◄جورج إسحاق: يأس المصريين وراء انتشار مثل هذه الحملات.. ولو جمعنا 100 ألف «يبقى إنجاز هايل وسط ثقافة الخوف»
عندما أراد الزعيم السياسى سعد زغلول فى أوائل القرن الماضى السفر إلى لندن لعرض مطالب مصر على الحكومة الانجليزية، رفض السير ريجينالد ونجت المعتمد البريطانى وقتها ذلك الطلب، بحجة أن سعد زغلول لا يمثل الشعب المصرى، فأعلن زغلول عن الحملة المليونية لتفويضه للتحدث باسم الأمة، ونظم أكبر حملة لجمع التوكيلات من الشعب المصرى؛ لإعطائه الحق، رسميًّا وقانونيًّا، بالتحدث باسمه.
وعلى الرغم من أن الحملة لم تصل أبدًا إلى رقم المليون توكيل، الذى أعلن عنه فى البداية سعد زغلول، لكنها كانت كافية وقتها لتحريك المياه الراكدة، لتظل هذه الحملة هى الأبرز فيما اتخذته من الجدية فى الفكرة والتنفيذ لتصبح مثلاً يحتذى به فى الحملات الشعبية، لكن الأمر اتخذ مؤخراً طابع «الاستسهال» فى إقامة مثل هذه الحملات، فالمصريون يمسون ويصبحون على حملات مليونية لا دور لها فى الواقع سوى جمع بعض التوقيعات، لينتهى الأمر عند ذلك.
«حملة المليون توقيع لعزل الدكتور يسرى الجمل من منصبه كوزير للتربية والتعليم» هى آخر الحملات المليونية التى تم الإعلان عنها مؤخراً بهدف الحصول على توقيعات من الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، بالإضافة إلى الشخصيات العامة لعزل الجمل من منصبه بسبب التخبط والتضارب فى اتخاذه للقرارات التى تخص المعلم والطالب. ورغم عدم وجود أى شكل قانونى لجمع المليون، فالحملة لا توفر سوى موقع إليكترونى لجمع التوقيعات، إلا أن ناجى أبوالنجا رئيس جمعية «اليوروأفروآسيوية» للمعلمين والتى أطلقت الحملة يرى أنه فى حال تبنى أحد المحامين لفكرة الحملة والدفاع عنها سيؤدى ذلك إلى اتخاذ الشكل القانونى الذى سيمكنهم من عزل الجمل.
ويستشهد أبوالنجا بأعضاء مجلس الشعب الذين يحتاجون لأصوات المواطنين لدخول المجلس، قائلا: «الوزير هو خادم للشعب، وإذا رفضه الشعب فيجب أن يتخلى عن منصبه»، ويتوقع أبوالنجا أن يتعدى عدد التوقيعات المليون؛ لأنه يرى أن كل بيت فى مصر يعانى من سياسات التعليم الخاطئة، وعند ذلك يمكن تحريك عدد من الدعاوى القضائية فى أكثر من جهة. الحملات المليونية لا تعد ولا تحصى، منها على سبيل المثال «حملة المليون توقيع» التى أعلنها حزب مصر العربى الاشتراكى، فى إطار دعم موقف منتظر الزيدى عندما قذف حذاءه فى وجه الرئيس السابق جورج بوش، بالاضافة إلى «حملة المليون توقيع» التى أطلقها المركز المصرى لحقوق المرأة للمطالبة بإقرار قانون يجرم التحرّش الجنسى فى الشارع المصرى، والتى سبقها حملة «شارع آمن للجميع»، وذلك بعد أن تلقّى المركز عشرات الشكاوى من نساء مصريات وأجنبيات تعرّضن للتحرّش الجنسى فى الشوارع.
سعد الدين إبراهيم أطلق حملته المليونية الخاصة وهى «حملة المليون توقيع لتغيير الدستور المصرى»، غير حملة «استرجل» التى أقامها رابطة «طلاب من أجل فلسطين» لجمع مليون توقيع من الطلاب على بيان يرفض توجُّه مصر فى الحرب على غزة، على أن يوصل وفد من الطلاب هذه المطالب إلى وزارة الخارجية. بالإضافة إلى الحملة المليونية لجمع توقيعات الشعب المصرى لرفض التمديد لقانون الطوارئ، والتى أقامتها مؤسسة عالم واحد.
أما أشهر حملات التوقيع المليونية والتى أثارت ضجة كبيرة وقتها، فكانت حملة المليون توقيع لمناصرة الأقصى والتى جابت معظم الدول العربية دون مشاكل تذكر حتى وصلت إلى مصر لتفاجأ بتضييق أمنى شديد أدى إلى فشلها فى الحصول على التوقيعات، ورغم أن الحملة كانت تهدف بالأساس للحصول على 400 ألف توقيع فقط من مصر، إلا أنها لم تستطع حتى إكمال 150 ألف توقيع.
الملفت للنظر فى معظم الحملات السابقة هو فشلها فى تحقيق أى من أهدافها، وفشلها أيضا فى الحصول على مليون توقيع أو توكيل، حيث تصل مجمل التوقيعات التى تحصل عليها أى حملة 20 ألف توقيع على أقصى تقدير، بينما انتهت معظم الحملات بمجرد بضع مئات من المتضامنين.
جورج إسحاق منسق حملة «مليون توقيع لإلغاء معاهدة كامب ديفيد» يرى أن انتشار مثل هذه الحملات يرجع إلى يأس المصريين، بعد أن جربوا جميع أنواع الاعتراضات من المظاهرات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية دون جدوى، ويفسر عدم تجاوب المصريين مع هذه الحملات بأنهم أصبحوا «فاقدى الروح».
ويعترف إسحاق بعدم قدرة كل الحملات المليونية فى الوصول إلى رقم مليون، قائلاً: «لما أقول حملة المليون ويوقع 100 ألف يبقى ده إنجاز هايل وسط ثقافة الخوف التى نعيش فيها»، ويبرر توقف حملته عند الـ20 ألف توقيع، بقوله: «الواحد ما يقدرش يعمل كل حاجة لوحده».
ويفسر إسحاق اقتصار نشاط هذه الحملات بالتوقيع فى المواقع الإليكترونية بقوله: «لو اتبعنا الشكل القانونى وطلبنا من الموقعين توكيلات من خلال البطاقات الشخصية ماحدش هيرضى، إنما لو مجرد اسم عالنت الناس ممكن تشارك».
«تجميع آلاف التوقيعات لإلغاء كامب ديفيد ليس معناه أن ذلك يجوز من الناحية القانونية» هكذا يفسر إيهاب سلام المحامى والناشط فى مجال حقوق الإنسان الأمر من الناحية القانونية، ويصف الحملات المليونية بأنها مجرد وسيلة للتعبير عن الرأى، قائلاً إن من يدعو لها يريد أن يقول إن هذا ليس رأيه وحده، إنما رأى آلاف وملايين غيره، ويرى سلام أن انتشار هذا النوع من الحملات يحمل جوانب إيجابية وأخرى سلبية، فمن ناحية ينشر فكرة الإضرابات والاعتصامات السلمية كوسيلة للحصول على الحقوق، لم يكن يستخدمها المواطن فى زمن سابق، لكن من الناحية الأخرى هذه الحملات تحتاج للنضج والدراسة، حتى تستطيع القيام بدور فعال، ويقسم سلام هذه الحملات إلى نوعين، نوع منها للتنفيس عن الغضب وهو النوع الغالب، أما النوع الآخر فمنظم ومرتب ويصل إلى هدفه.
لمعلوماتك...
◄3 سنوات، العقوبة التى يقضيها الزيدى فى السجن بعد إدانته بالاعتداء على رئيس دولة أجنبية