محمد حمدى

أيمن .. وجميلة!

الخميس، 09 أبريل 2009 01:37 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ سجن الدكتور أيمن نور فى قضية تزوير توكيلات حزب الغد، امتنعت عن الكتابة عنه بالسلب أو بالإيجاب، ورغم تحفظاتى العديدة على سيرته السياسية والصحفية، فقد حافظت على قناعتى بأنه لا يجوز التعرض لأى شخص فقد حريته، ولا يمتلك رفاهية متابعة كل ما يكتب حتى يتمكن من الرد عليه، رغم أنه كان يكتب مقالا يوميا من داخل السجن وينشره فى الدستور، علاوة على عشرات الرسائل التى أرسلها لزملاء صحفيين ردا على ما كتبوه عنه.

ولا أخفى سعادتى بقرار العفو الصحى عن نور، وأيا كانت الأسباب، فإن عودة أى مواطن للحرية هو حدث بلا شك سعيد، لكن آلمنى أشد الألم هذا التلهف الإعلامى على تناول انفصال أيمن نور عن زوجته المذيعة جميلة إسماعيل، والإغراق فى التفاصيل والتنافس على الظفر بالسبق الصحفى، وربما افتعال أحداث لا وجود لها من الأساس بين الزوجين.

صحيح أن الشخصية العامة تكون تحت الأضواء دائما، وتكتسب أخبارها الخاصة أهمية إعلامية، لكن السعى وراء التوزيع أو الارتفاع بنسب المشاهدة لا يجب أن يصرفنا عن أن مهمة الإعلام الحقيقى الجاد ليس التفتيش فى أسرار البيوت، ونشر الخلافات العائلية على الملأ.. صحيح أن ذلك قد يحدث فى دول أخرى لكن الصحافة هى بنت مجتمعها، وعليها الإلتزام بعادات وتقاليد وخصوصية هذا المجتمع، الذى يمنح الحياة الشخصية نوعا من القدسية.

وفى هذا السياق أحب الإشادة باليوم السابع التى أعلنت منذ الساعات الأولى أنها تتحفظ عن نشر أية تفاصيل عن انفصال نور وجميلة رغم أنها تملك التفاصيل احتراما للحياة الخاصة لهما وإيمانا بأن انفصالهما أمر شخصى يخصهما فقط ولا يهم أحد غيرهما.

والحقيقة أنه يجب أن نضع أنفسنا مكان أبناء أيمن نور وزوجته، ونتخيل ولو للحظات حجم المعاناة التى يعشيها الأولاد كل ساعة وهم يتابعون خبر الطلاق فى وسائل الإعلام، وإذا كان علماء النفس والاجتماع يتحدثون كثيرا وطويلا عن المخاطر النفسية والاجتماعية للطلاق على الأبناء، فيجب أن نتخيل تأثير هذه التجربة الصعبة حين تتحول إلى قضية إعلامية تتناولها الصحف والفضائيات وتلوكها الألسن.

وباعتقادى أن وسائل الإعلام المختلفة أفرطت خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة فى انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين بعدة أشكال، منها على سبيل المثال قضية مصرع ابنة المطربة ليلى غفران وصديقتها، حيث توالت القصص والحكايات التى وصلت إلى حد انتهاك الأعراض والتشهير ببنت لم توار الثرى بعد.

ولم تعد مهمة الصحافة البحث عن الحقيقة وإنارة المجتمع، وإنما تحولت إلى ماكينة شائعات تلوك هذا وتعتدى على ذاك، دون حسيب أو رقيب تحت زعم حرية الصحافة، وهو أمر أبعد ما يكون عن الحرية التى تعلمنا أنها لا تعنى انتهاك حرية الآخرين أو الاعتداء عليها.

وشاهدنا ذلك أيضا فى قضية مصرع المطربة اللبنانية سوزان تميم حيث أدانت الصحافة هذا وبرأت ذاك، مما استدعى رئيس المحكمة فى سابقة قضائية إلى حظر نشر أى شىء عن المحاكمة ما لم يكن صادرا على لسانه.

لا أطالب طبعا بالحد من حرية الصحافة، فأنا صحفى بالأساس وأريد الاستمتاع بحريتى فى الكتابة إلى أقصى الحدود، لكن حريتى تنتهى عندما تبدأ حرية الآخرين، وما أسميه انفلاتا صحفيا وإعلاميا فى مصر، يستحق المراجعة، ليس من جانب الدولة بتغليظ العقوبات وإنما من جانب نقابة الصحفيين لتفعيل ميثاق الشرف الصحفى حتى ولو كره بعض أعضاء مجلس النقابة الذين لا يريدون التعاطى مع هذه القضية لأسباب انتخابية محضة.

وأعتقد أنه بعد سنوات من الكبت والتضييق، وحصر الإعلام فى لون واحد فقط، لم يصدق الإعلاميون أنهم يتمتعون بكامل الحرية للتعبير عن آرائهم فقرروا فى كل لحظة اختبار هذه الحرية، وخبط رؤوسهم فى السقف، لنعرف هل هناك سقف لحرية التعبير.. أم لا؟.. صحيح أن هذا الأسلوب أخذنا إلى انفلاتات متعددة، لكن الإعلام المصرى سينضج إن عاجلا أم آجلا.. وسيصوب مساره بنفسه قبل أن يفاجأ بأعداء الحرية ينتقصون من حريتنا جميعا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة