◄لماذا ينجح الجيش وتفشل الحكومة فى المشروعات الكبرى ومكافحة الفساد؟
لماذا القوات المسلحة والآن؟ وهل هى بالفعل الحل لمواجهة المشكلات والقضايا الخطيرة؟ هذا السؤال تفجره الأحداث الأخيرة، والمطالبات التى يرفعها نواب فى البرلمان. ووزراء وأحيانا مواطنون، يدعون لإسناد المشروعات الاستراتيجية والعملاقة للقوات المسلحة التى أثبتت فى تجارب وأحداث كثيرة أنها عند حسن ظن الشعب المصرى، ويرون أن هذه المشروعات تعثرت وافتقدت الانضباط والتنظيم، كما أنها ازدحمت بالفساد والمخالفات، حدث ذلك فى مشروعات كبرى مثل توشكى وشرق التفريعة وخليج السويس، وهى المشروعات التى اتضح أنها لم تشهد تقدما ولم تستطع أى جهة أن تنجز ما عليها إلا القوات المسلحة، التى أشاد بها الجهاز المركزى للمحاسبات فى تقريره عن شرق التفريعة.
ويستشهد هؤلاء فى مطالبهم بأن القوات المسلحة كانت أسرع فى الاستجابة عند الأزمات، سواء فى مواجهة آثار زلزال 1993 وسيطرت على الأحداث، وفى مناطق الكوارث مثل صخرة المقطم، والسيول كانت القوات المسلحة هى التى سارعت بنصب الخيام وواجهت المشكلة بسرعة وكفاءة، كما ساهم الجيش فى مواجهة مشكلة الخبز فى القاهرة والمحافظات، عندما قدم جهاز الخدمة الوطنية الخبز بجودة عالية، وساهم أفراده فى تنظيم توزيعه بشكل إنسانى، وهى التى ساهمت بفاعلية فى إطفاء حريق مجلس الشورى.
كل هذا هو الذى دفع بعض النواب وكثيرا من المواطنين ليطالبوا بإسناد المشروعات الاستراتيجية الكبرى للقوات المسلحة.
ويستند هؤلاء إلى ما تتميز به المؤسسة الوطنية من كفاءة وانضباط، وكونها خالية من أمراض النظام الإدارى. ويدعو هؤلاء الجيش للعمل فى إقامة مدن سكنية للمواطنين من محدودى الدخل، وهو أمر عجزت عن إنجازه وزارات الإسكان المتتالية، التى عجزت عن القيام بمهامها الأساسية، وتفرغت لإقامة مدن ساحلية سياحية، أو انحرفت فى إقامة نظام لتوزيع أراضى الدولة على مستحقيها.
وأفرزت عشوائيات تهدد الأمن القومى القوات المسلحة نجحت أيضا فى إنجاز مهام إنشائية بسرعة وكفاءة فى الثمانينيات والتسعينيات مثل الكبارى، التى كانت تُتم إنشاء الكوبرى خلال شهر واحد فقط. وبالغ البعض بالدعوة لأن تشرف القوات المسلحة على إجراء الانتخابات، بما يضمن عدم التدخل فيها.
القوات المسلحة تحظى باحترام وتقدير الشعب، ودورها مطلوب أكثر مع تقوية المؤسسات التشريعية والتنفيذية والفصل بين السلطات بشكل واضح يضمن لكل مؤسسة صلاحياتها وتوازنها مع المؤسسات الأخرى. ويمكن ضمان مدنية الدولة، مع توسيع دور جهاز وطنى كالقوات المسلحة، فى إنجاز المهام الاجتماعية التى تعجز الحكومة عن إنجازها.
ومن دون أن يؤثر ذلك فى طبيعة الدولة المدنية. وقد فعل الجيش ذلك بالفعل فى مواجهة مشكلات كبرى كالزلزال أو السيول والخبز. ومن الممكن الاستفادة من هذا الدور فى إنجاز مدن سكنية يقسمها ويشرف الجيش على إدارتها وصيانتها، من خلال جهاز الخدمة الوطنية فيه، والذى نجح فى إنجاز مهام سابقة من دون أن يحمل الشعب أعباء أو جمايل.
وإذا كانت مثل هذه الدعوة قد ترددت بقوة فى البرلمان ومن وزراء سابقين، فإنها تكون جديرة بالمناقشة. على اعتبار أن القوات المسلحة هى رمز الدولة أكثر من غيرها.
لكن البعض يرى أن القوات المسلحة هى مؤسسة وطنية أثبتت التجربة أنها تدرك دورها جيدا، وتحرص على ألا يختلط هذا الدور بغيره من الأدوار. وأنها تحمى الدولة وتمثلها بشكل يفوق غيرها من المؤسسات. فإذا كان المواطنون والمعارضة يختلفون حول السلطة التنفيذية بما فيها رئيس الدولة بوصفه رئيس السلطة التنفيذيية، فإن القوات المسلحة لدى الشعب المصرى رمز للدولة، وأثبتت ذلك من التجارب، حتى عندما قامت مظاهرات وأحداث يناير 1977، كان نزول القوات المسلحة لضبط النظام، مرهونا بعدم التصادم مع الشعب، لأن قواته المسلحة هى الحامى، ونفس الأمر تكرر فى أحداث الأمن المركزى بدرجة أخرى.
وقد حافظ الجيش المصرى على مكانته كممثل للدولة وحام لها. وهو ما يشجع كثيرين لأن يوسعوا الدعوة لإشراك القوات المسلحة لتكون هى الحامى لأى إصلاح سياسى، وأن تكون الضامن لتطبيق الدستور، مثلما هو الحال فى تركيا، حيث يبتعد الجيش عن الحياة المدنية، لكنه يحرس الدستور ويؤكد سلطته فى مواجهة الجميع، بشرط الرقابة القضائية، ودون أن يكون ذلك على حساب دورها الأساسى فى حراسة التراب الوطنى.
أو التدخل فى الدولة المدنية، بل هناك من يرى أن إصلاح النظام الاجتماعى، يقوم فى الأساس على إنجاز قضايا الإسكان والعلاج ومواجهة العشوائيات، وكلها تمثل تأكيدا لدور الدولة المدنية، يساعد على دعم المشاركة المجتمعية فى العملية السياسية، بعد رفع ضغط الفقر والمرض الذى يكون مبررا للضغط السياسى.
لمعلوماتك...
◄ 20 ألف فدان قال الجهاز المركزى أن جهاز الخدمة الوطنية نجح فى استصلاحها فى شرق العوينات
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة