سعيد الشحات

تنظيم سرى اسمه «مروجو الشائعات»

الخميس، 09 أبريل 2009 11:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«مروجو الشائعات».. أحدث تنظيم سرى يوجه دفة أمور الناس حالياً فى مصر، وخطورته أنه بلا هيكل تنظيمى، ولا قيادة معينة، ولا أعضاء يمكن الإمساك بهم متلبسين بارتكاب الجريمة حتى يمكن تقديمهم إلى المحاكمة.

هو كيان بلا معالم، لكنه يملك برنامجا قويا، وأدوات تفوق الخيال، يكفيه أن يطلق شائعة عامة واحدة فتنقلب أحوال الناس، كما هو حادث الآن فى الشائعات الخاصة باختطاف الأطفال فى محافظات القليوبية والشرقية والسويس وبنى سويف وغيرها من المحافظات.

الشائعة تقول إن الاختطاف يتم بغرض سرقة الأعضاء، ولنلاحظ سويا أن السرقة تتم هذه المرة ليس بغرض طلب فدية مالية، أو قضية ثأرية كما جرت العادة، هى تتم الآن - وفقا للشائعة - لبيع الأعضاء، وأنقل لكم شائعة وجدت نفسى طرفا فيها من زاوية الحكى والتحقق منها بنفسى.

قال لى شاب إن طبيب أطفال شهيرا فى بنها بالقليوبية أغلق عيادته بعد أن عثروا على جثة طفل صغير بجوار العيادة، الطفل كان بلا أعضاء، والجريمة طبقا للشائعة بدأت بالتغرير بأمه وهى فى طريقها إلى العيادة عن طريق سيدة أخرى، حيث قامت هذه السيدة بحمل الطفل من أمه على سبيل المساعدة ثم اختفت، وبعد ذلك عثرت الأم على طفلها جثة بلا أعضاء.

حكى الشاب لى هذه الرواية بحبكة درامية أراهن أن من يسمعها سيجعل أطفاله رهينة فى البيت لا يغادرونه أبداً، ولما سألت الشاب عن مصدر كلامه الذى هو يصدقه، أجاب: «سمعت» فسألته: هل قامت الأم بتحرير محضر فى قسم الشرطة؟، أجاب: «الناس بيقولوا إنها خافت تروح القسم». سمعت كلام الشاب ثم اتصلت بعيادة الطبيب موضع الشائعة، للسؤال عن تواجده، وجاءت الإجابة حسب ما توقعت، فالطبيب موجود والمرضى متواجدون، وإن كان هناك نقص ملحوظ فى عددهم، فيما يعنى أن الشائعة وجدت من تأثر بها.
فمن المسئول عن الترويج القاتل، وما الغرض الحقيقى من الشائعة؟.

التوقف عند السياق العام ربما يقودنا إلى الإمساك بطرف خيط تنظيم «مروجى الشائعات»، ويقربنا منه أيضا الانتباه للقاعدة الذهبية: «فتش عن المستفيد فى أى مشكلة تصل إلى نصف الحقيقة على الأقل».

أما السياق فيتعلق بقضية التبرع بالأعضاء، والجدل الذى احتدم مؤخراً حول مشروعيته دينياً، والتحذيرات التى قيلت عن أن إصدار قانون خاص به سيؤدى إلى خلق سوق سوداء لتجارة الأعضاء، وواكب هذا الجدل سريان الشائعة بطريقة يبدو منها القصد وسوء النية، والوصول بعامة الناس إلى درجة الخوف من الإقدام على مثل هذا القانون.

أما المستفيدون فهم مافيا تجارة الأعضاء، الذين يهمهم إبقاء الوضع على فوضاه التى تحكمه حاليا، حتى يضمنوا الرواج لتجارتهم التى أصبح أثرياء وخليجيون زبائنها المستديمين، وبلغت حد اعتراف منظمة الصحة العالمية أن مصر أصبحت من أهم أسواقها عالمياً.

وتقاوم هذه المافيا محاولة إرساء صيغة قانونية تنظم عملية التبرع بالأعضاء بإثارتها اللغط والفوضى بشأنه، تساندهم الفتاوى الدينية التى يروجها الرافضون لإصدار قانون التبرع، ولسنا هنا بصدد اتهام أصحاب هذه الفتاوى بأنهم على صلة بتلك المافيا، فالمؤكد أنهم أصحاب نوايا طيبة كغيرهم ممن يؤيدون إصدار القانون وإنما نربط بين السياق والمستفيدين لنعرف تنظيم «مروجو الشائعات»، والشاهد أنه يتلقف كل ما يعزز توجهاته من آراء سياسية أو فتاوى دينية، ويعيد إنتاجها بطريقة مرعبة، دون أن يربط وسائله بأشخاص معينين، وعليه يدس الشائعة وراء الأخرى فيزداد الهلع ثم يأتى السؤال: ماذا فى الأمر؟ فتكون الإجابة «أصل الحكومة ستصدر قانونا لبيع الأعضاء، ولاحظ هنا كلمة البيع وليس التبرع، فيكون الرد الفورى «الله يخرب بيت الحكومة».

وألفت النظر هنا إلى أن الشائعة قيلت من قبل وفى ظرف مماثل حين أعلن البرلمان فى دورات سابقة أنه يعتزم إصدار قانون التبرع بالأعضاء، فسرت الشائعة بنفس المنهج الحالى، أى أن التنظيم يقظ تماما مستفيد من أنه «هلامى» وبالتالى يصعب القبض عليه واتهامه، وندفع نحن الثمن.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة