ما بين دخول الوزارة والخروج منها خيط رفيع لا يراه إلا الرئيس أو رئيس الوزراء باعتباره الشخص المكلف بتشكيل الحكومة، وبما أن اختيار الوزراء فى مصر لا يتم بطريقة معلنة أو مفهومة، فقد ساهم ذلك فى ظهور وزراء ليس لهم نشاط يذكر فى العمل العام، وفى الغالب يفاجأ الرأى العام باختيارهم كوزراء.. يتحولون بمجرد خروجهم لماضى ولا يعرف عنهم أى شىء حتى الإعلام لا يستطيع اختراق تحصيناتهم.
وسواء أكان هذا الابتعاد إجباريا أم اختياريا فإن البعض كسر حاجز الصمت وفضل الخروج عن النص وتحول لصفوف المعارضة، سواء بشكل مؤسسى بتأسيس حزب معارض أو معارضة سياسات النظام بشكل علنى فى الإعلام.. الظاهرة من جانبيها (الصمت والمعارضة) تعكس أكثر من معنى فتحول بعض الوزراء إلى معارضين يعنى أنهم كانوا ينفذون سياسات لا يقبلونها وغير مقتنعين بها وأن فكرة الالتزام الوزارى أو الحكومى كانت هى الفضيلة الكبرى، أما الصمت والابتعاد فيعنى أن هؤلاء الأشخاص لم يكن لهم أدنى علاقة بالعمل العام، وأنهم كانوا يؤدون مهمة محددة اختفوا بمجرد تأديتها، وهذا لا ينفى أن هناك وزراء كان لهم تاريخ فى العمل العام منحهم ثقلا سواء وهم وزراء أو بعد خروجهم وتحولهم إلى جبهة المعارضة.
آخر أعضاء نادى الوزراء السابقين هو الدكتور محمود آبو زيد وزير الرأى السابق الذى أقيل من منصبه بشكل مفاجئ الأمر الذى ساهم فى رواج الشائعات التى تفسر سبب إقالة الرجل، لكن حسب ما أكده البعض داخل وزارة الرى أن أبو زيد لن يهاجم الحكومة ولن ينتقل لمسكر المعارضين لأن هناك تعليمات عليا له بالتزام الصمت حتى وإن نفى ذلك.
قائمة الوزراء الذين تحولوا لمعارضة الحكومة يأتى على رأسها الدكتور يحيى الجمل أستاذ القانون ووزير التنمية الإدارية فى نهاية عهد الرئيس السادات والذى تولى رئاسة حزب الجبهة الديمقراطى عقب تأسيسة فى منتصف (2007) قبل أن يتركه للدكتور أسامة الغزالى حرب وقبل ذلك كان عضوا فى التجمع الوطنى من أجل التغيير.
الدكتور يحيى الجمل يرى أن من يعارضون النظام من الوزراء يستندون إلى دورهم السياسى قبل دخولهم الوزارة، وهو الأمر الذى يساهم فى تحول الوزير لمعارض، خاصة إذا كان لديه ما يقوله وعن صمت البعض عقب خروجهم قال الجمل لا يستطيع أى شخص أن يملى على أحد السكوت فى حال إذا كانت لديه حقائق ومعلومات مؤكدة والشرط الوحيد الذى يبرر صمت أى وزير أن تكون المعلومات التى يعرفها تتعلق بأمن الدولة، واعتبر الجمل تحول الوزراء لمعارضين بالظاهرة نادرة الحدوث وأنه من بين 500 وزير قد نجد 5 وزراء يعارضون... فريق الوزراء المعارضين يضم أيضا منصور حسن وإن كانت معارضته حتى الآن مكتومة، فمن المعروف أن منصور حسن شغل منصب وزير الدولة لشئون الثقافة والإعلام فى أواخر عهد الرئيس السادات، وهو أحد أبرز أعضاء نادى الصامتين حتى الآن، وسبق أن كشف محمود جامع أحد المقربين من الرئيس السادات أن السيدة جيهان السادات كانت تخطط مع أشرف مروان وفوزى عبد الحفيظ سكرتير السادات الخاص لتولى منصب نائب الرئيس بدلا من مبارك.
منصور حسن لا يزال يصر على الصمت، وقال فى تعليقه لا أريد الدخول فى مثل هذه الموضوعات وأنا لا أعرف ما يحدث والوزير الذى يفضل الابتعاد أو الاختفاء هو حر فى اختياره.
أما الدكتور على الصعيدى وزير الصناعة والكهرباء الأسبق، فاستنكر فكرة خروج الوزير من الحكومة ليعارض ما كان يفعله فى السابق، وقال "لا أتخيل يوما أن أعارض ما كنت أفعله"، واعتبر ذلك وضع غير منطقى وأرجع الصعيدى اختفاء بعض الوزراء إلى ظروفهم الخاصة أو أعمالهم التى قد تبعدهم عن العمل العام.
الدكتور أحمد كمال أبو المجد كان يشغل منصب وزير الإعلام وهو الآن نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، ويمكن أن نحسبه على المعارضين للنظام ومع ذلك تربطه به علاقات جيدة ولذلك كانت له رؤية مختلفة فى تحول الوزير إلى معارض منها الالتزام الحزبى داخل الحكومة والذى يمنعه من الاعتراض على سياساتها وعندما يتحرر من هذه المسئولية الجماعية يعبر عن رأيه بحرية، لكن المستغرب على حد قول أبو المجد أن يكون الوزير متحمسا فى اتجاه معين وبعد خروجه يكون حماسه بنفس الدرجة، ولكن فى الاتجاه المعاكس.
وعن صمت بعض الوزراء وتحديدا الدكتور كمال الجنزورى، قال إن قصة كمال الجنزوى معقدة والخوض فيها لن يفيد والرجل فضل الصمت لكنه ليس صمتا مطلقا. وأضاف أن الحياة السياسية فى مصر أعقد مائة مرة مما نظن، وعن الوزراء الذين يعارضون النظام الآن قال أبو المجد إن فساد الرؤية السياسية لدينا جعلنا نصور المعارض على أنه خائن، رغم أن المعارضة عمل وطنى وتصب فى مصلحة الوطن، وأن المعارضين الآن طوال تاريخهم وهم معارضون سواء يحيى الجمل أو حسب الله الكفراوى أو غيرهما، وكونهما وزراء سابقين لم يسلبهما حق المواطنة والمعارضة دون إهانة أو سب، ورغم أنهم جميعا أصدقائى لا أتفق معهم فى كل ما يقولونه، واستطرد ليس عيبا أن يكون للوزير السابق علاقة بالنظام.
المهندس حسب الله الكفراوى وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الأسبق واحد من أشهر الوزراء المعارضين، فقد شارك فى بعض الحركات السياسية التى ظهرت فى السنوات الماضية، وكان أحد أعضاء التجمع الوطنى من أجل الديمقراطية والذى كان يتزعمه الدكتور الراحل عزيز صدقى، لكنه ترك التجمع قبل إعلان تأسيسه لكن لا يزال حتى الآن له توجهه وتصريحاته الساخنة ضد الحكومة والنظام، الغريب أن اثنين من أشهر المعارضين شغلا منصبا واحدا، وهو وزارة التنمية الإدارية، الأول هو الدكتور يحيى الجمل والثانى هو الدكتو على السلمى والذى انضم أيضا لحزب الجبهة، لكنه لم يستمر طويلا لحدوث خلافات وانشقاقات داخل الحزب.
وزير ثالث ممن جلسوا على مقعد وزارة التنمية الإدارية هو الدكتور محمد زكى أبو عامر والذى تقلد المنصب فى منتصف عام 1997 حتى خروجه مع وزارة الدكتور عاطف عبيد فى منصف 2004، وعندما سألناه عن سبب ابتعاده الطويل عن الساحة السياسية والإعلامية، قال عامر أشعر إن هذا الوضع أكثر راحة بالنسبة لى فأنا أريد المحافظة على كرامتى.
وزير آخر من كتيبة المختفين تماما و تذكره كل الأسر المصرية هو الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزير التربية والتعليم، والذى يحسب على التنظيم الطليعى الذى تأسس فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، بهاء الدين يقول أنا أخذت حظى من العمل العام وأنا الآن فى عمل غير حكومى وقد أخذت قرارى بالابتعاد عن الإعلام منذ 4 سنوات ولن أتراجع فيه.
كان مثالا للمسئول الجدير بالاحترم، وكانت له آراؤه المعارضة داخل الحكومة لذلك لم يستمر طويلا، وخرج من منصبه آثرا الصمت مثل كثيرين غيره، إنه المهندس عصام شرف وزير النقل الأسبق والذى تحدث بعد إلحاح قائلا لست من أنصار المعارضة بعد الخروج من الوزارة وآرائى أقولها فى محاضراتى إضافة للأنشطة التى أمارسها فى الجمعيات الأهلية.. وعن اختفاء البعض بعد خروجهم، قال إن البعض يفضل العزلة والانشغال فى عمله الخاص.
بعد خروج الوزراء من جنة الحكومة.. البعض يفضل العزلة وآخرون ينضمون للمعارضة
الجمعة، 03 أبريل 2009 04:33 م
أبو زيد آخر المطرودين من جنة الحكومة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة