اليوم السابع ينشر نص شهادة كميل حليم أمام الكونجرس الأمريكى

الخميس، 14 مايو 2009 08:19 م
اليوم السابع ينشر نص شهادة كميل حليم أمام الكونجرس الأمريكى حليم انتقد أوضاع حقوق الإنسان بمصر فى شهادته أمام الكونجرس
كتب جمال جرجس المزاحم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حصل اليوم السابع على الشهادة التى ألقاها "كميل حليم" رئيس التجمع القبطى الأمريكى وزعيم أقباط أمريكا أمام لجنة حقوق الإنسان بالكونجرس الأمريكى، حيث ألقى الشهادة باللغة الإنجليزية، بحضور عدد كبير من الحقوقيين الأسبوع الماضى.

نص الشهادة
"حضرات أعضاء لجنة حقوق الإنسان الموقرين. يشرفنى أن أمثل أمامكم اليوم لأقدم شهادة عن الانتهاكات الصارخة للحريات الدينية فى مصر. اسمى كميل حليم رئيس التجمع القبطى الأمريكى، وهى منظمة لا تهدف للربح تدافع عن حقوق الإنسان والحريات الدينية. مولود فى مصر وجئت لأمريكا وأنا شاب منذ حوالى 40 عاما. عشت فى مصر، ولا تزال عائلتى وأصدقائى يعيشون هناك. وعلمتنى حياتى فى أمريكا كيف يمارس الجميع حقوق الإنسان ويحترمونها، وفى مصر شاهدت التمييز والاضطهاد الذى تعانى منه جميع الأقليات الدينية، وكيف يجدون صعوبة فى ممارسة حقوقهم وشعائرهم الدينية بحرية. ويحزننى أن احترام وطنى الأم (مصر)، الذى أحبه، لهذه الحقوق قد تدنى إلى أقصى حد فى السنوات الأخيرة.

الأسبوع الماضى فقط شاهدنا جميعا وفى رعب كيف نفذت مصر قرارها الطائش بذبح جميع الخنازير على الرغم من أنه لم يكن هناك دليل على وجود حالة واحدة مصابة بالمرض، وعلى الرغم من الدليل الطبى المعروف أن المرض ينتقل عن طريق الإنسان لا الحيوان، وبالطبع إن قرار الذبح لم يمس غير المزارعين المسيحيين الفقراء الذين يعيشون فى أقذر أحياء القاهرة.. ويقتاتون على دخلهم الضئيل من بيع لحم الخنازير وجمع القمامة. وفى مقالة نشرت فى الصفحة الأولى للنيويورك تايمز بتاريخ 1 مايو 2009 أوضحت الجريدة أن الخطوة "فاقمت العلاقات المتوترة بين الأغلبية المسلمة والمسيحيين الأقباط فى مصر، وأن العديد من مربى الخنازير فى مصر قالوا إن قرار الحكومة ليس إلا تعبيرا جديدا عن كراهية المسيحيين"، وأن الإجراء سيضع نهاية لمعاشهم لسنوات قادمة. وفى مواجهة السخط الدولى على ما حدث اعترفت وزارة الصحة أخيرا أن الإجراء لم يتخذ خوفا من انتشار أنفلونزا الخنازير بل من أجل الصحة العامة. لم يكن هذا إلا مثالا آخر على التمييز ضد المسيحيين، استغلت الحكومة خوفا لا أساس له للمضى فى سياساتها التمييزية.

واليوم أحاول أن أرفع أصوات هؤلاء المزارعين وغيرهم من الأقليات الدينية الذين يعانون فى مصر أملا أن تشاركوا فى تبنى مشروع قرار مجلس النواب رقم 200، وهذا القرار تشريع مميز ينفذ ما قصد من القانون الدولى للحريات الدينية لعام 1998. والقانون يطلب ببساطة من الحكومة المصرية أن تحترم المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والحريات الدينية. ويشير أحدث تقارير الحريات الدينية الصادر عن لجنة الحريات الدينية بوزارة الخارجية الأمريكية إلى تراجع ثابت فى احترام ممارسات الحريات الدينية فى مصر، وهناك شاغل دولى ومحلى أدى إلى اتخاذ قرارات تدين السجل المزرى لحقوق الإنسان فى مصر. وهناك تقارير عن أمثلة لا حصر لها لتدنى احترام مصر لحقوق مواطنيها.

بوصفكم أعضاء لجنة حقوق الإنسان التابعة للكونجرس، فإنكم تملكون القدرة الفريدة أن تكونوا صوتا لمن لا صوت لهم، فالرجال والنساء والأطفال فى مختلف أنحاء العالم الذين يعانون من الاضطهاد الدينى على أيدى القادة المستبدين يتطلعون إليكم من أجل الأمل والعمل.
يظهر اتخاذ قرار مجلس النواب رقم 200 أن الولايات المتحدة الأمريكية تولى الأولوية للمبادئ التى قام عليها هذا البلد: الديموقراطية وحقوق الإنسان وحرية العقيدة. الكثيرون هنا جاءوا إلى أمريكا لأننا نؤمن بمثلها العليا والمبادئ التى قامت عليها. ويتيح القرار الفرصة لحكومة الولايات المتحدة لاستعادة مكانها الصحيح باعتبارها منارة حقوق الإنسان والحريات الدينية للجميع. وتظهر أن الولايات المتحدة لا تغض النظر عن انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الدينية، خاصة عندما يرتكب حلفاؤها تلك الانتهاكات.

وفى تقاريرها السنوية اعترفت وزارة الخارجية ومفوضية الولايات المتحدة للحريات الدينية، أن الحكومة المصرية مسئولة بشكل مباشر عن ارتكاب انتهاكات الحريات الدينية، وقالت التقارير أيضا إنه عند ارتكاب مواطنيها الانتهاكات تكون الحكومة مشاركة فى الغض عن هذه الانتهاكات وعدم معالجتها بالوسائل القانونية أو غيرها من الوسائل.

إننى أحثكم أن تتصوروا أنفسكم فى المواقف التالية:
1-أن يدمر حريق كنيستكم المحلية من عشر سنوات ولا تجدون بديلا لأن ترخيص بناء كنيسة يتطلب قرارا من الرئيس، وعندما يتوفى أحد أفراد أسرة تضطرون لحمل النعش إلى كنيسة قرية أخرى من أجل مراسيم الجنازة على بعد 40 ميلا فى طريق شق منذ آلاف السنين وكان مخصصا للجياد والحمير. وتتخذ نفس الرحلة فى حالات الزواج والتعميد وخدمات يوم الأحد المعتادة.

2-على الرغم من وجود الأدلة فإن المعتدى الذى يقتل أخاك ويحرق بيته لمجرد أنه يختلف عنه فى عقيدته الدينية لا يقدم للمحاكمة. وأيضا تحت ضغط السلطات المحلية تمنع من اتخاذ الوسائل القانونية للحصول على تعويض عن الأضرار التى تلحق بك. ومن حقك أن تغضب وتثور ولكن ليس لك متنفسا لأنك تعلم أنه على مدى لا يقل عن 20 سنة أو أكثر لم تجر محاكمات تذكر فى مثل هذه الحالات على الرغم من كثرة حوادث العنف الطائفية.

3-أنك تقرر التحول من دين إلى دين آخر ولكن طبقا للقانون المدنى فإنك بهذا الاختيار تفقد حقوق الوراثة وحضانة أطفالك، ولا تحصل على بطاقة هوية تثبت دينك الحقيقى، وبدون بطاقة هوية لن يكون فى إمكانك استئجار شقة أو أن تحصل على عمل، أو تؤدى أى نشاط من الأنشطة اليومية المعتادة. ويتعرض المتحول دينيا لمضايقات وبشكل روتينى من سلطات الأمن ومتابعتها له، وتدرك تماما أن هذا الاختيار البسيط يعرض حياتك للخطر.

4-وعلى مدار يومى تستخدم أموالك التى تدفعها كضريبة فى الانفاق على وسائل الإعلام (صحف وتليفزيون) التى ترعاها الحكومة فى النيل من دينك وأحيانا التحريض على استخدام العنف ضدك أو ضد جيرانك. كما تستخدم أموال الضرائب فى تمويل الجامعات التى يحرم عليك دخولها ببساطة بسبب دينك، أو دفع مرتبات رجال دين بينما يحرم رجال دين آخرون من أى دعم مالى من الضرائب التى تدفعها.

5- إذا أحبطك ما تراه من انتهاكات الحكومة للحرية الدينية وأمكنك أن تثبت إحباطاتك على موقع شخصى على الإنترنت، بعد أيام تعتقل وتعذب، وتسجن شهورا دون أن توجه إليك اتهامات، وربما يحكم عليك بالسجن بتهمة إهانة الأديان، وتتعرض أسرتك للمضايقات وتعقب قوات الأمن التابعة للدولة.

بالنسبة للأقليات الدينية فى مصر، ما ذكرناه سابقا ليس من نسيج الخيال بل هو الواقع. المسيحيون الأقباط يشكلون أكبر أقلية فى مصر، وآخر كتلة مسيحية كبيرة فى الشرق الأوسط ولذلك فهى أكثر تعرضا للتمييز الطائفى. ومع ذلك فالبهائيون واليهود وغير المسلمين يعانون أيضا من التمييز والاضطهاد فى مصر. والمثل الذى قدمته هو مثل صادق للاضطهاد الذى تواجهه الأقليات الدينية. والمثل الآخر يتمثل فى حقيقة العدد الضئيل الذى يمثل المسيحيين فى مجلس النواب ومجلس الشورى والذى لا يتناسب مع عددهم، وليس هناك مسيحى رئيسا لجامعة أو عميدا لكلية، كما يواجه المسيحيون تمييزا فى تولى مناصب حكومية، وينطبق هذا على تولى مناصب قيادية فى الجيش أو قوات الأمن. أضف إلى هذا يواجه نشطاء الحريات الدينية أحيانا مضايقات أو يمنعون من دخول البلد أو الخروج منه، وتحظر قوات الأمن عمل المنظمات التى تدعو إلى التسامح الدينى وحقوق الأقليات.

وعدت مصر بمعالجة هذه الشواغل باحترام حقوق الإنسان، ولكن هذه الوعود لم يتم الوفاء بها، فمثلا القانون الموحد الخاص ببناء دور العبادة الذى يخضع جميع دور العبادة لنفس التنظيمات التى تطبق على بناء المساجد، ظل خامدا فى البرلمان لسنوات عديدة، ولم يتخذ الحزب الوطنى الديموقراطى وهو حزب الرئيس مبارك إجراء محددا حياله على الرغم من المطالبات المتكررة لتمرير القانون من قبل جماعات حقوق الإنسان داخل مصر وخارجها، ومن بينها مجلس حقوق الإنسان شبه الحكومى، ولا تزال الحكومة عاجزة بشكل مخزى أن تبرر تراخيها حول هذه المسالة.

علاوة على منع صدور هذا القانون، فإن الحكومة المصرية قوضت بشكل مباشر الجهود التى تقوم بها الهيئات المحلية والدولية للمساعدة فى مواجهة انتهاكات الحريات الدينية فى مصر، وعلى سبيل المثال رفضت الحكومة المصرية مرارا وتكرارا طلب الأمم المتحدة السماح بزيارة أحد أعضاء مكتب المقرر الخاص للحريات الدينية، كما رفضت السماح لمنظمة "مصريون ضد التمييز الدينى" أن يكون لها وضع هيئة غير ربحية.

الدفاع عن الحريات الدينية قضية نبيلة إلا أنها فى الشرق الأوسط تعنى أكثر من هذا، فالحكومة التى تعمل متعمدة ضد الحريات الدينية هى حكومة تشجع الراديكالية والتطرف، وكما نعلم فالتطرف يولد الكراهية والإرهاب وعدم التسامح، وبالتالى يعوق جهود السلام والأمن الوطنى للعالم أجمع. وهذا يشكل خطورة فى الشرق الأوسط بوجه خاص إذا وضعنا فى الاعتبار وضع مصر فى المنطقة بأكملها، فمصر ليست فقط أكبر بلد فى الشرق الأوسط ولكنها مركز ثقافى وفكرى، وما يحدث فى مصر ينتقل بسهولة إلى جيرانها، ومن أجل هذا فإن مناقشة الحريات الدينية فى مصر هى اكثر من مجرد مسألة تتعلق بحقوق الإنسان.
وعندما تحاول مصر أن تظهر لأمريكا والغرب أنها تعمل من أجل السلام فى الشرق الأوسط، فهى حقيقة تخفى وجهها الراديكالى الآخر ويتضح هذا الوجه عندما تقرأ فى الصحف أو تشاهد البرامج التليفزيونية التى ترعاها الحكومة يصبح فى إمكانك أن ترى فى وضوح المشاعر المعادية للغرب وكيف تسئ مصر معاملة أقلياتها وكيف تنتهك الحريات الدينية.

إن إقرار القانون رقم 200، الذى يدعم الحقوق لكل المصريين، فى مجلس النواب سيظهر للعالم أن الولايات المتحدة تعنى بالديموقراطية وحقوق الإنسان والحريات الدينية، وسيقرر القانون رقم 200 محاربة سياسة تشجيع الراديكالية التى تنتهجها الحكومة المصرية.

توصف مصر أنها زعيمة المنطقة، ففى مقدورها أن تصبح مثالا فى الشرق الأوسط، وفى إمكان مصر أن يكون لها نفوذ إيجابى فى المنطقة كلها لنشر التسامح الدينى ومحاربة الراديكالية، ولكن يجب على حكوماتها أن تمارس هذه السياسات أولا، وبوصفكم أعضاء فى الكونجرس فإنكم تملكون القوة لحمل مصر على أن تكون هذا المثال باحترامها لحقوق الإنسان والحريات الدينية، وأن تكون منارة تسامح يشع فى العالم أجمع. ونحن جميعا نعتمد على ما تتخذونه من إجراء فى هذه المسألة.
ونشكركم كثيرا على ما منحتوننا من وقت.

ملاحظة المترجم: مشروع القانون رقم 200 المعروض أمام مجلس النواب الأمريكى هو نفس مشروع القانون رقم 1303 والذى لم يقره مجلس النواب فى دورته السابقة وتم ترحيله إلى هذه الدورة تحت رقم 200، وهو ما زال مشروع قانون لم تبدأ مناقشته بعد. وتمارس مصر ضغوطا كبيرة حتى لا يخرج للنور، وذلك من خلال بعض جماعات الضغط فى واشنطن التى وظفتهم الحكومة المصرية مؤخرا للعمل لصالحها.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة