محمد حمدى

أمك اسمها إيه؟!

الإثنين، 27 أبريل 2009 01:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نشرت مجلة "الكواكب" فى عددها الأخير الصادر فى 21 أبريل تحقيقاً كبيراً على ست صفحات بعنوان "أمك اسمها إيه؟!"، ورغم أننى لست من قراء المجلة أو من المهتمين بالصفحات الفنية فى الصحف، إلا أن عنوان التحقيق جعلنى أتوقف أمامه طويلاً وأقرأه، لأسباب منها أن البعض لا يزال يتعامل مع اسم أمه باعتباره عورة لا يجب ذكرها.

أتذكر أنه فى بداية مراهقتى كنت أتحرج من ذكر اسم أمى ولا أعرف السبب، رغم أنها مربية فاضلة رحمها الله، لكن بعد النضوج أدركت أن الكثير من العادات السائدة والموروثة ليس لها محل من الإعراب، أو مكان فى الدين، خاصة وأننا نعرف جميعاً أسماء أمهات المؤمنين، ولو كانت أسماء النساء عورة لنهانا الرسول عليه الصلاة والسلام عن ذكرها.

وبعيداً عن التقاليد البالية قالت المجلة فى مقدمة التحقيق، إنها تسأل هذا السؤال الصعب للفنانين والمشاهير بمناسبة عيد الأم ووسط أجواء تمكين المرأة سياسياً والاستعدادات الجارية لإصدار قانون انتخابى جديد يخصص مقاعد للمرأة فى مجلس الشعب، ولا أعرف ما هى علاقة ذلك بأسماء الأمهات من عدمه.

الغريب أن البعض اندهش من السؤال، والبعض طلب مهلة للتفكير والبعض رفض، لكن أغرب إجابة على السؤال جاءت من المذيع أحمد عبدون الذى يقدم برامج دينية تستهدف تعليم الناس أمور دينهم وتنويرهم والقضاء على الخرافات المعششة فى عقول الكثيرين، قال عبدون: أرفض ذكر اسم أمى "علشان محدش يعمل لى عمل"!!

الحقيقة أن مثل هذا التحقيق الصحفى الذى أجرته الكواكب، واستغرق التفكير فيه أسبوعين كما ذكرت المجلة، ثم قدمته على ست صفحات كاملة يعتبر إهداراً للمال العام، ويجب محاسبة من فكر فيه ووافق عليه وعمل فيه واتخذ قرار نشره، فالكواكب مثل أى صحيفة أو مجلة قومية تمول من أموال دافعى الضرائب، وإذا لم تنفق الأموال على قضايا حقيقية تهم الناس، فإننا نكون أمام شبهة إهدار للمال العام، وعلى مجلس الشورى مالك الصحافة القومية نيابة عن الشعب، مراجعة ما ينشر فى الصحف ومحاسبة المسئولين عنها إذا قصروا.

ولا أريد شغل القراء كثيراً بهذا التحقيق ولا بأسماء الأمهات، فكل أم تحتاج إلى التكريم، لكن ليس بهذه الطريقة، إنما هذا الموضوع يقودنا مباشرة إلى ملف الصحف القومية، وكيفية اختيار رؤساء تحريرها ومجالس إدارتها، صحيح أن القانون منح مجلس الشورى هذا الحق، لكن على المجلس تطوير آلياته بحيث تكون وظيفة رئيس التحرير مثل أى وظيفة عامة فى الدولة لها شروط واضحة ومعلن عنها يجب توافرها فى المرشح لشغل هذا المنصب.

كما ينبغى فى كل مرة يتم التجديد فيها لرئيس تحرير صحيفة ما، أن يأتى قرار الشورى متضمناً أسباب التمديد، وحجم الإنجازات التى تحققت، سواء على صعيد التوزيع أو الأرباح المحققة فى كل صحيفة ومؤسسة صحفية.

العالم كله يعيش الآن على وقع الصحافة الإلكترونية والفضائيات، ولم يعد أى خبر ينتظر اليوم التالى حتى نقرأه فى الصحف، ودون مبالغة فإن الكثير من الصحف الورقية تحولت إلى مكان للأخبار البايتة، بما يشبه سوق السلع المستعملة، يعنى تحولت إلى صحافة كانتو، أما من يريد الحقيقة والأخبار الحية السريعة، فإنها بفضل الإنترنت والفضائيات أصبحت تصل إلى كل إنسان حتى غرفة نومه وفى نفس لحظة وقوعها.

وما لم تطور صحفنا من آليات عملها، وما لم يتصدَ مجلس الشورى لقضية تحديث الصحافة بشكل جدى وسريع، فخلال عامين على الأكثر لن تكون هناك صحافة تسأل الناس أمك اسمها إيه، لأنها غالباً ستتوقف عن الصدور، أو ستوقف استعمالها فقط على لف ساندويتشات الفول والطعمية.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة