حين بدأت البوادر تظهر فى الشارع السياسى الإسرائيلى عدم إمكانية تسيبى ليفنى تشكيل الحكومة الجديدة. شعر الكثير من السياسيين داخل إسرائيل وخارجها، سواء على المستوى العربى أو على المستوى الغربى، بالقلق. فالفارق السياسى بين ليفنى وبين البديل المطروح بنيامين نتانياهو كان جليا للجميع، خاصة بعد أن جربنا الاثنين سياسيا ودبلوماسيا، الأولى كوزيرة للخارجية فى حكومة أولمرت السابقة، والثانى كرئيس للوزراء خلفا لشامير، وإن كان يرى الكثيرون أنه لا توجد فروق بين التيارات الإسرائيلية المختلفة، وربما يكون هذا صحيحا، لكننى أرى أنه إن كان هناك اتفاق فى الخطوط العريضة للسياسة الإسرائيلية داخليا وخارجيا بين أغلب التيارات السياسية الإسرائيلية، سواء العمل أو الليكود أو كاديما، ولكن أيضا هناك تفاوت فى تطبيق السياسات والاستراتيجيات بينهم خاصة فيما يخص ملفات بعينها. وبرغم خروج الاثنين من عباءة واحدة هى حزب الليكود اليمينى المتشدد، إلا أن انفتاح ليفنى وميلها تجاه الفكر الليبرالى جعلها أقل تطرفا وأكثر انفتاحا تجاه الآخر، وخروجها من الليكود وانضمامها إلى الحزب الوليد كاديما يؤكد ذلك.
ولمن لا يعرف بنيامين نتانياهو، هو أول مدير لمعهد يوناثان المتخصص فى مكافحة الإرهاب. شغل منصب ملحق سياسى فى السفارة الإسرائيلية فى واشنطن عام (1982 ـ 1984م) ، وخلال هذه الفترة أسند إليه مهام السفير نظراً لنقل السفير موشيه أرينز إلى إسرائيل ، وعين نتانياهو سفيراً لإسرائيل فى الأمم المتحدة (1984 ـ 1988م). وانتخب عضواً فى الكنيست عام 1988م ، وأعيد انتخابه عام 1992م. وشغل منصب نائب وزير الخارجية (1988 ـ 1992م). ويعتقد نتانياهو أن الضفة الغربية ليست أرضا محتلة وإنما هى أرض قومية توراتية وعلى اليهود الاحتفاظ بها ولا يحق لهم التنازل عنها أو التفاوض بشأنها. وقد صرح قائلاً: "ليس هناك أى نهر أو بحر يفصل الضفة الغربية عن باقى الأراضى الإسرائيلية. إنها جزء من دولة إسرائيل نفسها. إن الضفة الغربية هى مركز البلاد… إنها فناؤنا الخلفى وليست أرضا غريبة عنا". كما يتبع نتانياهو سياسة استيطانية تهدف إلى إقامة مستوطنات يهودية داخل المناطق العربية.
كما عمل نائباً لوزير الإعلام فى مكتب رئيس الحكومة عام 1993م، وأصبح رئيساً لحزب الليكود عام 1993م، خلفاً لإسحاق شامير. وفى الانتخابات التى أجريت فى 29 مايو 1996 انتخب رئيساً للوزراء، خلفاً لشيمون بيريز. ونتانياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلى يُنتخب بالاقتراع المباشر، وخسر بنيامين نتانياهو منصب رئيس الوزراء فى الانتخابات التى أجريت فى شهر مايو 1999م، أمام منافسه رئيس حزب العمل أيهود باراك. وصرح بنيامين نتانياهو أنه سوف يستقيل من رئاسة حزب الليكود وسيعتزل العمل السياسى نهائياً، وبالطبع لم يحدث، وعاد ليصبح رئيسا للحكومة الجديدة ليختار ليبرمان وزيرا لخارجيته وممثلا ومعبرا عن نظرة الحكومة الإسرائيلية تجاه القضايا والملفات الخارجية.
وليبرمان لمن لا يعرف هو إسرائيلى يمينى، وزعيم حزب إسرائيل بيتنا، ولد فى 5 يونيو 1958 بكيشيناو فى مولدافيا، الاتحاد السوفيتى السابق، وهاجر إلى إسرائيل فى العام 1979. هدد بضرب السد العالى فى مصر أثناء الحملة الانتخابية التى قادها شارون فى عام مارس 2001 وكان عضوا فى الحزب اليمينى الإرهابى غير القانونى "كاخ"، والذى حرم من الدخول فى انتخابات 1988 لإثارته مشاعر عنصرية.
وفى أكتوبر 2008 هاجم ليبرمان الرئيس المصرى حسنى مبارك بسبب عدم زيارته لإسرائيل من قبل بقوله "إذا ما أراد (مبارك) أن يتحدث معنا يجب أن يأتى إلى هنا، وإن لم يرد فليذهب إلى الجحيم". وقد انضم ليبرمان فى شهر أكتوبر من عام 2006، لحكومة إيهود أولمرت، كوزير للتخطيط الاستراتيجى. وعين كمسئول رسمى عن الملف الإيرانى فى شهر يوليو من عام 2007. وربما أقول ربما يكون هذا المنصب – مسئوليته عن الملف الإيرانى - من أسباب ترشيحه لمنصب وزير الخارجية.
كل هذا يجعلنى أشكر ليبرمان ومن قبله أشكر بنيامين نتانياهو!!!
أجل, فبرغم مرور عدة أيام فقط على توليه منصبه إلا أنه نجح فى القيام أو التسبب فى حدوث عدة مواقف هامة، منها على سبيل المثال أننا منذ فترة طويلة لم نسمع تصريحا عالى النبرة من وزير الخارجية أبو الغيط، حتى وصول ليبرمان إلى منصبه، فشكرا له لأنه أسمعنا صوت وزير خارجيتنا. أيضا وبرغم كل المحاولات التى بذلت من جهات عديدة ودول مختلفة لتقارب وجهات النظر بين الفرقاء الفلسطينيين، إلا أن إصرار كل طرف على وجهة نظره أدى إلى فشل حدوث هذا التقارب أكثر من مرة، ولكن مع وجود ليبرمان تقارب المختلفون، مما لاحظ معه المتابعون للحوار الفلسطينى الفلسطينى بالقاهرة ركوب أعضاء وفدى حماس وفتح سيارة واحدة واتجاههم للفندق ودخولهم البهو وهم يتضاحكون، مما يدل على تقارب فى وجهات النظر، وهذا التقارب بالطبع له عدة أسباب، لكن أرى أنه من ضمن هذه الأسباب هو وصول نتانياهو إلى رأس الحكومة واختياره لليبرمان وزيرا للخارجية، حيث إنه كلما زاد العدو شراسة زاد الأصدقاء تقاربا، فشكرا له، أما أهم أسباب توجيه شكرى لرئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير خارجيتها هو أن وجودهما معا سوف يساعد بالتأكيد على رؤية العالم الغربى لوجه إسرائيل القبيح، فشكرا لهما.
وأخيرا هناك سبب لشكرهما، وهو أنه كلما زاد التوتر والقلق الدولى والعربى تجاه الحكومة الإسرائيلية، زاد من محاولات هذه الحكومة لإثبات العكس وإظهار حسن النوايا مما يجعلها تكون أقل تطرفا مما نظن، وربما إعلان نيتانياهو عن زيارته لمبارك فى القاهرة، وأبو مازن فى الضفة لأول مرة ما يجعلنى أبدو متفائلا نوعا ما. فشكرا لليبرمان على تطرفه وغباء دبلوماسيته، وشكرا لنتانياهو على اختياره وزيرا خير ممثل له ولسياساته السابقة، وربما القادمة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة