محمد حمدى

اختراع دين جديد

الخميس، 30 أبريل 2009 01:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل أيام، وفى ندوة علمية حول قانون الأحوال الشخصية الجديد، دعت الدكتورة زينب رضوان، وكيل مجلس الشعب، إلى منح المرأة حق تطليق نفسها بنفسها دون اللجوء إلى القضاء للحصول على حكم قضائى!

صحفيا يبدو خبرا مهما، ووفقا لحرية الرأى والتعبير، من حق الدكتورة زينب قول ما تشاء، لكن الحقيقة المهمة التى يغفلها بعض الناس أنه حين يتعلق الأمر بنصوص دينية واضحة وقاطعة يجب أن يتوقف الاجتهاد، وتنتهى حرية الرأى.

فى مصر دعوة قديمة لإقامة دولة مدنية، تقوم على المواطنة المتساوية فى الحقوق والواجبات، بما فى ذلك حرية العقيدة، وحرية الرأى، لكن السعى الدءوب لميلاد هذه الدولة المدنية المتعثرة لا يجب أن يكون بأى حال تعديا على معتقدات الناس، ولا محاولة اختراع دين جديد.

وتتوافق دعوة الدكتورة زينب مع الكثير من اللغط من جمعيات ومنظمات حقوقية عن ضرورة إعداد قانون الأحوال الشخصية بعيدا عن الأديان، وفقا للقوانين المدنية، وهو كلام يبدو غريبا فى دولة يلعب فيها الدين دورا مهما فى حياة الناس، ويرتب الحقوق فى العلاقات الشخصية مثل الزواج والطلاق والميراث والتبنى وغيرها من الأمور التى لا يجوز ولا ينفع أن تتم بعيدا عن الإسلام للمسلمين، والمسيحية للمسيحيين.

وقرأت أيضا الكثير من الآراء والاجتهادات حتى من رجال دين يدعون إلى تقييد تعدد الزوجات، رغم أن ديننا الحنيف يؤكد على هذا الحق، ويضع له شروطا، ويربطه بنص صريح "وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة"، لكن هذا الحق الاختيارى من الله للبشر لا يصح لأى إنسان مهما كان تقييده.. تماما مثل من يدعون للحق فى طلاق المسيحيين بينما المسيحية تضع شروطا لازمة لوقوع الطلاق.
ويبدو لى من مثل هذه التصرفات التى تتكرر بشكل متسارع أن بعض من يريدون مدنية الدولة، لا يفرقون بين المدنية والحق فى العقيدة، وهو أمر يدخلنا فى الكثير من اللغط، ويترافق معه الكثير من التجرؤ الذى يصل إلى حد الاعتداء على الأديان، مما يخلق حالة من عدم الثقة تجاه كل مخلص يدعم أفكارا مثالية، مثل مدنية الدولة الحديثة القائمة على الحقوق المتساوية، فى نفس الوقت الذى يجب أن تؤكد فيه المدنية على حرية العقيدة وممارسة الشعائر.

ودون افتراض سوء النية، فإن مواصلة بعض المثقفين ورجال الدين ومؤسسات المجتمع المدنى التغاضى عن النصوص الدينية، قد تعنى لدى البسطاء أن هناك من يحاول العبث بدينهم، واختراع دين جديد، نأخذ فيه ما يناسب هوانا ونتغاضى عما لا يرضينا، وهو أمر غير جائز وغير لائق، لأن على كل من فكر مهما بلغت قيمته العلمية والفكرية أن يراعى معتقدات الناس، وإلا أخذنا دون أن يدرى إلى ظهور تيارات متشددة للدفاع عن الدين والعقيدة تفتح علينا أبواب جهنم، التى يعتبر إغلاقها وسد ذرائعها أهم مليون مرة من المدنية والحداثة.

ولا أريد تذكير القارئ الكريم بأن أى اعتداء على الدين بدعوى المدنية، لا يؤدى إلا شيوع الأفكار المدنية، وإنما يدعم شيوخ الفضائيات وطيور الظلام، ويعود بنا إلى الجماعات التكفيرية التى تستحل دماء الناس وتقسم المواطنين بين فسطاطين فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر.. فهل هذا ما نريده للوطن؟

إلى الدكتورة زينب وغيرها: حنانيكم على الوطن فيكفيه ما فيه.. وقبل أن نطالب بمنح المرأة الحق فى تطليق نفسها، علينا أولا أن نطالب بتعليمها، والقضاء على أميتها، ومنع تسرب الفتيات من التعليم، وحل قصية المرأة المعيلة خاصة وأن الاحصاءات الرسمية تذكر أن امرأة من كل خمس نساء فى مصر تنفق على البيت وترعى أسرتها، وهى فى حاجة ماسة لعمل شريف لإنقاذ أسرتها من الفقر المدقع الذى تعيش فيه!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة