محمد حمدى

إفلاس مصر

الإثنين، 06 أبريل 2009 01:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صباح الجمعة الماضى نشرت الصحفية المجتهدة إسلام عبد الرسول تقريراً بالغ الأهمية فى الصفحة الأولى لصحيفة "روزاليوسف" عن فك وديعة الطاقة البديلة التى جنبتها الحكومة منذ عام 1984 بقيمة أربعة مليارات جنيه، وكان يفترض أن تمثل هذه الوديعة الأساس الذى تبدأ به مصر مشروعها لإقامة أول محطة نووية سلمية لإنتاج الطاقة.

ورغم مرور أربعة أيام لم يعلق أحد على الخبر، لا وزير المالية الذى اتخذ قراراً بفك الوديعة لتمويل جزء من عجز الموازنة، ولا وزير الكهرباء والطاقة المنوط به إجراءات بناء المحطة النووية التى أعلن عنها قبل ثلاثة أعوام فى المؤتمر العام للحزب الوطنى الحاكم.

فك وديعة الطاقة البديلة يعنى أن دخول مصر للنادى النووى أصبح محل شك، وربما يجرى تأجيله لحين تدبير اعتمادات مالية بديلة، لكن الأخطر ما فى الأمر دلالاته بأن مصر على وشك الإفلاس، وستعانى الحكومة كثيراً فى تغطية الإنفاق خلال السنة المالية القادمة التى تبدأ فى الأول من يوليو القادم.

وحسب وزير المالية عقب اجتماع مع الرئيس الأسبوع الماضى، يبلغ العجز المتوقع فى الموازنة العامة للدولة العام القادم 109 مليارت جنيه، لكن غالى وعد بخفض العجز إلى مائة مليار جنيه فقط، بينما رد مسئولون فى وزارة المالية متوقعين أن يرتفع العجز إلى 150 ملياراً وليس مائة مليار فقط.

ويعنى هذا العجز أن الحكومة ستطرح المزيد من السندات الحكومية قصيرة الأجل وطويلة الأجل حتى تشتريها البنوك، فتجد الحكومة المال الكافى لتنفيذ ما تعهدت به فى الموازنة، لكن المشكلة بمنتهى البساطة أن سندات الخزانة التى تصدر بضمان الحكومة تمولها البنوك من أموال المودعين، يعنى الحكومة تواجه عجزاً مالياً، وتريد الاستدانة، ويقوم المواطنون بإقراضها بشكل غير مباشر من إيداعاتهم فى البنوك.

المشكلة أيضاً أن الحكومة تبدو عاجزة عن وقف الاستدانة الداخلية، بعد تراجع الاستدانة الخارجية بسبب الأزمة المالية العالمية، ورغم تأكيد قمة العشرين على دعم الدول النامية، لكن الواقع فى العالم كله الذى تطحنه الأزمات الاقتصادية يقول إن "جحا أولى بلحم طوره" بمعنى أن الأموال الغربية ستتجه لإنقاذ الاقتصاديات والشعوب الغربية وليس شعوب العالم المطحونة بسبب السياسات الغربية.

وحسب تصريح سابق للدكتور جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، فقد بلغ الدين الحكومى الداخلى 511 مليار جنيه، وإذا أضفنا إليه 150 ملياراً أخرى، فهذا يعنى أن الدين الداخلى سيرتفع بنهاية العام المالى القادم إلى أكثر من 660 مليار جنيه، وهو أكثر مما تتحمله الدولة التى أصبحت على وشك إشهار إفلاسها، لكن السؤال المشروع فى هذه الحالة هو مصير أموال الناس الموضوعة فى البنوك ودفاتر التوفير فى هيئة البريد وأموال التأمينات الاجتماعية التى توسعت الحكومة فى الاستدانة منها طيلة السنوات الماضية لتغطية عجز الموازنة الدائم والمستمر والمتزايد.

هذا ليس سوى جانب واحد من جوانب الأزمة الاقتصادية التى تضرب مصر بقوة، أزمة لا يبدو ان حلها وشيك، ولا يوجد أى ضوء فى نهاية النفق، فكل الإجراءات التى اتخذت حتى الآن لإنقاذ الاقتصاديات العالمية لم تفلح، رغم إنفاق تريليونات الدولارات، وجميع تصريحات المسئوليين فى كل أرجاء العالم بلا استثناء تقول إن الأسوأ لم يأتِ بعد، بينما الحكومة المصرية يدها فى المياه الباردة، وتبدو غير واعية لما يحدث حولها، وحتى لو أدركت فهى عاجزة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الأزمة باستثناء المزيد والمزيد من الاقتراض من فلوسى وفلوسك الموضوعة فى البنوك أو أموال المعاشات التى تقتطع منا من أجل المستقبل.

بملء الفم وبعلو الصوت أقولها، مصر على وشك الإفلاس، والأيام القادمة سوداء بل حالكة السواد، وقد آن أوان رحيل حكومة نظيف لأنها لن تكون قادرة على التعامل مع الشدائد والمحن، حتى لا يأتى اليوم الذى نقول فيه جميعاً "عشانا عليك يا رب!".









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة