◄ نور دافع عن النظام أمام الاتحاد الأوروبى فى قضية الكشح وسعد الدين إبراهيم وراء فكرة لجنة السياسات
◄استعانوا برئيس حزب الوفد فى إزالة التوتر مع الأمريكان والغزالى تولى ملف السودان وتمت الاستعانة بالإخوان مع حماس
فى الوقت الذى تبدو فيه الخلافات هى العنصر الطاغى على سطح العلاقة بين الحكومة والمعارضة إلا أنه تحت هذا السطح ترقد علاقات من نوع آخر، فهناك ملفات بعينها تربط بينهم، تحتاج فيها الحكومة إلى المعارضة بوصفها بابا خلفيا يرفع عنها الحرج، مثلما فعل أيمن نور عندما ذهب لتبييض وجه الحكومة المصرية أمام الاتحاد الأوروبى أثناء مناقشة الأحداث الطائفية فى الكشح، ومثلما فعل أيضا الدكتور سعد الدين إبراهيم فى كتابة الرسائل المتبادلة بين الحكومتين المصرية والأمريكية، وأيضا عندما استخدمت الحكومة علاقة الإخوان بالفلسطينيين، ومن قبلهم كان دور إبراهيم شكرى ولطفى الخولى.. كل الأمثلة السابقة تدعونا لأن نتساءل: هل من الممكن أن نضيف مصطلح «معارضة فى خدمة الحكومة» إلى قاموس السياسة المصرية بجانب المصطلحات الحديثة التى توالت مؤخراً فى مصر مثل «الإصلاح السياسى» و«الدبلوماسية الناعمة»، و«التقية السياسية»؟.
الشواهد على وجود هذا المصطلح كثيرة أبرزها ما فعله الدكتور أيمن نور، حيث تولى فى فترة من الفترات الدفاع عن الإدارة المصرية أمام الاتحاد الأوروبى خصوصا أثناء مناقشة تقرير أحداث الفتنة الطائفية التى وقعت بقرية «الكشح» بسوهاج، بل ردد وجهة نظر النظام فى كون حادث الكشح فرديا قد يحدث فى أى مكان فى العالم وفى أى قرية أخري، بل راح يدافع عن الأمن، بل ألقى أيضا بالمسئولية على الأنبا ويصا أسقف البلينا ووصفه بأنه من أكثر المتطرفين.
بعد نور فى القائمة يأتى الدكتور سعد الدين إبراهيم الناشط الاجتماعى والمعارض الليبرالى. واحد من الذين تولوا فى بعض الفترات الدفاع عن النظام بل وصلت علاقته بالإدارة المصرية إلى قيامه بكتابة خطابات ورسائل الإدارة المصرية إلى الإدارة الأمريكية، وفى أحيان كثيرة وصلت الأمور إلى تحرير الردود على الرسائل التى كان الجانب الأمريكى يرسلها إلى الحكومة المصرية، بل إن فكرة إنشاء أمانة السياسات التى يرأسها جمال مبارك خرجت من رحم مركز ابن خلدون الذى ترأسه إبراهيم، بالإضافة إلى أن هناك عدة وزراء خرجوا من مجلس أمناء مركز ابن خلدون أشهرهم أمينة الجندى وعلى الدين هلال.
محمود أباظة رئيس حزب الوفد منذ فوزه بمقعده البرلمانى ورئاسته لحزب الوفد بعد ذلك وراحت الإدارة المصرية توكل إليه بعض الملفات بشكل سرى مثل حالات التوتر التى تتفجر بين الحين والآخر بين الإدارة المصرية والجانب الأمريكى.
وكثيراً ما سافر رئيس حزب الوفد تحت مسمى زيارات برلمانية إلى واشنطن، ولكن كان الغرض منها الدفاع عن الإدارة المصرية خصوصاً أثناء حبس الدكتور أيمن نور أو دعاوى المنظمات الحقوقية التى كانت تحرج الإدارة المصرية فى الكثير من تقاريرها التى تصدرها حول حالة الديمقراطية فى مصر.
القائمة أيضا تشمل جماعة الإخوان المسلمين حيث لم تتردد الإدارة المصرية فى تكليفها بإدارة بعض الملفات وخصوصا على الصعيد الفلسطينى وربما حصل ازدهار فى تلك العلاقة عقب الصعود السياسى لحركة حماس وفوزها بالانتخابات التشريعية هناك، جعل الإدارة المصرية فى بعض الأوقات تلجأ إلى الإخوان لإدارة بعض الملفات الخاصة بالقضية الفلسطينية أو تهدئة بعض الأمور فى قطاع غزة، وربما كانت زيارة الدكتور نبيل شعث أحد أبرز مستشارى الرئيس الفلسطينى أبو مازن إلى مكتب الإرشاد ولقاؤه مع النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد السيد حبيب، وتباحثه معه وبصحبته اثنان من جهة سيادية، خير شاهد على تلك العلاقة الحميمية كما أنه فى السابق عندما كان الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات يزور مصر، ومن قبل ظهور حركة حماس نفسها وبعدها، وأيام السادات ومبارك، كان يزور مكتب الإرشاد، ويلتقى المرشد المرحوم عمر التلمسانى.
حزب الجبهة الديمقراطى الذى لم يمض على خروجه للنور سوى عامين استطاع رئيسه الدكتور أسامة الغزالى حرب أن يضع نفسه فى مصاف القوى السياسية سواء فى الداخل أو الخارج وربما ذلك ما أتاح للحزب أن يقوى من وضعه الخارجى بعد التوأمة التى أجراها مع أحد الأحزاب البريطانية معضداً ذلك بعدة سفريات لأعضائه لتدريبهم على أحدث الأساليب الحديثة فى العمل السياسى تلك المكانة كانت نصب أعين بعض الساسة فى الإدارة المصرية فالاستعانة بالفصائل السودانية فى حوار بالقاهرة من أجل أزمة دارفور اعتبره بعض الخبراء مسكنات أو مهدئات تصب فى صالح الرئيس البشير ضد مذكرة التوقيف الصادرة بحقه.
الأمثلة السابقة من رجال المعارضة الذين يخدمون النظام فى بعض الملفات، ليست بدعة فى الحياة السياسية المصرية فمنذ القدم والتوجهات السياسية للأحزاب المصرية كانت هى المرجعية الأساسية فى اختيار نوعية الملفات التى تستخدم من أجلها، ولعل من أشهر الشخصيات التى قامت بأدوار مهمة لصالح الحكومة المصرية الراحل إبراهيم شكرى رئيس حزب العمل، الذى لعب دوراً مهماً بالتوازى مع كل من أحمد مجاهد وعادل حسين والذين كانت تربطهم علاقات قوية مع الحكومة السودانية وفى فترات بذاتها كانت تزداد فيها حالة التوتر فى العلاقات كانت الإدارة المصرية توكل إلى إحدى الشخصيات المعروف عنها علاقتها بالشأن السودانى تلطيف هذا الشأن.
وهو الأمر الذى أرجعه الدكتور مجدى قرقر نائب رئيس المكتب السياسى لحزب العمل، إلى العلاقات الطيبة التى تربط حزب العمل بالحكومة السودانية، أما فى فترة التسعينيات فقد تولى إدارة بعض ملفات تلك العلاقات والحفاظ عليها إبراهيم شكرى وأحمد مجاهد وعادل حسين، مشيراً فى الوقت ذاته إلى أن الفترة التى شهدت فتورا فى العلاقات وخصوصاً أزمة حلايب وشلاتين لعبت فيها بعض قيادات المعارضة دوراً كبيراً.
وبعيداً عن حزب العمل كان هناك أيضا لطفى الخولى أحد مؤسسى حزب التجمع، الذى كانت تربطه علاقات قوية مع الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، ولعب دوراً مهماً على صعيد العلاقات المصرية الفلسطينية كما إنه واحد من الذين أداروا الملف باقتدار، وكما يؤكد القيادى اليسارى عبد الغفار شكر فإن الخولى لم يكن هو الوحيد من قيادات التجمع الذى أدار أحد الملفات بل شاركه زميله الدكتور محمد أحمد خلف الله نائب رئيس حزب التجمع فى إدارة الملف مع بعض الدول العربية وربما كانت أدواته فى ذلك هى القبول الذى يحظى به داخل العديد من تلك الدول بالإضافة إلى الموقع الذى يشغله حيث كان يتولى أحد المناصب القيادية الرفيعة فى قيادة حزب البعث الاشتراكى العربى فقد كان يرتبط بعلاقات قوية فى سوريا والعراق ولبنان، الأمر تكرر أيضا مع المفكر الكبير الدكتور ميلاد حنا أحد القيادات التجمعية فقد أدار باقتدار فى فترة بعينها ملف أقباط المهجر خصوصا الفترات التى ارتفعت فيها درجة السخونة فى العلاقات بين الإدارة المصرية وبين أقباط المهجر.
وبالعودة إلى عبد الغفار شكر فإنه يؤكد أن بعض تلك الخدمات كان يقدم بطريقة طوعية ولكن الأكثر منها كان يتم باتفاق مسبق، وكان يقصد منه خدمة القضية الوطنية لتحقيق مصالح مشتركة بالتوافق مع قيادات النظام مستشهدا بلطفى الخولى والذى كان محيطا بكل تفاصيل العملية السياسية للقضية الفلسطينية بسبب علاقته الوطيدة والقوية بالرئيس الفلسطينى الراحل أبوعمار، كذلك قربه الشديد من قيادات حركة فتح الأمر الذى أتاح له أن يلعب دور «الترمومتر» فى تلك العلاقات والذى عند إحساسه بأى أزمات قد تعرقل صفو تلك العلاقة بين مصر والفلسطينيين كان يبادر بحلها.
عصام شيحة المستشار القانونى للحزب، برر أيضا سفر محمود أباظة رئيس الحزب بصحبة الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب كزعيم للمعارضة المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بأنه دافع عن مصر وقد أوضح الكثير للجانب الأمريكى، أن الشعب المصرى يرفض الديمقراطية المفروضة من الخارج، كما أوضح أباظة أن المعونة الأمريكية وتقليلها لن تؤثر على المواطن المصرى.
تفسير آخر للمعارضة التى تخدم النظام، يضعه الناشط الحقوقى حافظ أبوسعدة أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حيث أكد أن غالبية ما يقدم من خدمات من جانب المعارضة يكون متفقا عليها والقاعدة تؤكد أن «ما فيش خدمات بدون مقابل» وينقسم هذا المقابل إلى نوعين إما سابق وتكون تلك الخدمة من قبيل رد الجميل وإما تكون لاحقة» ودائما يكون المقابل بحجم الخدمة، وكشف أبوسعدة أن تلك الخدمات دائما تكون طوعية.
أبوسعدة تطرق أيضا لما جرى فى عصر السادات عندما تم احتجاز أسرى أمريكان فى إيران وحاول الرئيس السادات أن يتدخل من أجل المساعدة ولم يجد أمامه سوى المرشد العام لجماعة الإخوان، إنه ذاك المستشار عمر التلمسانى وبالفعل تم تكليفه وشرعت الدولة فى استخراج جواز سفر «هام» للتلمسانى، ولكن بعض المقربين من السادات وكبار معاونيه أشاروا عليه بأن المستفيد من تلك الواقعة ستكون جماعة الإخوان المسلمين مما يعطى انطباعا لدى الجانب الأمريكى بقوتهم.
لمعلوماتك...
◄24 عدد الأحزاب الشرعية المصرية الغالبية العظمى منها غير معروفة فى الشارع السياسى المصرى ويعانى عدد كبير منها من نزاعات على كرسى الرئاسة بخلاف ضغوط الدولة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة