محمد حمدى

الطائفية البغيضة

الجمعة، 01 مايو 2009 02:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بشكل شبه يومى تصلنى على البريد الإلكترونى بيانات من المحامى موريس صادق رئيس الجمعية الوطنية القبطية الأمريكية، وفى كثير من الأحيان وبعد مطالعتها بشكل سريع أكتفى بإلقائها فى سلة المهملات الإلكترونية، لأنها نموذج للتطرف البغيض، فالأخ موريس وبعض أقباط المهجر لا يجدون غضاضة فى دعوة أمريكا وإسرائيل للتدخل فى الشأن المصرى، ومعاقبتها فى المحافل الدولية لاضطهاد الأقباط.

والأخ موريس أيضا يطالب حتى الآن بتحرير مصر من الاحتلال العربى الإسلامى، وهو منطق غريب جدا من محام يعيش فى الولايات المتحدة وحاصل على الجنسية الأمريكية، لأنه أولى به وهو مواطن أمريكى أن يطالب بتحرير أمريكا من الاحتلال الأوروبى والعالمى وإعادتها لأصحابها من الهنود الحمر مثلا.. وهذا لا يعنى المقارنة بين الأقباط والسكان الأصليين فى أمريكا، لكن حركة البشر وهجرتهم من مئات وآلاف السنين لا تقاس بمعايير الاحتلال والمقاومة.

الأخ موريس أتحفنى أخيرا ببيان هام بعنوان "العرب المسلمون يعدمون ثروة الأقباط من الخنازير السليمة انتقاما لنبى الإسلام"، ويقول فى البيان إن الحكومة المصرية بدأت إعدام جميع الخنازير فى مصر والتى يملكها فقراء الأقباط، ويقدر عددها بنحو 350 ألفا، بعد توصية من نواب جماعة الإخوان المسلمين بمجلس الشعب بذبحها فى أماكن تواجدها، بدون الكشف الطبى عليها أو معرفة خطورتها على الصحة العامة، خاصة وأنه لم يكشف عن أى حالة مصابة لأى حيوان أو إنسان.

ويضيف الأخ موريس فى بيانه "يتعايش 2 مليون قبطى من الاتجار فى تربية الخنازير، وكذلك محلات الجزارة التى تبيعها، والمجازر التى تذبح بها، والأطباء البيطريون الأقباط المعالجون لها، والمصانع التى تنتج منتجات لحم الخنزير، والمتاجر التى تبيعها، والعمالة القبطية فى تلك المزارع، والمجازر والمصانع والمتاجر، ويشترى 10 ملايين قبطى لحم الخنزير ومنتجاته لرخص ثمنه وحلاوة طعمه، بينما يرفض أحفاد الغزاة العرب المسلمين الذين يحتلون مصر الإبقاء على الخنازير، لأن نبى الإسلام والقرآن قال للمسلمين "حرم عليكم لحم الخنزير وإن اليهود والنصارى أبناء الخنازير".

ولا أريد الاسترسال كثيرا فى هذه الرسالة التى تنضح بالطائفية من أول إلى آخر كلمة، لكن يكفى تأكيد البابا شنودة على أن المسيحية لا تستوجب أكل لحم الخنازير، كما أن الحكومة فى اجتماعها برئاسة الرئيس مبارك لمناقشة الأزمة، اتخذت قرارا بالذبح وليس بالإعدام، بمعنى الحفاظ على لحوم الخنازير وتصنيعها وبيعها حتى لا يضار من يربونها.

وحتى لا نتهم الأخ موريس وحده بالطائفية، ألفت الانتباه إلى أن تعليقات القراء على مقال لى فى اليوم السابع بعنوان "الرقص مع الخنازير" قد احتوت الكثير من الردود الطائفية من بعض المسلمين الذين دخلوا من بوابة أنفلونزا الخنازير للمساس بالأخوة الأقباط.

ومع واجب الاعتراف بأن العلاقة بين المسلمين والأقباط ليست فى أفضل أحوالها، وأن هناك الكثير من التوتر والاحتقان بين أبناء الوطن الواحد، فإن هذا العلم والإدراك يقتضى منا عدم صب المزيد من الزيت على النيران، وعدم العبث بالملف الطائفى لأنه سيحرقنا جميعا مهما اختلفت دياناتنا ومهما تراوحت درجة الإيمان أو التعصب.

ويا حبذا لو تعامل جميع الناس مع كل قضية فى حدودها، فنحن أمام أزمة صحية قد تتحول إلى وباء عالمى، تحتاج تكاتف كل الناس، وقد يكون التخلص من الخنازير بالذبح حلا سريعا.. لكن ماذا عن عشرات الآلاف الذين يعملون فى تربيتها.. وماذا سيفعلون وكيف سيعيشون بعد ذلك.. وما هى المشاريع البديلة التى ستوفرها الدولة لهم؟.. تلك هى الأسئلة التى تحتاج لإجابات بعيدا عن الطائفية البغيضة والفتنة النائمة، لعن الله من أشعلها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة