كلمة الرئيس مبارك التى ألقاها نيابة عنه المهندس سامح فهمى، وزير البترول فى قمة صوفيا لأمن الطاقة، وصفها خبراء طاقة وسياسيون بـ«السياسية» أكثر منها اقتصادية، خاصة أن الكلمة تناولت جوانب متعلقة بالاستقرار السياسى، والموقع الجغرافى الاستراتيجى لمصر، لتشير فى النهاية إلى إمكانية الاعتماد على تلك المقومات لتصبح مصر مركزا إقليميا للطاقة، وتقوم بدور رئيسى فى تأمين جانب من الإمدادات العالمية للطاقة، وهو ما استبعده الخبراء، مؤكدين صعوبة لعب مثل هذا الدور، لعدم جدواه اقتصاديا بالنسبة للدول المصدرة والمستوردة على السواء.
خطاب وزير البترول أشار إلى العوامل الجيوسياسية التى تلعب دورا رئيسيا فى تحديد مصدر ونوع ومسار مشروعات إمدادات الطاقة، ووصف خطوط أنابيب الغاز والبترول بـ«ذات حساسية خاصة»، فى إشارة إلى الأبعاد السياسية لتصدير الغاز المصرى إلى دول الجوار، كالأردن وإسرائيل بأسعار منخفضة، تبدو من وجهة نظر الدولة أهم من اقتصاديات التصدير، وهى الإشارة التى رجح المهندس محمد طالب زارع، وكيل أول وزارة البترول سابقا، أن تكون مقدمة لتمديد عقد تصدير الغاز لإسرائيل بعد انتهائه.
وقال السفير السابق رخا أحمد حسين إن موقع مصر الجغرافى والسياسى دائما ما يفرض عليها أدوارا لها أبعاد سياسية على المحور العربى، أو الأفريقى، أو الآسيوى، مشيرا إلى أن هذه المكانة قد تبرر تصدير الغاز لدول الجوار، و إبرام اتفاقات لا تلقى القبول الشعبى، مثل اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل، لكنها لا تعنى قدرة مصر على أن تصبح مركزا إقليميا للطاقة فى المنطقة، لأسباب تتعلق بالجغرافيا والجدوى الاقتصادية.
ورجح السفير حسن عيسى، المدير السابق لإدارة إسرائيل بوزارة الخارجية، أن يكون تسييس تصدير الغاز المصرى، الذى اتضح من تأكيد وزير البترول على الحساسية الخاصة التى تتمتع بها خطوط أنابيب الغاز، وتكرار التأكيد على تدخل العوامل الجيوسياسية فى اتفاقيات التصدير، إلى إمكانية تمديد عقد تصدير الغاز المصرى إلى إسرائيل، بعد انتهائه، خاصة أن المهندس سامح فهمى رغم تأكيده على عدم توقيع عقود تصدير جديدة للغاز حتى 2010، فإنه لم ينف نهائيا العدول عن تصدير الغاز المصرى بعد هذا التاريخ.
ورفض د.رمضان أبوالعلا، أستاذ البترول بجامعة قناة السويس، كلام وزير البترول، عن تداخل السياسة فى تصدير الغاز، مؤكدا أنه لا يعدو أكثر من تبرير ضعيف لإهدار ثروات مصر لأسباب وصفها بـ«غير المقبولة على الإطلاق حتى وإن كانت مبررة سياسيا»، مؤكدا صعوبة تحول مصر لمركز إقليمى للطاقة كما قال وزير البترول، لعدم وجود المقومات التى تساعد على ذلك، فاحتياطيات البترول لا تكفى للاستهلاك المحلى، وتغطى الدولة فارق الاستهلاك بالشراء من حصة الشريك الأجنبى، بينما تتراجع احتياطيات الغاز نتيجة لسياسات التصدير. وقال إن فكرة التوسع فى تصدير الغاز العراقى عبر خط الغاز العربى، غير قابلة للتنفيذ عمليا، فالأجدى نقل الغاز العراقى إلى أقرب ميناء فى سوريا أو الأردن، ومنها إلى أوروبا، ونفس الأمر بالنسبة لقطر. فيما استنكر المهندس محمد طالب زارع الأمر برمته، قائلا «مصر لا عندها غاز ولا عندها بترول، والكلام دا غير مسئول، يعنى إيه القيام بدور فعال وحيوى فى تأمين جانب من الإمدادات العالمية للطاقة، وإحنا مش عارفين نأمن الاحتياجات المحلية من البنزين والغاز؟!