هل تتحمل حصص الدين فى المدارس مسئولية تطرفنا وعقدنا وآلامنا؟

الإثنين، 27 أبريل 2009 12:01 ص
هل تتحمل حصص الدين فى المدارس مسئولية تطرفنا وعقدنا وآلامنا؟ هناك إجماع ضمنى على أن التعليم الدينى فى أزمة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو أن هناك إجماعاً ضمنياً على أن التعليم الدينى فى أزمة، وبعيداً عن أجندة الغرب التى تحمل التعليم فى العالم الإسلامى وزر ما آلت إليه حال أبنائه وأفكارهم ورؤاهم، هناك جانب آخر من الصورة يحتاج إلى مزيد من إلقاء الضوء يتعلق بمدرس الدين وأسلوبه وأدائه وفهمه للعملية التعليمية فى بلد يعيش فيها المسلمون والمسيحيون، هل يؤدى تدريس الدين فى المدارس إلى التطرف؟ سؤال نعرف الإجابة عليه من خلال شهادتين من الزميلين ميريت إبراهيم والسيد رزق اللذين يحدثاننا عن تجربتهما فى حصة الدين، فإلى التفاصيل..

ميريت إبراهيم: هل يشتمنا المسلمون فى حصص الدين؟
ديسك خشبى صغير جمعنى و3 من صديقاتى، كان مجموع الموجودين 6 تلميذات بالإضافة لمدرسة الكيمياء، مكان اللقاء كان حوش المدرسة التى تتكون من حوالى 30 فصلاً بخلاف المعامل الخاصة، ولكننا اجتمعنا فى الحوش الرملى تحت الشجرة من أجل حصة الدين.

السبب لم يكن رغبة منا فى التمتع بالنهار المشمس، ولكنه كان أمر من إدارة المدرسة التى رفضت توفير فصل لـ 6 طالبات "فقط" ليتلقوا فيه حصة الدين المسيحى، من المفترض أنه بعد قضاء عشر سنوات بالمدارس وصولاً للمرحلة الثانوية أن أكون تعودت على الخروج من الفصل مع مجموعة من الطلاب أو الطالبات لتلقى دروس الدين المسيحى فى معمل العلوم، لكن ذلك لم يمنع شعورى بالضيق وتساءلت، "يعنى إيه مافيش فصول!، إشمعنا إحنا؟".

ربما كان هذا أسوأ موقف عايشته فى تلقى دروس الدين المسيحى، ولكن هذا لا يجعل المواقف التى سبقته جيدة، فهى دائماً كانت تحمل تساؤلاً خالياً من الغضب عن سبب الخروج إلى معمل العلوم وأحياناً إلى فصل مهجور فوق سطح المدرسة يستخدم كمخزن، لم يكن مكان تلقى الدرس هو الأمر الوحيد الذى أثار تساؤلاتى، ولكن مصدر الشهادة التى تلقاها مستر ناجى ليتمكن من تدريس العلوم فى الحصص التى تسبق الفسحة وتدريس الدين فى الحصص التى تلى الفسحة، حتى عرفت بعد فترة أن شهادة ميلاده كفيلة بمنحة إجازة لتدريس الدين المسيحى.

فى بعض المراحل الدراسية كنت محظوظة أحياناً بحضور حصة الدين فى فصل حقيقى، وأثناء ذلك تمكنت من حفظ آيات من الكتاب المقدس، بالإضافة إلى بعض الترانيم التى كنا نترنم بها فى نهاية الحصة، والتى لم يكن متاحاًً لى حفظها فى مدارس الأحد بالكنيسة.

جميل وقتها أن المدرسة قامت بدور الكنيسة وبدور مدارس الأحد، ولكن مهلاً فقد اختلط على الأمر، هل من المفترض أن أحفظ آيات الكتاب المقدس وأن تحفظ زميلتى سور القرآن الكريم بالمدرسة أم بالكنيسة والمسجد؟ هل من المفترض أن استمع لعظة من مدرسة الكيمياء أو حتى الرسم وأن يخطب مدرس اللغة العربية فى صديقاتى المسلمات بالفصل ويفتى لهم فى أمور الدين، أم هذا دور رجال الدين المسيحى والإسلامى بدور العبادة أو حتى الآباء والأمهات بالمنازل؟.

الفصل بين التلاميذ المسيحيين والمسلمين فى حصة الدين دون غيرها، جعلنى كطفلة أتساءل عن "الأسرار" الموجودة بالدين الإسلامى، والتى يشرحها المدرس داخل الفصل المغلق أبوابه ونوافذه بإحكام على التلاميذ المسلمين، "ممكن يكونوا بيشتمونا ومش عايزنا نعرف"، شعرت بالاعتداد بنفسى بسبب الاستنتاج الذى وصلت إليه وأنا فى التاسعة من عمرى، الغريب أن "روحية"، زميلتى المسلمة، اتهمتنا بكراهية الرسول محمد وقضائنا حصة الدين فى الدعاء على المسلمين بالموت، وفشلت محاولاتى لإقناعها أن حصتنا نقضيها فى حفظ آيات الكتاب المقدس والترانيم.

بمرور الوقت تخلصت من ذلك الاعتقاد، وتمنيت أن تكون "روحية" قد تخلصت منه أيضاً.


سيد رزق: مدرس الدين كان قاسياً لا يرحم
ارتبطت فى طفولتى بزميل مسيحى لى، كان يجلس إلى جوارى على الدكة فى المرحة الابتدائية، وكنت أتعجب من خروجه أثناء حصة الدين ومعه زميل آخر دون سبب واضح سوى أنهم مسيحيون، وفهمت فيما بعد من مدرس التربية الدينية أن نبيهم غير نبينا، فيما توالت على الذهن أسئلة لم أكن أدرك فى تلك السنوات المبكرة من العمر إجابة لها، وكان مدرس الدين قاسياً، لا يسمح بالسؤال خارج المنهج، وإياك أن تفكر وتسأله مثلاً ماذا يعنى أن زملاءنا مسيحيون، ولماذا نبيهم غير نبينا، وهل سيدخلون الجنة مثلنا، على اعتبار أننا داخلين الجنة لأننا مسلمون وهم كفار سيدخلون النار.

وأذكر أن مدرس الدين كان شديد البأس بيننا لأنه لا يرحم، ورغم ضخامته، ونحن أمامه لا حول لنا ولا قوة، إلا أن أقل عقاب لديه هو "المد" ، وما أدراك ما المد على القدمين؟، ولا أنسى أيضاً "العبط"، وهو وسيلة عقاب لا تقل بشاعة عن "المد"، حيث يقيدك اثنان من التلاميذ لتضرب على المؤخرة دون رحمة.

وكان مدرس الدين العتى أحد أسباب التسرب من التعليم فى تلك المرحلة البعيدة آنذاك نهاية الستينات وبداية السبعينات، فالخوف من وسائل الترهيب جعلت زملاء صغار يطفشون من المدرسة بضمير مرتاح، والبعض الآخر كان "مابيجمعش" على طريقة منصور ابن الناظر فى مدرسة المشاغبين.

وشر البلية ما يضحك، فالارتباك جعل زميلاً لنا لا يعرف الفرق ما بين سيدنا جبريل وورقة ابن نوفل فيسأله المدرس من الذى نزل بالوحى على سيدنا محمد فيجيب من شدة الروع: ورقة ابن نوفل!

ويتجهم وجهه المدرس ناعلاً "سلسفيل" أبيه ويسأله من الذى بشر آمنة بنت وهب بنبينا محمد، فيجيب المسكين، سيدنا جبريل.

لم يدرك المدرس أن الخوف من العقاب وحده كافٍ لتشتيت الذهن، وانقلاب الرأس، رأساً على عقب، ولا عجب أن رأينا صغاراً "عملوها على أنفسهم خوفاً ورعباً، ولا أنسى تلميذاً آخر كان يقرأ الآية القرآنية": سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ "سنه سوده على الخرطوم، وما بين عصا المدرس الجبار وجسد الضعيف المسكين تتهاوى العصى، ولا يستطيع تدارك النطق فيكرر الخطأ وتتكرر ضربة العصا حتى شج رأسه.

الدين يسر، تلك حقيقة لكن بعض المدرسين لمادة الدين لا يعرفونها، مما يؤدى لكوارث أضرت كثيراً فى الفهم وربما ضل بسبب نقص هذه المعرفة فى الفهم السوى لقيم كثيرة فى التعليم والحياة بشكل عام.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة