محمد حمدى

الإسلام الصحيح .. وتفاهة العقول

الخميس، 14 مايو 2009 02:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل وقوف المحامى المسلم للقاضى عند دخوله قاعة المحكمة يتعارض مع الدين الإسلامى؟.. سؤال تحول إلى قضية مثيرة جدا فى هولندا، بعد أن رفض المحامى الهولندى المسلم محمد عنايت الوقوف فى المحكمة بسبب تعاليم دينه، لكن مجلس تأديب المحامين هناك اعتبر تصرف عنايات ازدراء للمحكمة ووجه له توبيخا، وهدد بتعليق عضويته إذا لم يغير سلوكه.

ولم تقف الأزمة عند هذا الحد، وإنما تحولت إلى قضية تمييز دينى، حيث اعتبر المحامى أنه يتعرض للتمييز بسبب الدين، وقرر نقل القضية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وتساءلت الصحف الهولندية: هل سيقف أمام القاضى وقتها أم سيظل جالسا، وهل تعاليم الإسلام تمنع الوقوف فى المحاكم، وهل يطبق ذلك فى الدول الإسلامية أم لا؟

الأمين العام لاتحاد مساجد أمستردام قال لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية أمس "إن الوقوف للقاضى داخل المحكمة لا يتعارض مع الدين الإسلامى، وإن تعاليم الإسلام واضحة، والأعمال بالنيات، والوقوف للقاضى نوع من التقاليد والتحية والاحترام، وكل شعب له تقاليده، ولا أعتقد أن أحدا يحرم الوقوف للقاضى، وللأسف نحن بذلك نعطى الفرصة للآخرين، وخصوصا المتشددين، ليقولوا إن الإسلام غير معتدل".

وقال الشيخ محمد التمامى إمام وخطيب مسجد، إن الوقوف للقاضى لا يتعارض مع العقيدة الإسلامية، ويضيف: "وجهة نظر المحامى عنايت أنه يتصرف من منطلق أن الناس سواسية، ولكن للأسف هناك سوء فهم لديه، ونسى أن القرآن والأحاديث شددت على أن هناك أشخاصا لهم مكانة عالية، وهناك درجات فى تلك المكانة. فى نفس الوقت يشدد الإسلام على ضرورة احترام الآخرين".

المشكلة ليست فى انشغال المجمتع المسلم فى هولندا بهذه القضية فقط، وإنما فى الصورة الذهنية التى تشيع لدى الهولنديين والأوروبيين عن الإسلام، والقضايا التى تهم المسلمين، تماما مثل فتاوى من نوعية إرضاع الكبير وبول النبى صلى الله عليه وسلم، وغيرها من القضايا التى شغلنا بها الفقهاء والمتشددون، مما لا يتعلق بأصول الدين وإنما يدخل فى الفروع لكنه يحدث حالة من البلبلة لدى الناس.

الإسلام دين سماوى متكامل وهو خاتم الأديان، أنزله الله للبشر ليقول لهم هذا طريقكم، فاسلكوه، وهو دين يخاطب العقل ويدعو للعلم والتنوير، ولا يغلق الباب أمام البشر للاجتهاد خاصة فى أمور دنياهم، لكن المشكلة أن بعض من يدعون زورا وبهتانا الحديث باسم الإسلام يبدون مصرين على شغلنا فى توافه الأمور بدلا من العمل على نهضة الأمة.

تماما مثل المشغولين بالبحث فى أصول العلمانية التى نشأت كرد فعل على سلطة الكنيسة المطلقة فى أمور الحياة، ثم تحولت إلى دعوة لإعمال العقل، منها من أنكر وجود الأديان تماما، ومنها من يعترف بالدين، لكن أصبح كل ما يعنينا هو الحديث عن أن العلمانية هى المرادف الحقيقى للإلحاد رغم أن معظم من يعتقدون بحرية الفكر والتعبير فى العالم الإسلامى مسلمون مؤمنون يحافظون على دينهم ويؤدون الشعائر، ويغيرون على دينهم بنفس القدر الذى يتصدون فيه لمثل هذه الخزعبلات.

مشكلتنا أننا لا نريد أن نتقدم كما أمرنا ديننا الحنيف، ولا نبحث عن تحديث مجتمعاتنا، وإنما نصر على الانغلاق، وحصر أنفسنا فى دائرة من التشدد والتطرف، نضيق بالرأى الآخر، ونكره أى آخر، ونتشدد فى الدفاع عما نعتقد حتى ولو كان بغير حق، وكأننا نعود إلى الجاهلية الأولى.

وبينما يتقدم العالم سريعا فى شتى العلوم والفروع، وتتغير طبائع الحياة كل ساعة، ننشغل نحن بالبحث عن الزى الشرعى للمسلم، وشكل اللحية وهل هى طويلة أم محفوفة، ونوع النقاب، وطريقة ارتداء الحجاب، فحولنا الدين إلى مظاهر وملابس وفتاوى غريبة.. وتصرفات مثيرة مثل أن وقوف المحامى لدى دخول القاضى قاعة المحكمة حرام.. حرام عليكم!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة