◄الخبراء يتهمون الأزهر بالتمسك بتطبيقها.. ونواب الوطنى يطالبون بنقلها على الهواء مباشرة.. وتحويل ميدان التحرير لغرفة إعدام كبيرة
«قررت المحكمة إحالة أوراق القضية إلى فضيلة المفتى»، تلك العبارة - التى لا تعنى سوى الموت - نطقها قضاة محاكم الجنايات فى مصر أكثر من 50 مرة خلال الشهور الأربعة الأولى من عام 2009، لتشهد مصر بذلك أكبر معدل لصدور أحكام بالإعدام فى تاريخها الحديث فى تلك الفترة القصيرة.
الرقم ارتفع بشكل مخيف بعد أن كان فى انخفاض، فوفقا لمنظمة العفو الدولية، قالت إنه فى الفترة من 1996 وحتى 2001 كان متوسط الأحكام الصادرة بالإعدام 76 حكما سنويا، ثم انخفض الرقم ليصل فى عام 2007 إلى 40 حكما فقط، لكن المفاجأة كانت فى معاودته فى الارتفاع خلال العام الجارى ليصل إلى الرقم الذى ذكرناه.
محافظة كفر الشيخ كان لها النصيب الأكبر من أحكام الإعدام، وصلت إلى 19 حكما، تليها القليوبية 8 أحكام والفيوم 6 أحكام، وأقلها بورسعيد حكم واحد. نوعية الجرائم التى صدرت بشأنها الأحكام أغلبها جرائم لها طبيعة جنسية على رأسها الاغتصاب - أشهرها اغتصاب 10 رجال لسيدة بكفر الشيخ- أو جرائم قتل بسبب الخيانة الزوجية، أما باقى الجرائم فكانت سرقة بالإكراه انتهت بالقتل، وأبشع ما فى هذه الجرائم اغتصاب طفلتين فى المحلة والقليوبية، ومقتل طفلين على يد زوجة أبيهما بالمنصورة.
أحكام الإعدام فى القضايا السابقة كانت من نصيب 3 نساء فقط فى حين أن الباقين من الرجال، واللافت للنظر أن جميعهم من الشباب - باستثناء حالة أو حالتين - وتراوحت أعمار هؤلاء بين 19 و 30 عاما.
أسباب ارتفاع عدد الأحكام بالإعدام ،يرجعها الدكتور أيمن على عقيل الخبير بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إلى الأزمات الطاحنة التى تمر بها مصر، خاصة البطالة وأنها السبب «لم تصدر أى أحكام بالإعدام فى جريمة ثأر مثلا، لكن كل الجرائم أبطالها من العاطلين غير القادرين على الزواج، فانتهى بهم الحال إلى الاغتصاب والسرقة من أجل جنيهات قليلة»، وأضاف «ربما يكون القضاة أكثروا من تلك الأحكام أيضا، بسبب الضغط غير المباشر عليهم من الأصوات التى علت، مطالبة بمواجهة ظاهرة التحرش وهتك العرض التى انتشرت فى الآونة الأخيرة».
لكن أخطر ما أشار إليه «على» أنه ليس من المستبعد أن تتزايد تلك النوعية من الجرائم - ومعها الحكم بالإعدام - فى حالة تأثر مصر بصورة أكبر بالأزمة المالية العالمية. اتهم عقيل شيوخ الأزهر وعلماءه، وقال إنهم أكبر أسباب ارتفاع معدل الحكم بالإعدام، وأرجع ذلك إلى تعنتهم فى تطبيق عقوبة القصاص، وأشار إلى أنهم يتحججون بأنها حق منحته الشريعة للمجتمع الإسلامى، ويتناسون أن الإسلام دعا إلى قبول الدية عن المقتول بدلا من تنفيذ القصاص.
موقف الأزهر من عقوبة الإعدام معروف، ويكفى أن نتذكر فتوى لشيخ الأزهر بإباحة نقل أعضاء المحكوم عليهم بالإعدام بعد إعدامهم، دون الحصول على إذنهم. الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية رفض اتهامات عقيل، وقال إن الأزهر لا يأتى بشئ من عنده، ولكن كله يتم وفقا للشريعة الإسلامية كما أن القانون يعطى المحكوم عليه بالإعدام العديد من الضمانات حتى لا يحكم عليه زورا، وأضاف «المطالبون بإلغاء عقوبة الإعدام، يعنى إلغاء الشريعة».
وهو ما نفاه عقيل وقال «نحن لا نريد إلغاء الشريعة، ولكن تقليصها فى أضيق الحدود، وقصرها على أربع جرائم، القتل العمد، الخيانة العظمى مع تعريفها، التجسس مع دولة معادية وقت الحرب، اختطاف الأنثى واغتصابها، بالإضافة إلى تطبيق الجوانب المتسامحة فى الدين الإسلامى، وتفعيل ما شرعه الله من إمكانية دفع الدية أو الحصول على عفو ولى القتيل، كما أن القرآن فضلهما على الأخذ بالثأر أو القصاص»، وأضاف «الإعدام حكم قاس لا رجعة فيه، فإذا أخطأ القاضى، فلا سبيل أمامه لإصلاح خطئه الذى سيدفع ثمنه شخص برىء».
المستشار فريد نصر رئيس محكمة جنايات الجيزة، يعلق على زيادة أحكام الإعدام قائلا، كانت فى الماضى ترتبط بجرائم الشرف، والتخابر، وكانت تواجه بالاستهجان وإثارة الرأى العام، أما الآن فالوضع اختلف، فلا يمر أسبوع إلا ويتم إحالة متهم إلى المفتى للبت من الناحية الشرعية فى أمره، تمهيدا لتوقيع عقوبة الإعدام عليه، دون حتى أن ينتبه أحد إلى ما يحمله ذلك من معان، وأرجع المستشار نصر ذلك إلى تردى الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية بالبلاد، فكلما زاد الكبت انفجرت الأوضاع، وتحول الشباب إلى قنابل موقوتة، فبدلا من أن نرصد ازدياد تفعيل تلك العقوبة يجب الوقوف على أسبابها، ومحاولة حلها.
القانون المصرى يضم 105جرائم عقوبتها الإعدام، أشهرها القتل العمد، والاغتصاب ،والتجسس لصالح دولة أجنبية، والإتجار فى المخدرات. والحكم بالإعدام يصدر من محكمة الجنايات، ومن المحاكم الاستثنائية مثل محكمتى أمن الدولة والمحكمة العسكرية، وهما أكثر المحاكم إصدارا لأحكام الإعدام التى شملت ما لا يقل عن 94 شخصاً بعد أن أدانتهم تلك المحاكم، بارتكاب جرائم إرهابية منذ 1992 وقد نفذ الحكم فى ما لا يقل عن 67 منهم.
اللواء محمد حسين كامل مساعد مدير أمن أسيوط السابق يرى أن ما يحدث هو إنذار خطير بوجود حالة انفالات أمنى، وهو ما يحاول القضاة تداركه من خلال استخدام سلطاتهم فى القضاء على الجريمة بالبتر الذى يكون فى أوقات كثيرة هو الأكثر عدلا، فالجريمة موجودة منذ بدء الخليقة، إلا أنها تزداد بشاعة وقسوة، فالقتل أصبح مقرونا بجرائم أخرى، فالاغتصاب الذى كان لا يزيد مرتكبوه على شخصين، أصبح جماعيا، ويتم فى وضح النهار وأمام شهود، وحتى السرقة تحولت من جنحة يعاقب الجناة فيها من عامين إلى الإعدام، لاقترانها بالإكراه واستخدام الأسلحة والإرهاب ضد المواطنين. عقوبة الإعدام تحظى بتأييد واسع داخل مجلس الشعب، فبالإضافة إلى تمسك نواب الإخوان بها عددهم 88 نائبا- تصدر من وقت للآخر اقتراحات جديدة بشأن تشديدها، آخرها كان من نائب الوطنى محمد قويطة الذى طالب بتعديل قانونى، يلزم السلطة التنفيذية بتطبيق عقوبة الإعدام فى عدد من الجرائم فى ميادين عامة - مثل ميدان التحرير - ونقلها على الهواء مباشرة. كما طالب نواب آخرون بجعل عقوبة الإتجار فى الأعضاء البشرية الإعدام.
مطالب نواب البرلمان انتقدها بشدة عقيل الذى اعتبر مطالبهم ذات دلالة خطيرة، وهى انشغال مجلس الشعب وصناع القرار فى مصر بتشديد العقوبات، بدلا من القيام بدورهم الحقيقى وهو مواجهة أسباب تلك الجرائم، والقضاء عليها، وإنقاذ المصريين من الوقوع فيها.
لمعلوماتك...
◄84 دولة فى العالم تطبق عقوبة الإعدام
◄1907 كان أحمد عشماوى هو أول جلاد فى مصر وكان يعمل بليمان طره عشماوى هو لقب عائلته الذى وصار لقباً لكل من يقوم بتنفيذ حكم الأعدام فى مصر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة