الدويقه، قلعة الكبش، وأخيرا الشرابية.. مناطق عشوائية إما أصابها الانهيارات الصخرية أو حريق يشرد خلفه الآلاف من الأسر التى تتلقى خبر نقلها لمكان آخر كطوق النجاة لهم، ولكن دائما ما يشعرون بعدها بكونهم "مطاريد" يتلاعب محافظ القاهرة بنقلهم لمناطق على هواه دون مراعاة لأى منهم، كما أنها مشاهد مختلفة لكوارث أطاحت بأرواح المصريين.
ربما يكون الحريق الأخير الذى لحق مغالق ومخازن وعشش منطقة الشرابية، بعد اشتعال النيران فيه عقب خلاف وقع بين عائلتين بالمنطقة ذاتها، آخر مطاريد عبد العظيم وزير بعد أن أصدر محافظ القاهرة قرارا بنقل وتسكين 21 أسرة فى مساكن بديلة بالقاهرة الجديدة، بعد أن تحدد حالات المبانى التى أصابها ضرر من الحريق، وفى الوقت ذاته أعلن وزير أن المحافظة سوف تقوم بتوفير شقق سكنية بديلة للأسر المضارة من الحريق، والتى كانت موجودة بمغلق الخشب، شريطة أن تقوم بإخلاء الموقع تماما.. ليفترش الأهالى الأرض نوما فى انتظار رحمة نقلهم لمكان آخر؛ حتى ولو أتت "الرحمة المنتظرة" فغالبا ما يقابلهم فيها مشاكل وصعوبات..
وإذا عدنا بالزمن سنوات قليلة لوجدنا حريق "قلعة الكبش" والمتضررين فيه شاهدا آخر، حينما وقفوا احتجاجا أمام مجلس الشعب نهاية شهر مارس من عام 2007، مطالبين تدخل المسئولين لتعويضهم عن ما أصابهم من ضرر، وبعد أن وُعدوا من محافظة القاهرة بتسلم 200 شقة بمدينة النهضة، ولكن ذكر الأهالى حينها أنه تم تسليم 70 شقة فقط، نظرا للمحسوبية والمصالح الخاصة التى حدثت أثناء تسليم الشقق، نظرا لعدم جدية المسئولين فى تنفيذ وعودهم ليصبح مصيرهم مجهولا..
ليصبح حال كل متضرر كالمطاريد الذين يتنقلون من مكان لآخر، بلا مأوى، وضحية كل مسئول يؤجل قراراته لحين وقوع الكارثة وتشرد المئات والآلاف ثم قرارات لا جدوى لها سوى إخلاء المسئولية.
كما أن الحكومة نفسها اعترفت بالانتشار الواسع للمناطق العشوائية حينما رصدها تقرير مجلس الشورى عن العشوائيات، والذى كشف عن تباطؤ تنفيذ المخططات العمرانية وضعف الرقابة، واصفهم بالأسباب الأكبر لانتشار العشوائيات التى تزيد بها معدلات الجريمة والإدمان، كما رصد التقرير زيادة المناطق العشوائية على مستوى الجمهورية ليصل لـ 1221 منطقة يسكن بها 12.2 مليون نسمة، وهنا علق الدكتور إمام حسين أستاذ القانون بمركز البحوث الجنائية والاجتماعية قائلا "إن العشوائيات قنابل موقوتة تخرج جيلا يصعب توقع أفعاله، كما أنه أبدى استيائه من تعامل محافظة القاهرة مع المتضررين جراء تلك الحرائق، حيث رأى أنهم تحولوا لمطاريد يتنقلون بين مكان وآخر بسبب انعدام الثقة بين المتضررين والحكومة "لأن المواطن عنده شك فى صراحتها، والحكومة تشك فى المواطن أنه ليس متضررا" والتى يفترض أنها توفر البدائل السريعة لهم.
حينما وقعت الانهيارات الصخرية بمنطقة الدويقة تمت على الفور عمليات الإخلاء وتكسير الصخور ليتشرد عقبها مئات الأسر، وبعدها تم نقل 135 أسرة لمعسكر الفسطاط، لتبدأ حركة التنقل التى يتناوب عليها الأهالى المتضررون، فبعد المعسكرات تبدأ رحلة أخرى مع "مساكن النهضة"، حيث تأتى كثيرا من الوعود بنقل المتضررين للنهضة، وهو الأمر الذى يراه الدكتور إمام حسين بالأصعب لأن هؤلاء المتضررين تعودوا على العيش بتلك المنطقة وعملهم فيها ويشعرون أن الابتعاد عنها ضياع لهم وتشريد لذويهم؛ كما أكد إمام على أن كثيرا ما تكون تلك الشقق البديلة ليست صالحة للاستخدام الآدمى.
مطاريد الحرائق على يد محافظ القاهرة..
أهالى الشرابية يسيرون على درب قلعة الكبش والدويقة و1221 منطقة فى الطريق
الجمعة، 03 أبريل 2009 04:35 م