"لا يخفى على أحد الواقع المأساوى الذى نعيشه فيما يخص العلم فى مصر، وبالتالى على جميع مستويات الحياة بصفة عامة، وبفوز العالم الدكتور أحمد زويل بجائزة نوبل تحول إلى نجم فى جميع المحافل، وانتظرنا 10 سنوات بعده للدخول إلى عصر العلم الحقيقى أو تحقيق إنجاز علمى، ولم يحدث أى شىء، ومن هنا اجتهدت فى محاولة الوصول إلى خطوات عملية لتحويل مبادرة حلم العلم إلى واقع"
هكذا بدأ الشاعر جمال بخيت توصيفه للواقع الحياتى فى مصر وأسباب مبادرته، فى الندوة التى عقدها صالون عبد الرحمن بدوى فى المجلس الأعلى للثقافة، وفى حوار مفتوح مع الشاعر جمال بخيت والكاتب سعد هجرس والدكتور محمد النشائى أستاذ الطاقة النووية والدكتور نادر الفرجانى، وأدار المائدة محسن بدوى رئيس مركز عبد الرحمن بدوى للإبداع.
جمال بخيت شرح مبادرته كما قدمها من قبل فى جريدة المصرى اليوم فى عدة نقاط تبدأ بإنشاء هيئة علمية مستقلة عن الحكومة، وإن كانت متعاونة مع الدولة تدار بقانون خاص يضعه مجموعة من العلماء والقانونيين والإداريين، ويتم تمويل هذه الهيئة بطريقتين الأولى التزام 40 ألف مصرى أدبيا بدفع 2500 سنويا لمدة عشر سنوات ليصل المبلغ الإجمالى إلى 100 مليون جنيه تشكل الحد الأدنى للمشروع، أما الحد الأقصى تحدده تبرعات بقية المصريين.
وتحدث جمال بخيت عن دور الدولة فى المشروع، وهو إصدار هذا القانون الخاص، بالإضافة إلى تخصيص الأراضى للمشروع مع البنية الأساسية، وإسقاط الضرائب والجمارك باعتباره مشروعا قوميا.
ويدير هذا المشروع كما قال جمال بخيت مجلس أمناء مكون من مجموعة من العلماء المصريين الموثوق فى ضمائرهم بصفة عامة وهم الدكاترة أحمد زويل ومحمد غنيم ومجدى يعقوب ومصطفى السيد ومحمد النشائى وفاروق الباز ورشدى سعيد.
العالم الكبير الدكتور محمد النشائى بدأ كلامه بحكمة تقول "الحياة الحقيقية تبدأ على الشاطئ الآخر من اليأس" ثم شرح وضع البحث العلمى فى مصر قائلا "لى 12 سنة صوتى اتنبح عشان الدولة تبدأ مشروع علمى وحددت ليهم مبادرة قومية مشروع النانو تكنولوجى، ولمدة 5 سنوات كنت أتكلم 8 ساعات يوميا غير مدفوعة الأجر ولا الشكر، ولم يحدث أى شئ من قبل الدولة، وده يدفعنى أن أتعلق بالمبادرة، وعشان كده أنا معاكم فى أى حاجة تتفقوا عليها حتى لو أنا مش موافق عليها، وحتى لو عقلى بيقول لى فيه غلطات فى المبادرة ههمل عقلى تماما"
وقارن بين مصر والسعودية والكويت قائلا "فى الكويت أخدت 12 يوما عشان أقنعهم بمبادرة النانو تكنولوجى، واقتنعوا، والسعودية احتاجت من 12 شهرا يعنى عاما كاملا علشان تبدأ المبادرة، ولكن فى مصر لى 12 سنة، ولم يوجه لى الشكر أحد"
ودعا الدكتور النشائى إلى الاستفادة من علاقات المصريين بالخليج ودول الخليج التى فى رأيه ستشجع هذه المبادرة ماديا ومعنويا، وبشتى السبل، وبدا أن النشائى متشائم من الوضع العلمى فى مصر حيث قال "معندناش أى مقومات نعمل أى حاجة ولدينا 20 ألف سبب للتأخر منها إن الدولة هتعطل عملية جمع المال منذ البداية وهتتهمنا إننا أخدنا فلوس، ولو قدرنا نقنع الدولة إننا نجمع الفلوس بدون محاصرة يبقى هنبدأ الخطوة الأولى للنجاح" وتساءل النشائى أين هى المعامل والمكاتب والماهيات التى تدفع إلى النجاح ورغم ذلك الدعاة يقولون فى كل وقت "الشاطرة تغزل برجل حمار"، وهو كلام خاطئ بالمرة، ثم وجه النشائى كلامه إلى جمال بخيت قائلا: وهتشوف ياجمال بخيت اللى بيحاولوا منع مشروعات البحث العلمى معاك فى كل وقت رغم إنى مؤيدك لآخر قطرة.
الدكتور سعد هجرس قارن بين وضع البحث العلمى فى الدول العربية عامة وإسرائيل حيث تنفق إسرائيل 30 ضعف الدول العربية على البحث العلمى، 10 أضعاف الأفراد العلميين، و50 ضعفا فى الإنترنت، 70 ضعفا فى النشر العلمى، و1000 ضعف براءات الاختراع، وأكد هجرس فى مداخلته أن دول العالم تعرف أن البحث العلمى مفيد حتى فى الاقتصاد، وأن إنفاق 5 قروش على البحث العلمى تعود على الاقتصاد بـ10 قروش، ولكن فى مصر لم نتعلم ولا نعلم ذلك، واعتبر الحل هو تأييد هذه المبادرة لأنها تنقلنا من ثقافة اللطم إلى ثقافة المبادرة والأمل
الدكتور نادر الفرجانى أشار إلى أنه يجب أن ننتبه إلى أن هذه المبادرة تقوم فى سياق مجتمعى معاد للعلم سواء على نظام مستوى الحكم الفردى المتسلط، أو على مستوى العامة التى تنتشر فيها الخرافة والجهل، بما يجعل المجتمع كله معاد للعلم، مشيرا إلى أنه لا بد من وجود نظام تعليمى كفء، وقارن بين مصر والهند فى يناير 1967، عندما كان يوجد مشروع طائرة أسرع من الصوت بينهما ومصر كانت تصنع المحرك والهند تصنع الهيكل الخارجى أى أن مصر أكثر تقدما من الهند فى ذلك الوقت.