إذا علمت أن جنينك سيأتى إلى الدنيا مشوها فأنت أمام خيارين إما أن تتخلصى منه سريعا، أو أن تبقى عليه ليأتى محملا بأنواع العذاب لكى ولأسرتك ولنفسه فى المقام الأول.. هل تعلمين متى تقعين فريسة لهذا الموقف؟! .. الإجابة تجدينها فى السطور التالية التى تحكى مأساة ثلاثة سيدات فقدن أجنتهن بسبب حملة تطعيم ضد مرض الحصبة الألمانى شنتها وزارة الصحة فى نوفمبر 2008.
الحملة كما أعلنت وزارة الصحة تستهدف الأطفال من سن 10 إلى 20 سنة إلى هذا الحد والأمور تبدو فى نصابها الصحيح، إلا أن الواقع جاء مخالفا لذلك، فهناك سيدات تخطين العشرين ومع ذلك شملتهن الحملة.. هؤلاء هن الضحايا اللاتى يحدثونكم عن مصيرهن.
كارولين إبراهيم (29 سنة) "يوم 26 من نوفمبر تقول "جاءت حملة من وزارة الصحة إلى المدرسة لتطعيم الجميع ممن يتراوح عمرهم من 10 إلى 20 سنة ضد مرض الحصبة الألمانية التى سبق وأعلنت عنها الوزارة فى التليفزيون، وفوجئنا بأن التطعيم يشمل جميع الأعمار كما أكد لنا أفراد الحملة، وبالتالى شملنى التطعيم وسألتنى الممرضة "أنتى حامل؟" فرددت قائلة "لأ بس مستنية ربنا يرزقنى الأيام دى"، فطعمتنى ووجهت كلامها للباقين "اللى حامل مش هتاخد التطعيم"، المشكلة أن هناك سيدات كانت حاملا ولا تعلم وقت التطعيم ومن بينهن أنا وعلمت بعد ذلك أننى كنت حاملا فى أسبوعين وقت التطعيم".
وبعد اكتشاف كارولين الحمل ذهبت لطبيبة أكدت لها احتمالية تشوه الجنين بسبب التطعيم، ولكن نصحتها بالانتظار 4 أشهر للتأكد من ذلك أملا فى الاحتفاظ بالجنين، فذهبت إلى طبيبها الخاص وقد مر على حملها 11 أسبوعا وطلب منها الإجهاض الفورى لأن تأثير التطعيم على أى سيدة حامل أكيد وهو تشوه الجنين، وتقول كارولين "طلبت منه عمل سونار للتأكد من كلامه، وجاءت النتيجة مؤلمة وهى ضعف الجهاز السمعى والبصرى للجنين".. تعهدت كارولين بعدم تلقى أى تطعيمات أخرى سوى بالشروط المعلنة فى وسائل الإعلام فقط.
اختلفت آراء الأطباء حول المدة التى يمنع فيها الحمل نهائيا بعد تلقى التطعيم فقد أكد علاء الغنام طبيب أمراض نساء، أنه لابد أن يمر شهر واحد بدون حمل لضمان عدم تشوه الجنين ولا يوجد علاج لمنع حدوث التشوه فهو نتيجة حتمية واتفقت معه الدكتور نجلاء الشبراوى رئيس قسم النساء والتوليد بطب الأزهر التى أشارت إلى أن من بين النتائج هو عدم نمو الجنين أو حدوث تشوهات فى النمو والأعصاب وكلها تشوهات قاتلة، بينما أشار الدكتور عمرو قنديل رئيس الإدارة المركزية للشئون الوقائية بوزارة الصحة والمسئول عن هذه الحملات إلى أنه لابد أن يمر شهران بعد التطعيم لضمان حدوث حمل جديد.
الضحية الثانية لا تختلف كثيرا "منى صبحى" (28 سنة) كانت تحلم بهذا المولود منذ زواجها، حيث تعطل قدومه كثيرا وحينما رزقها الله فقدته بسبب جهل الآخرين، هكذا بدأت منى حكايتها مع التطعيم عندما جاءت الحملة إلى المدرسة وتلقت التطعيم على الرغم من إخبارها الممرضة أنها فى انتظار الحمل، وبالفعل رزقها الله بالحمل وذهبت للطبيب المعالج ولم تخبره بشأن التطعيم سوى بعد مرور شهرين على حملها لعدم علمها بخطورته بل وعلى العكس كانت تعتقد أن التطعيم أكسبها مناعة هى وطفلها، وأجرت عملية إجهاض بعد علمها بتشوه جنينها، وقالت "كل هم بتوع الحملة إنهم يخلصوا الجرعة اللى معاهم ويملوا الكشوف بالأسماء، وفى 70 مدرسة عندنا تطعموا".
لم يكن التضارب فقط فى مدة الحمل وإنما امتد إلى إعداد الذين تلقوا هذا التطعيم بل وفئاتهم العمرية أيضا، فبينما تشير الإحصائيات الرسمية لوزارة الصحة إلى أنه تم تطعيم 18.375.298 مليون شخص فى الفئة العمرية من 10 إلى 20 سنة، وجدنا على أرض الواقع أن هناك من تخطوا هذه السن وتلقوا التطعيم لدرجة أنهم طعموا رجل يبلغ من العمر (55 عاما)، حيث تلقى التطعيم على الرغم من تخطيه سن الـ50 عاما والنتيجة هى إصابته بحالة مرضية شديدة ألزمته الفراش لمدة أسبوعين وأصيب جهازه المناعى، وهذا ما أكدته الضحية الأخير رانيا محسن (27 سنة) التى فوجئت بتلقيها التطعيم على الرغم من أنها تخطت العشرين ثم حملت بعد التطعيم بشهر وذهبت إلى الطبيب المعالج لها لمتابعة الحمل وأخبرته بشأن التطعيم، فأجرى لها عملية فورية لإجهاض الجنين بعد تأكده من حدوث تشوهات به، ويقول شريف عبد الحميد الطبيب المعالج لرانيا "حتى الآن قمت بإجراء عمليتى إجهاض لحالتين متشابهتين لأن التطعيم ضد الحصبة الألمانى يحدث تشوهات فى الجهاز السمعى والبصرى للجنين والقلب أيضا، ولابد ألا يحدث حمل إلا بعد مرور من 6 أشهر إلى سنة على التطعيم، ولذلك يفضل أخذ وسيلة منع حمل مع التطعيم".
بمواجهة الدكتور عمرو قنديل بالضحايا الثلاث، نفى بشدة قائلا "نحن لم نتخطى السن المحددة للتطعيم والتزمنا بجميع القواعد الموضوعة للحملة".
ولمزيد من البحث حاولنا الوصول إلى عدد السيدات اللاتى تلقين هذا التطعيم، ولكن وجدنا بعض الصعوبات بسبب تضارب الأرقام إلا أن الدكتور عمرو قنديل أكد أن هناك 50% من الذكور وأخرى مثلها من الإناث من المطعمين، وهذا على أساس أنه يتحدث عن الفئة العمرية من 10 إلى 20 سنة، ولكن حتى وإن كانت النسبة أقل من ذلك بكثير فكم أم الآن تلقت هذا التطعيم وتنتظر طفلا مشوها؟!
استنكر وحيد البدرى المدير التنفيذى لجمعية ضحايا الإهمال الطبى أن تكون حملة التطعيم رسمية ومن وزارة الصحة، وأن القائمين عليها يجهلون معلومة هامة مثل عدم حدوث حمل بعد تلقى التطعيم مباشرة، وقام بدعوة الضحايا للجمعية لمساعدتهم فى رفع دعوى ضد وزير الصحة بصفته ممثل الوزارة والمسئول الأول عن هذه الحملات.
هذه هى الحالات التى استطعنا التوصل إليها حتى الآن، ولكن بمزيد من البحث سنجد أن هناك الآلاف لا يعلمون بشأن خطورة الحمل بعد تلقى التطعيم، ولا نعلم كم منهن كانت تنتظر حملا أو كانت حاملا بالفعل وقت التطعيم أو حتى عدد السيدات الحوامل، وفى النهاية نحن أمام خطر جديد يجعلنا ننتظر جيلا جديدا من الأطفال المشوهة.
لمعلوماتك
حملة التطعيم بدأت مرحلتها الأولى 16 نوفمبر 2008، وانتهت فى 4 ديسمبر من العام نفسه، للفئة العمرية من 10 سنوات إلى 20 سنة.. أما المرحلة الثانية فستبدأ فى نوفمبر 2009 وتستهدف الأقل من 10 سنوات.
تشوه الأجنة أول مخاطر التطعيم..
ضحايا تطعيم الحصبة الألمانية يروون مأساتهم لليوم السابع
الخميس، 30 أبريل 2009 11:52 ص