ملأ اليأس والإحباط الشباب داخل مجتمعنا، فالشاب يجتهد فى الثانوى ليدخل الكلية الذى يحلم بها وسواء دخلها أو دخل غيرها يظل بداخله حلم يوم التخرج، اليوم الذى سيعتزل فيه عالم المذاكرة والدراسة ليصبح شخصا جديدا.. سيصبح رجلا.. سيعمل ويحصل على راتب يحلم بأنه سيرد الجميل لأهله على رعايتهم له طوال سنوات الدراسة.. يحلم بأنه سيحصل على وظيفة وشقة وسيبحث عن فتاة أحلامه، وسيبنى أسرة يكون هو قائدها، ولكن فجأة يصطدم بالواقع.. فإذا كان لا يمتلك "واسطة" فلن يجد وظيفة مناسبة، وسينضم إلى طابور العاطلين..
وستتولد داخله روح الهزيمة والانكسار.. فقد تحول من طالب جامعى ذى طموح واسع لشخص عاطل، وربما فى هذه الحالة سيفكر فى طريقين ليسلكهما.. إما طريق الجريمة والانحراف (والكل يلاحظ طبعا ازدياد الجريمة فى الفترة الأخيرة وتوحشها حتى أننا أصبحنا نسمع عن جرائم غريبة أجزم أنها ماكانت تحدث بالماضى) أو طريق الانتحار ليرحم نفسه من نظرات الشفقة التى يراها من المحيطين به. إذن لماذا لا نوجد حل لمشكلات الشباب.
لقد تم إلغاء نظام التعيين عام 1986 ومن يومها والباحث عن وظيفة كالباحث عن إبرة فى كومة من القش، ومن يجد الوظيفة كأنما وجد مصباح علاء الدين، وهذا طبعا رغم تدنى الأجر ولكن فهى وظيفة والسلام.
لماذا لا يتم إرغام جميع رجال الأعمال فى مصر على تعيين الخريجين سنويا بدل من صرف أموالهم فى المهاترات وإقامة حفلات الزفاف الصاخبة وممكن فى سبيل ذلك ترفع عنهم الضرائب، وإذا كانت الشكوى من أن هناك تخصصات هم ليسوا فى حاجة إليها.. فلماذا لا يتم احتياجات الجامعات سنويا حسب حاجة السوق حتى لو فى سبيل ذلك اضطروا لإلغاء بعض الأقسام التى لا يحتاجها سوق العمل وتوفير الميزانية التى تصرف على هذه الأقسام.
وبالنسبة للإسكان.. رأيت كثيرا من شقق الشباب والمحافظات مغلقة لا يحتاجها أصحابها أو يؤجرونها بمبالغ كبيرة لشباب أيضا لا يملكون سوى مرتبهم، فلماذا لا يتم عمل حصر لهذه الشقق ثم يتم سحبها من أصحابها، ويعوضون عنها بمقابل مادى، ثم يعاد تسليمها لمن يحتاجها طبقا لشروط إسكان الشباب. أعتقد أن الحلول التى أوردتها سهلة وممكن تنفيذها لمن أراد أن ينفذها بدلاً من ترك الشباب لوحش البطالة والجريمة والانتحار.. فقد أصبح الشباب المصرى عجوزاً رغم أنه ما زال فى مقتبل العمر.
