اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، اختيار الرئيس باراك أوباما لمصر ليوجه من خلالها خطاباً للعالم الإسلامى، دليلاً على ما للقاهرة من ثقل ونفوذ إقليمى فى الشرق الأوسط. وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك الاختيار يعد انحيازاًهاماً لـ"أحد أهم حلفاء الولايات المتحدة فى المنطقة"، كما يعد هذا الاختيار بمثابة تعويض عن "الإحباط" الذى أصاب مصر خلال السنوات القليلة الماضية، أمام عجزها الدائم أمام شعبها عن شرح أسباب تمسكها بعملية السلام التى فشلت حتى الآن فى تأمين حياه كريمة للفلسطينيين.
وقالت الصحيفة فى تقريرها الذى كتبه مايكل سلاكمان، مستعيناً بآراء مختلف التيارات السياسية المصرية، إن اختيار القاهرة كمنصة يتحدث أوباما من خلالها، إلى العالم الإسلامى، قد أثار غبطة المسئولين المصريين، خاصة بعد مضى ثمانية أعوام عجاف، شعرت خلالهم مصر بعدم التقدير والتخويف من قبل إدارة الرئيس الأمريكى السابق، جورج بوش.
ويرى المسئولون أن هذه الخطوة أثبتت أن مصر مازالت عاصمة العالم العربى، كما طمأنت مخاوفهم التى تنطوى على تهميش واشنطن لحلفائها العرب وتقويضهم مقابل التوصل إلى اتفاق مع غريمتهم إيران. وينقل سلاكمان ـ كاتب التقرير ـ عن وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، قوله إن "اختيار القاهرة كان ملائماً، فهى عاصمة الاعتدال الإسلامى والهيمنة الثقافية فى العالم العربى والإسلامى".
وعلى الرغم من ذلك، يرى المحللون السياسيون والمدافعون عن حقوق الإنسان أن قرار أوباما للتحدث إلى الجمهور العربى المتشكك، قراراً محفوفاً بالمخاطر، نظراً لأن مصر دولة استبدادية توقفت فيها الإصلاحات الاقتصادية والسياسية تحت مظلة حكم الرئيس المصرى حسنى مبارك، الذى استلم زمام الحكم منذ ما يقرب من ثلاثة عقود.
وأوضحت الصحيفة أن هذه العوامل ستضع أوباما تحت طائلة الضغط حتى يعالج قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان. والمعروف عن الحكومة المصرية أنها تنزعج عند التعرض للضغط الخارجى، وغالبا ما ترى جموع العامة أن دعوة زعماء الغرب إلى الديمقراطية يشوبها النفاق.
وتتطرق الصحيفة إلى أيمن نور، زعيم حزب الغد، لتنقل عنه قوله بأن "وقوف الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب الأنظمة الاستبدادية، هو السبب وراء خلق موجات الإرهاب فى العالم العربى، كما عزز من شوكة التشدد داخله".
وتستطرد: إن الزعماء والنشطاء المصريين يعولون على الرئيس الأمريكى، لمناقشة الأولوية الأولى بالنسبة للشعب المصرى المتمثلة فى فض النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فالسبيل لتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامى، يكمن فى فض هذا الصراع الذى أرهق المنطقة.
ويرى سلاكمان أن أوباما سيقلب الأوضاع رأساً على عقب فى المنطقة إذا تمكن من إقناع إسرائيل بتجميد بناء المستوطنات وتفكيك نقاط التفتيش وفتح معابر غزة. وأشار إلى القيادة المصرية تؤمن بأن عملية السلام تمثل مفتاح حل مشاكل المنطقة بأسرها، كما تمثل الطريق الوحيد لعودة نفوذها أمام تعاظم الدور الإيرانى فى المنطقة... وفى هذا الصدد، يوضح سلاكمان أن تل أبيب طالما حاولت إقناع العالم العربى بأن إيران العدو المشترك بينهم، وأنها تهدد دول الخليج العربى كما هو الحال مع إسرائيل.
من ناحية أخرى، ترى الصحيفة أنه حتى إذا تمكن أوباما من معالجة القضية الفلسطينية، سيبقى هناك موضوع شائك وخطير كالألغام الأرضية، ألا وهو الديمقراطية وحقوق الإنسان. إذا قام أوباما بالضغط على القاهرة فيما يتعلق بقضايا الحرية، فإنه يخاطر بعزل الحكومة المصرية التى يحتاجها لأسباب استراتيجية، كما قد تسفر هذه الخطوة عن إثارة مشاعر الغضب فى قلوب المصريين الذين كلوا من محاولات الغرباء لإملاء عليهم ما يجب فعله. وفى الوقت نفسه، إن لم يتطرق أوباما لهذه القضية الشائكة، سيتهم بإغفال مناقشة قضية هامة.
أما القيادى الإخوانى عصام العريان، فيقول "لم نر أى التزام من الجانب الأمريكى لدعم الديمقراطية واحترام رغبات الشعب العربى المسلم". وأخيراً يقول سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، إن وجود أوباما فى مصر وإلقاء خطابه من هنا يمثل "البنية التحتية للديمقراطية، التى تعنى بالنسبة لنا حكم القانون، واستقلال الهيئة القضائية، والإعلام الحر، والحكم الذاتى داخل المجتمع المدنى، والمساواة بين الجنسين. فإذا تم التأكيد على النقاط الخمس دون التحدث بشأن الديمقراطية، سيشعر الديمقراطيون فى الدول غير الديمقراطية بسعادة بالغة".
"نور" يعارض الزيارة.. و"العريان" يؤكد عدم التزام واشنطن بدعم الديمقراطية..
نيويورك تايمز: زيارة أوباما للقاهرة تعوضها عن إحباط السلام
الأربعاء، 13 مايو 2009 12:34 م