عجبت كل العجب لما آلت إليه الأخلاق.. فبالأمس القريب كانت هناك مبادئ وقيم.. ومثل عليا.. كنا نتحدث عنها جميعا بفخر.. واحترام.. نتباهى بأنها بنا.. نخجل من أنفسنا إن صدر من أحدنا ما يتنافى مع أى من قيمنا ومثلنا.. ونخجل ممن فعل هذا.. بل ويكون موضع نفور من أهله وأصحابه.. بل وموضع إقلال وإسفاف.
وكان المجتمع وقتئذ متماسكا.. متكاتفا.. نسيج واحد.. رافض الابتذال.. وكانت الرشوة مثلا مرفوضة.. إما لأنها محرمة فى الدين .. أو لأنها معول يهدم سلوكيات المجتمع.. وكان المرتشى منبوذا من الناس.. ومعلوما لهم ويشار إليه.. وهو فى إنكار دائم ..
ثم أخذت القيم تتلاشى حتى أصبح الآن المتمسك بها كالقابض على الجمر .. وأصبح الطبيعى أن تجد الموظف المرتشى .. بل ومصلحة حكومية بأكملها مرتشين .. والسوى فيها أصبح منبوذا ويشار إليه بالبنان، وكأنه آفة يجب إبادتها..‼ فأصبح هناك طبيب يتاجر بأمراض الناس بهدف جمع المال .. وضابط يفرض إتاوات ومرتبات يومية .. وموظف يركب سيارة فارهة باهظة الثمن .. دون أن يسأله أحد السؤال القديم .. من أين لك هذا ؟‼ .
أصبحت الأخلاق حتى حبر على ورق .. لدرجة أن جميع السيارات القديمة اختفت من الشارع أو كادت .. وانتشرت بدلا منها السيارات الحديثة.. من أين لنا هذا؟.. وقد استبدلنا القيم بالسيارة حتى أصبحت السياسة الدولية .. مرتبطة بالاقتصاد وأصبحا وجهان لعملة واحدة .. بل وأصبحت الحكومات تتاجر بشعوبها من أجل الدولارات ..
وأخشى ما أخشاه ان نصحوا يوما على بائع الجرائد ينادى بصوته على المانشيت الرئيسى ويقول .. القبض على واحد مش عاوز يبقى حرامى!!.. وتكون تلك هى النهاية!.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
