محمد حمدى

خلى بالك من أولادك!

الإثنين، 11 مايو 2009 01:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أمس قال لى سائق التاكسى: لا تترك أولادك يلعبون فى الشارع، فقد اختفى عدة أولاد فى أرض اللواء منذ أيام ولم يظهروا مرة أخرى.. وقبلها بأيام قليلة حدثنى صديق يقيم فى المقطم عن اختفاء عدد من أطفال المنطقة، لدرجة أن الأهالى أصبحوا يعيشون فى حالة من الرعب، وخلال الشهرين الماضين انتشرت شائعات اختطاف الأطفال من صعيد مصر إلى سواحلها، واختلط الحابل بالنابل، ولم يعد أحد يعرف هل ما يحدث شائعة أم أن هناك فعلاً عصابات منظمة لاختطاف الأطفال من كل أنحاء مصر لبيعهم خارجهم أو تحويلهم إلى قطع غيار بشرية وبيعها لمن يدفع الثمن؟.

الموضوع تجاوز حدود الشائعات خاصة بعد أن عقدت لجنة الأمن القومى بالبرلمان جلسة الشهر الماضى لبحث ظاهرة اختطاف الأطفال، وقال خلالها اللواء حامد راشد مساعد وزير الداخلية، إن أقسام الشرطة تتلقى بلاغات يومية عن اختفاء أطفال، لكنه نفى فى نفس الوقت وجود تجارة تجارة بالأطفال فى البلاد، واعترف بأن العصابة التى تخصصت باختطاف الأطفال حديثى الولادة لبيعهم خارج مصر مجرد جريمة واحدة وليست ظاهرة.

ويبدو أن تأكيدات الداخلية ليست كافية حتى الآن، خاصة بعد أن انتشرت الشائعات فى كل مكان، ولم يعد الناس يتحدثون عنها باعتبارها مجرد شائعة وإنما حقيقة تمشى على الأرض، ورغم أن الشائعات علم معروف فى العالم تلجأ إليه أجهزة مخابرات فى أوقات السلم والحرب، لتحقيق أهداف معينة، لكن فى بعض الأحيان قد تنطلق الشائعات بشكل عفوى، وأحياناً أيضا يكون للشائعة أساس أو كما يقول القول الدارج "لا يوجد دخان بدون نار".

وحين يتعلق الأمر بحياة أبنائنا، فلا يجب الاكتفاء بالقول إن ما يحدث هو مجرد شائعات تضرب مصر كلها فى توقيت متزامن، وإنما يجب البحث عن جذور الشائعة وإعلان الأمر بمنتهى الوضوح للرأى العام، حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود.

ومواجهة الأمر تقتضى أيضا الاعتراف بأن ظاهرة الاتجار بالبشر موجودة فى مصر، حتى ولو كانت محدودة، خاصة وأن إحصاءات وزارة الداخلية تذكر وجود 52 حالة إتجار بالبشر فى مصر فى عام 2003، ارتفعت إلى 67 حالة عام 2004، ثم 72 حالة عام 2005، مما يعنى وجود ظاهرة الاتجار بالبشر حتى ولو كانت محدودة العدد لكنها موجودة، ومسجلة فى دفاتر ومحاضر الشرطة.

وأصبح معروفاً أيضا أن الاتجار بالبشر هى ثالث تجارة عالمية بعد الاتجار فى المخدرات والأسلحة، ولم يعد الأمر يقتصر على عصابات محلية وإنما مافيا دولية تنشط فى كل أنحاء العالم فى هذه التجارة، سواء لاستغلال البشر فى الجنس أو بيعهم للتبنى، فى نفس الوقت الذى تزدهر فيه تجارة أخرى غير شرعية لقطع الغيار البشرية.

كل هذه الإحصاءات والمعلومات التى توفرها المنظمات الدولية والحكومات الغربية تستدعى منا وقفة حقيقية وجادة، صحيح أن الكثير، مما يقال عن اختطاف الأطفال فى مصر مجرد شائعات فقط، لكن الأكيد أيضا أن هناك بلاغات فى أقسام الشرطة عن اختفاء أطفال، وعدم ظهورهم مرة أخرى.

وإذا كنا تحملنا الكثير فى هذا البلد، وضحينا بالكثير أيضا فى سبيل تربية أولادنا فمن حقنا الاطمئنان عليهم، وضمان عودتهم سالمين إلى بيوتنا كل يوم.. قد نقبل قلة الدخل.. وقد ننام دون عشاء.. ونحمد الله على نعمة الأمن والأمان فى هذا البلد، لكن إذا ضاع هذا الأمن، فلن يكون لدى الأغلبية الصامتة فى هذا البلد أى سبب للصمت أو التحمل.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة