محمد بركة

أكذوبة الفن .. الإسلامى !

الأربعاء، 29 أبريل 2009 08:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرجو أن يتسع صدر السادة القراء لما أقول، وأن يصبروا قليلاً لأوضح فكرتى هنا، وألا يتسرع البعض منهم بمجرد قراءة العنوان ويستصرخ الأمة لإهدار دم الفئة الضالة المضللة، فأنا ـ والله العظيم ـ قد صليت الفجر وأكتب إليكم الآن وأنا متوضئ! منذ الثمانينيات تقريباً ومصطلحات مثل "الأدب الإسلامى" و"الطب الإسلامى" تتردد بقوة، لكن الجديد مؤخراً هو الحديث عن "الفن الإسلامى" ويقصد به أفلام السينما ومسلسلات التليفزيون والأغانى وأيضاً لوحات الفن التشكيلى.

ومع تفهمى البالغ لحسن النية الذى يحرك فئة كبيرة من مروجى هذه المصطلحات من أبناء التيار الدينى والصحوة الإسلامية المشغولين بالبحث عن "بديل شرعى" لكل ما هو قائم فى حياتنا، فإننى لا يمكننى الارتياح لهذه المصلحات، أو هضمها أبداً! بالطبع لا أنت ولا أنا ولا أى شخص سوى نفسياً، يمكنه أن يقبل كل هذه المساخر والتفاهات والعرى التى ترد إلينا باسم الفن، وحتى غير الملتزمين دينياً لا يسعهم سوى رفض هذا الانحدار، وغير الملتزمين بالذات هم الذين صكوا مصطلح "العرى كليب" كرد ساخر وذكى على ما يسمى بـ "الفيديو كليب".

لكن الحل أبداً لا يكون بإطلاق صفة "إسلامى" على كل شىء، وبالذات الفن، فمصر هى أو هكذا يفترض ـ دولة مدنية وليست دينية، كما أن هذه المصطلحات هى البوابة الملكية للمزيد من الاحتقان الطائفى والتحرش بالأقباط، وإذا أخذنا بمبدأ "الفن الإسلامى" فيجب أن نكون مستعدين للحديث عن "الفن المسيحى" و"الفن اليهودى" و"الفن البوذى" وهلم جرا! وبدلاً من أن يصبح الفن ـ فى أرقى وأسمى معانيه ـ وسيلة لتهذيب الوجدان وعلامة على تحضر الأمم، يتحول على يد فئة من المتحمسين ـ ولا أقول المهووسين ـ دينياً، إلى ساحة لحرب الديانات!

وبدلاً من أن نغرق فى الدفاع المستميت والتنظيم الأكاديمى لمصطلحات من هذا النوع، لماذا لا نتفق على نبذ الابتزال، ورفض التسطيح والتفاهات الجنسية، وننتصر لقيم الحق والخير والجمال، وننشد الارتقاء بالوجدان وفتح النوافذ لتنطلق طيور الروح إلى تلال الشجن والتأمل. ساعتها لن نكون فى حاجة إلى تعليق لافتة "إسلامى".. لن تكون المصطلحات هماً أو الشكليات غايتنا... بل الجوهر وحده والمضمون فقط، وأسوق بهذه المناسبة واقعة. أرجوا أن تكون دالة ومعبرة..

فعقب صلاة عيد الأضحى الماضى بقريتى بدمياط، والتى أقيمت بالخلاء ويشرف عليها شباب "زى الورد" ممن تسميهم الصحف القومية "أعضاء المحظورة" ويسميهم الأهالى "السنيين"، سمعت وأنا عائد فى طريقى إلى البيت وعبر مكبرات الصوت هؤلاء الشباب وقد أذاعوا أغنية "الله أكبر .. باسم الله .. باسم الله".. أذاعوها وسط الأناشيد التى تعتمد فقط على الدفوف .. وأعجبتنى هذه اللفتة للغاية .. فهذه الأغنية تم تقديمها على أنها أغنية حماسية وطنية .. ورغم أنها لا تحمل يافطة "إسلامى" لم يتردد هؤلاء فى بثها.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة