التكهنات حول تولى د.محمود أبو زيد وزير الرى والموارد المائية السابق، منصب الإشراف العام على المجالس القومية المتخصصة، لو صحت فإن أبو زيد سيحل ثالثاً فى هذا المنصب بعد وزيرين سابقين تولياه بعد خروجهما من منصبيهما، وهما الدكتور عاطف صدقى رئيس الوزراء الأسبق، وتلاه كمال الشاذلى الوزير السابق لشئون مجلس الشعب والشورى.
التكهنات حول تولى أبو زيد الإشراف العام على المجالس القومية المتخصصة، أثار جدلا بين الأوساط العلمية والسياسية حول حقيقة هذا المنصب الذى أصبح مجرد ترضية لبعض المسئولين الذين يتم إعفاؤهم من مناصبهم السياسية، وإن لم يكن ذلك الهدف من إنشاء مجالس قومية متخصصة فى مختلف مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية على غرار الحال فى دول أوروبا، مثلما هو موجود فى فرنسا وإيطاليا ودول أوربا الشرقية، والتى تم خروجها إلى النور فى عهد الرئيس السادات، عام1974 وفقا للمادة 164من دستور71.
"المجالس القومية المتخصصة أصبحت استرضاء للذين يتم خروجهم من مناصبهم"، كما ترى الدكتورة سوسن فايد الأستاذ بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، مؤكدة أنه ليس هناك معيار محدد لاختيار المشرف العام على المجالس القومية المتخصصة، بينما تأتى قرارات التعيين بناء على الأهواء الشخصية، وتخبط سياسى يحكم متخذى القرار وليس وفقا لشروط تفرضها طبيعة المكان، وترى الدكتورة سوسن أن رئاسة هذه المجالس وسيلة لتكميم الأفواه، فالبعض يخرج من وظيفته ويحمل فى جعبته العديد من الانتقادات والأسرار التى لا يؤمن عقباها إذا تم الكشف عنها، قائلة "الدكتور محمود أبو زيد وزير الرى والموارد المائية السابق كان ذكيا فى تشكيكه فى المعلومات التى ترددت حول إقالته". وترى الدكتورة سوسن أن المجالس المتخصصة "بها فلوس كثيرة يمكن بذلك أن تكون استرضاء ماديا ومعنويا".
"أبو زيد أرحم من الشاذلى"..
"أبو زيد أرحم من الشاذلى" كانت هذه رؤية الدكتورة سوسن، لأنها ترى أن أبو زيد له باع فى البحث العلمى، بعكس الشاذلى الذى جاء من منظومة سياسية بحته. وتؤكد على أن تعيين المشرف العام بصفة استرضائية يدل على أن "البحث العلمى فى مصر مهدر ولا يتم احترامه"، لذلك تقترح أن يأتى المشرف العام بالانتخاب وليس بالتعيين، بحيث يرشح أعضاء المجالس من يصلح لأنهم الأقدر بمعرفة أفضلهم، رافضة فكرة إلغاء هذه المجالس كما تردد على ألسنة البعض.
ويرى عبد الغفار شكر، القيادى بحزب التجمع، أن وظيفة المشرف العام على المجالس المتخصصة تتمثل فى شقين، الأول هو أنها وظيفة تأتى فى معظمها "لسد فراغ عند مسئول سابق فى وزارة"، فهو خرج منها لكنه فى الحقيقة مازال مرضيا عنه من جانب النظام السياسى الذى يحاول إرضاءه، "حتى لا يتم ركنه على الرف"، أما الشق الثانى هو أن من يتولى الإشراف على هذه المجالس أشخاص لهم خبرة فى إدارة العمل، حتى إن كان المشرف ليس له علاقة بالمجتمع العلمى، لذلك يقوم المشرف العام الذى ليس له علاقة بالعلم فى الاستعانة بمساعدين متخصصين "لتغطية مواقع النقص العلمى لديه".
"من الأفضل إلغاؤها" كانت هذه كلمات شكر حول وضع المجالس الحالى الذى يسوء من سيئ إلى أسوأ، بينما إذا تم تطويرها وإصلاحها فيمكن الإبقاء عليها لأنها تصدر العديد من التقارير الهامة يعدها كبار علماء ومفكرو وباحثو مصر. مؤكدا على "تحويل المجالس المتخصصة إلى بيت خبرة للحكومة" يتم الاعتداد بتقاريرها التى يجب أن ينص القانون على أن تكون ملزمة للحكومة ووزارتها.
أبرز الاحتجاجات
ولعل من أبرز الاحتجاجات التى واجهت شغل منصب المشرف العام كنوع استرضائى هو استقالة الدكتور صلاح صادق من المجالس القومية المتخصصة بعد عضويته بها بما يزيد على 10 سنوات، معلنا احتجاجه على تولى كمال الشاذلى الوزير السابق رئاسة المجالس المتخصصة، ومطالبا بتجميد عضويته بالمجالس ومناشدا لزملائه فى الشعبة وغيرها اتخاذ موقف مماثل. مؤكدا على أن المجالس المتخصصة مؤسسة بحثية لها الطابع القومى البعيد عن النظرة الحزبية، وأنه لا يجوز للمغضوب عليهم الإشراف عليها، وذلك وفقا لما جاء فى استقالته.
فكمال الشاذلى يعد فى نظر الكثيرين واحدا من الذين وصفوا عن جدارة بـ"الحرس القديم" داخل الحزب الوطنى، والذى جاء إشرافه على المجالس المتخصصة إرضاء له، بعد أن تم تقليص دوره فى توليه وزير شئون مجلسى الشعب والشورى، بالإضافة إلى إثنائه عن دوره كأمين عام بالحزب الوطنى. وسبقه فى ذلك الدكتور عاطف صدقى الذى تولى الإشراف على المجالس القومية المتخصصة فى 1996، بعد أن أعفاه الرئيس مبارك من رئاسة مجلس الوزراء فى نفس العام، كترضية له.
وخرج مركز دراسات واستشارات الإدارة العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة بالعديد من الأوراق البحثية، ليكشف النقاب عن وضع هذه المجالس والتى أكد من خلالها الدكتور السيد غانم أستاذ العلوم السياسة بالكلية،على أهمية الاختيار المناسب للمشرف على هذه المجالس وكذلك اختيار الكفاءات بالنسبة للباحثين بها، بالإضافة إلى محاولة تفعيل دور هذه المجالس فى ظل القدرات المالية المتاحة. والتقارير المقدمة من المجالس المتخصصة ليست موثقة علميا، وتبتعد توصياتها عن مضمونها.
يذكر أن المجالس القومية المتخصصة تابعة لرئيس الجمهورية الذى يقوم بتحديد اختصاصاتها، وهدفها المعاونة فى رسم السياسة العامة للدولة فى جميع مجالات النشاط القومى. وتتكون من 4 مجالس هى، المجلس القومى للتعليم والبحث العلمى والتكنولوجيا، والمجلس القومى للخدمات والتنمية الاجتماعية، والمجلس القومى للإنتاج والشئون الاقتصادية، وأخيرا المجلس القومى للثقافة والفنون والآداب والإعلام.
المجالس القومية المتخصصة.. "جراج" المطرودين من جنة الحكومة
الأربعاء، 08 أبريل 2009 03:23 م