث عن «فشخرة» رجال الأعمال، وأسئلة أخرى من هذا القبيل، إلا أن سؤالا (لم تحدد الجريدة صاحبه) حول ما يتردد عن قيام أمريكا بتضخيم أزمة أنفلونزا الطيور للتغطية على الأزمة المالية العالمية، أجاب أمين اللجنة: «لست من أنصار نظريات المؤامرة ذات الخيال الواسع»، فى اليوم التالى كشف محمد المخزنجى «فى الشروق» عن مقال نشر فى 14 أغسطس 2008 (أى قبل هوجة أنفلونزا الخنازير بثمانية أشهر) كتبه الأمريكى من أصل ألمانى فريدريك وليام إنجداهل، عنوانه «مشروع البنتاجون المزعج، حرب بيولوجية بمصل أنفلونزا الطيور» يقول فيه: «توجد دلائل مزعجة تفيد بأن جهات فى الولايات المتحدة توشك - إن لم تكن أكملت - أن تحول أنفلونزا الطيور إلى سلاح بيولوجى، ربما يطلق وباء جديدا فى أرجاء الكوكب، قد يكون أشد فتكا من الأنفلونزا الإسبانية عام 1918» وكشف المقال أيضا أن فيروس أنفلونزا الطيور نتج عن الهندسة الوراثية فى الولايات المتحدة، باستخدام المادة الوراثية لوباء 1918، بعد استخدام فيروساته من رفات شخص مجمد مات بهذا الوباء فى آلاسكا، ودمجها مع المادة الوراثية لفيروس H5N1 فى وسط للإكثار من خلايا الكلى البشرية، مما يسمح للفيروس الهجين بالتعرف على الخلايا البشرية، ومن ثم غزوها.

المخزنجى لا يستبعد نظرية المؤامرة وعنده حق، لأنه فى 2008 نقلت الصحافة الكندية من تورينتو أن «تجربة فى مكان ما، تهدف إلى دمج فيروس أنفلونزا الطيور بسلالة من الأنفلونزا البشرية، أدت إلى إنتاج فيروسات هجينة لها فاعلية تفوق أنفلونزا الطيور بخمس مرات مما يعنى أنها حافظت على شراسة أسلافها».

2
امتلأت الدنيا بالنصائح، وظهر رجال الدين فى الصورة، ودخل شعبان عبدالرحيم على الخط، واهتم به معهد الشرق الأوسط لأبحاث الإعلام «ميمرى» (وهو منظمة أمريكية إسرائيلية مهمتها مراقبة الإعلام المصرى والعربى كما قالت «المصرى اليوم») لأنه غنى «كوارثنا زادت كارثة، والوضع شكله خطير، قال يعنى كانت ناقصة، أنفلونزا الخنازير، ماهوش هايجرى حاجة، لوماتت الخنازير، أحسن ما نجيب كمامة، ونتعب المناخير... ايييه »، تحول الموضوع الخطير إلى زفة يتحدث فيها الصحفيون والمذيعون ولا يتحدث أهل الاختصاص من العلماء، باستثناء الذين يكتبون فى الصحف عن كل شىء، مثل عبدالهادى مصباح الذى يكتب فى الموضوعات العلمية بخيال أجاثا كريستى.

طارق عدنان باحث مصرى شارك فى أبحاث تطوير اللقاح المضاد لأنفلونزا الطيور «دوليا» كان أحد القلائل الذين تحدثوا عن الموضوع فى روزاليوسف (الأربعاء)، وقال إن أول تاريخ مسجل لانتشار الأنفلونزا كوباء سنة 1510م وتوالى تسجيل 31 وباء للأنفلونزا، أكثرهم انتشارا سنة 1918 المسمى بالأنفلونزا الإسبانية (وكان باكورة برامج الأسلحة البيولوجية الأمريكية كما ذكر المخزنجى أيضا)، ثم الأنفلونزا الآسيوية عام1957، ثم أنفلونزا هونج كونج عام 1968، ثم عودة لأنفلونزا الخنازير 1977، وأنفلونزا الطيور، وأخيرا أنفلونزا الخنازير، وقال إن دخول الصيف سيحد من تأثير الأخير، وأنه بعد خمسة أشهر سيتم إيجاد لقاح مكون من الفيروس المقتول، وغالبا سيكون لقاحا نوويا (لا أعرف كيف؟)، وكان بقية الموضوع صعبا على قارئ بسيط مثلى.

الدكتور هشام عيسى قال فى الفجر إن الشفاء من أنفلونزا الخنازير ممكن بنسبة 100 % بشرط تناول «تاميفلو» وهو كلام لا أحد يعرف مدى صحته، لأنه لو كان كذلك لما قامت الدنيا، ولأن هذا العقار كان معدا فى الأصل كعلاج لمرض الإيدز، وكانت شركة جلعاد ساينسز المنتجة له يرأسها رونالد رامسفيلد، وعندما جاءت أنفلونزا الطيور قام العقار بالواجب، وبعد تعيين رئيس الشركة وزيرا للدفاع فى 2001 أمر بشراء ما قيمته مليار دولار من العقار لتحصين العسكريين الأمريكيين ضد فيروس H5N1.

ورغم تفاؤل عيسى والذى أبرزته الجريدة فى العناوين، فإنه متخوف من مكافحة الوباء الجديد إذا ظهر فى مصر، لأننا إذا قارنا أنفلونزا الطيور التى دخلت مصر 2006 بالدول التى عرفت هذا المرض قبلنا، وكانت الإصابات فيها أكثر، سنجدها قد تخلصت من المرض نهائيا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، دخل الوباء إندونيسيا عام 2004 وكان عدد الحالات فى ذلك الوقت 20 حالة، ثم أصبحت 55 حالة، وفى هذا العام لا توجد حالة واحدة، بينما استوطن هذا المرض فى مصر وأصبح مجموع الحالات فى العالم كله سنة 2009 هو 26 حالة، منها 17 فى مصر و7 فى الصين و2 فى فيتنام، والسبب فى ذلك لا علاقة له برؤساء التحرير الجدد ولا بلجنة السياسات، ولكنه يرجع، كما هو معلوم، إلى عدم توافر الشروط الصحية فى السكن، وعدم وجود مياه صالحة، وبسبب الزحام فى المواصلات العامة، وتدنى الخدمات الصحية وغير الصحية، بالإضافة إلى كل الأمراض التاريخية التى تحرص الأنظمة المتعاقبة على توريثها للمواطنين.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة