محمد حمدى

"منفيستو" الثورة

الثلاثاء، 07 أبريل 2009 01:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مر السادس من أبريل كيوم عادى من أيام مصر، فيه الكثير من التناحر والتناطح فى الصحف والفضائيات وعلى الإنترنت، بينما الشارع المستهدف بيوم الغضب لم يغضب، ولم يهتم، ولم يشارك، وربما لم يسمع بحكاية 6 أبريل من أساسه، كما جاء فى تحقيق صحفى نشرته البديل أمس الاثنين قال فيه بعض شباب الجامعات أولى الفئات المستهدفة بالإضراب، إنهم لم يسمعوا عنه، وتساءلت طالبة، هل هو شم النسيم وآخر قال إنه يوم اليتيم، ناهيك عن الكثيرين ممن اعتبروه كذبة أبريل.

وليس المقصود من هذا المقال تسفيه أراء دعاة الإضراب، أو الهجوم عليهم أو حتى انتقادهم من موقع مخالف لفكرة هذا الإضراب بالذات، وإنما دعوة للنقاش مع شباب يحاول دخول بوابة العمل العام بشكل غير تقليدى، رغبة فى تثبيت أقدامهم فى هذا المضمار، ودفعهم إلى المواصلة، والتعلم من أخطائهم، وعدم تكرار إخفاقات غيرهم من محترفى السياسة فى مصر.
الاحتجاجات أيا كان شكلها وطريقة تنفيذها أمر مشروع، سواء لمطالب مهنية، أو فئوية، أو حتى سياسية، لكن المشكلة أن الكثيرين من محترفى العمل السياسى والعام يخلطون بين القدرات الشخصية وضرورات الواقع، وبين الأمال والأحلام لذلك سرعان ما تنهار الاحتجاجات دون تحقيق أهدافها.

ولدينا فى مصر خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة عدة نماذج للاحتجاج السياسى والمهنى بعضها نجح نجاحاً لافتاً، والبعض فشل فشلاً ذريعاً، فمثلا احتجاجات أهالى دمياط ضد مصنع أجريوم للأسمدة حققت هدفها لأن أهالى دمياط تميزوا بوعى سياسى عال جدا، حددوا الهدف منذ البداية فى عدم إقامة المصنع، ولم يضيفوا إليه مطالب أخرى، ولم يسمحوا للسياسيين سواء من حركات احتجاجية أو جماعات أو أحزاب معارضة السيطرة على الاحتجاجات وتحميلها مطالب تللك الجماعات.

بينما احتجاجات القضاة لإصدار قانون للسلطة القضائية فشلت فشلاً ذريعاً، وصدر القانون الجديد دون أن يحقق المطلب الأصلى للمحتجين باستقلال قضائى حقيقى عن السلطة التنفيذية، لأن القضاة بالغوا فى الاحتجاج والتصعيد، وتحولوا إلى ما يشبه حركة سياسية وتعددت مطالبهم، واختلطت بمطالب سياسية وشعبية أخرى، وأصبحت اجتماعات القضاة مثل المؤتمرات الجماهيرية للأحزاب.

ونجح إضراب موظفى الضرائب العقارية رغم أن عقله المنظم كمال أبو عيطة سياسى منظم، ومن أشهر المشاركين والمنظمين للإضرابات والاعتصامات منذ التظاهر ضد كامب ديفيد ومشاركة إسرائيل فى معرض الكتاب حتى الآن، لكن أبو عيطة ورفاقه اعتصموا أمام مجلس الوزراء مصرين على مطالبهم المهنية والفئوية، فأجبروا الحكومة على الاستجابة لها.

فى النسخة الثانية من إضراب السادس من أبريل، رأينا حرثاً كثيراً، ولم نجنِ شيئاً، ربما لأن منظمى الاحتجاج، أغواهم نجاح إضراب العام الماضى، فتصوروا قدرتهم على السيطرة على الشارع وتجاوبه مع كل مطالبهم، وهذه إحدى آفات السياسة المصرية، لا يوجد فى مصر كلها حكومة أو معارضة أو حركات احتجاجية من يمكنه الادعاء بأنه يملك الشارع أو يمكنه السيطرة عليه، أو حتى يعرف كيف يفكر وكيف يمكنه تحريكه.

مشكلة 6 أبريل أن أصحابه طرحوا جملة من المطالب المتعددة بدت وكأنها "منفيستو" لقيام الثورة، وربما تصور بعضهم أنهم فعلا يقودون ثورة، لكن الحقيقة أنهم شباب مؤمن بالتغيير، لكنهم لا يعرفون آلياته، كان يمكن لشباب السادس من أبريل أن يركز احتجاجاته هذا العام على إلغاء الحرس الجامعى مثلاً فينجح، أو إطلاق دعوة متفاعلة لمحاربة الفساد تستمر ولا تتوقف عند إضراب يوم واحد، أو الاحتجاج ضد الغلاء بدعوة لمقاطعة سلع معينة تقف خلفها سياسات احتكارية وجشع، سواء حكومياً أو خاصاً وطرح البدائل أمام الناس، أو اختيار أى قضية تهم الشارع والوقف خلفها ودعمها حتى الوصول إلى نتيجة.

هكذا نكون مؤثرين، وهكذا نصبح فاعلين، لكن المشكلة أن نتوهم بأننا أصبحنا فى ليلة وضحاها زعماء نحرك مصر من إسكندرية إلى أسوان، ونقول فى بيان قبل الإضراب بيوم أن نسبة المشاركة ستتعدى 95%.

على موقع اليوم السابع، قال الدكتور محمد أبو الغار منسق حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات أن حركة 6 أبريل قد تلد جيلاً جديداً من السياسيين، لكنه قال فى نفس الوقت إنها قد تخلق المزيد من الفوضى، وكل ما نتمناه أن يخرج من رحم هذه الحركة جيل جديد من الشباب المهتم بالشأن العام والعمل السياسى، جيل يختلف كثيراً عنا، وعن السياسيين الفوضاويين الذين يقفزون على كل المطالب المشروعة فيفشلونها.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة