د.حمزة زوبع

أوباما عندنا .. ونتانياهو أيضا

الأربعاء، 13 مايو 2009 10:40 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على المستوى الشخصى، اعتبر الرئيس باراك حسين أوباما رئيسا "تحوليا"، أى قادر على إحداث تغيير حقيقى فى مجرى التاريخ المعاصر، وهو رئيس "تغييرى" حقيقى، لأنه وببساطة وبمراجعة سيرته الذاتية وقصة نجاحه نجد أن الرجل نجح غير مرة وفى غير موقع فى اجتياز أصعب المواقف والاختبارات فى طريقه الصعب نحو القمة، فى مجتمع صحيح أنه يتمتع بالحرية وهو بلد العجائب والفرص أيضا، إلا أن العنصرية لا تزال تختبئ فى بعض جنباته وتحرك مراكز القرار فيه.

أوباما الرجل الأسمر صاحب اللغة السلسة والبيان الواضح، أنجز فى مائة يوم من حكمه ما وعد به أمام ناخبيه، وهو إنجاز لا يقدر عليه إلا قائد حقيقى متمكن يرى أنه لا يمكنه وحده فعل شىء، بل يرجع الأمر كله إلى "نحن" وليس أنا.

قليلة هى وعوده، مؤثرة هى كلماته، وأعتقد أن سياساته خصوصا ما يتعلق بالشرق الأوسط ستكون ناجعة، ولعل إصراره على الضغط على "إسرائيل" وتمسكه بحل الدولتين وتلويحه بورقة النووى الإسرائيلى وضرورة انضمام "إسرائيل" لاتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية، والحديث المثار عن تخفيف القيود عن الحكومة الفلسطينية المقبلة، كلها إشارات تدل على أن أوباما رجل مختلف عن سابقيه ويريد أن يصنع شيئا.

السؤال الغبى الذى نطرحه دائما: هل سينحاز إلينا أم إلى "إسرائيل" ؟ يجب أن ننساه، ولا نعيد إنتاجه أو استنساخه على شكل أسئلة أشد غباء منه...
المسألة ببساطة هى مصالح أمريكا العليا ولو أن العرب فكروا فى مصالحهم العليا لاستطاعوا التأثير فى الآخرين، لكن انظر حولك لتجد الإجابة واضحة : نحن أمة تعمل لمصلحة أعدائها؟

ما الذى يدفع دولا عربية بعينها للحيلولة دون المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية ؟
ما الذى يمنع جامعة الدول العربية من أن تتناول ملف السلام بالكامل بدلا من توزيعه بالقطعة على الدول ( المركزية وغير المركزية )
لماذا يتحدث كل زعيم عربى يزور واشنطن باسم العرب وعند عودته ينفى أنه تحدث باسم أحد؟
ماذا نريد من أوباما ؟
هل نريد منه تحرير القدس ؟ إذن فماذا سنفعل نحن ؟ هل سنصفق له ونطلق عليه اسم صلاح الدين الأوبامى ؟ ونخلد ذكراه ونقيم له التماثيل؟
هل نريد من أوباما أن يوحد الفلسطينيين ؟ أم يضغط على الدول العربية الكبرى لتوحيدهم؟
أوباما يزور مصر وهو بكل حال موضع ترحيب، لأنه على الأقل لم يظهر منه عداء لأمتنا العربية ، بل بادر بخطابات وقام بزيارات واعتبر أن الحرب على الإسلام التى بدأها بوش انتهت إلى غير رجعة؟
أوباما اختار مصر لما لها من مكانة ومن تاريخ ومن تأثير أيضا، فمصر اليوم بما تشهده من حراك سياسى قل نظيره فى المنطقة يغرى الكثيرين بالمشاهدة والترقب عما ستسفر عنه الأيام المقبلة ! و لا أعتقد أن أوباما سيظل متفرجا كبقية خلق الله.
أمريكا لها مصالح وعليها التزامات وأمامها تحديات، بل هى غارقة فى واحدة من أكبر الأزمات، وللأسف فإن كل أزمات أمريكا الخارجية مرتبطة بعالمنا العربى والإسلامى ، ويوم تجد أمريكا أمة متحدة أو دولا حقيقية تحترم مواطنيها وترفع من شأن الحريات ستجد نفسها تتفاوض معها حول مستقبل المنطقة بدلا من التفاوض مع إيران.

حين يزور أوباما مصر فهذا ليس "نيشان" على صدر السلطة، لأن الرجل قرر ذلك وأعلن عنه قبل أن تعلن الحكومة المصرية ترحيبها بقرار أوباما بزيارة مصر. زيارة أوباما اعتراف بمكانة مصر وعبقرية المكان وحركة التاريخ على أرضها ... و هى أمور لا تتوفر فى أماكن أخرى من حولنا..

أوباما وهو يزور مصر ويوجه من فوق ترابها رسالته للعالم الإسلامى لن ينحاز إلينا كلية، ولكنه على الأقل سيخفف عن كاهلنا عبء الكراهية والضغط النفسى والعصبى والعسكرى الذى بدأه سلفه " بوش"، ولا أتصور أنه مطلوب منه أن يكون منحازا لنا أكثر من انحيازنا نحن إلى قضايانا .

أوباما وهو يزور مصر فى الرابع من يونيو يوجه رسالة "سلبية"، ولو كنت مكان المسئولين أو لى حق التدخل فى ترتيب الزيارة لجعلتها فى وقت آخر، فالرابع من يونيو تاريخ أسود انحازت فيه أمريكا والغرب ضد العرب .. و لا أعتقد أن أوباما كان غبيا حين وافق على هذا الموعد، لكننى سأرفع له القبعة لو قام بتغيير هذا الموعد أو أشار فى خطابه إلى أن هذا التاريخ لم يكن مقصودا به أى أمر آخر.

آخر السطر
فى الوقت الذى يزور أوباما مصر ويثور جدل حول زيارته، فإن مصر تستقبل نتانياهو الرافض لعملية السلام بكل ما قطعته من خطوات منذ الانتفاضة الثانية وحتى اليوم، ولا أعرف هل نستقبل نتانياهو لنضغط عليه أم ليضحك علينا كما فعل من قبل؟!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة