"قلوبنا مفتوحة للحوار والمصالحة"، جملة طالما رددتها الفصائل الفلسطينية قبل بدء كل جولة من جولات الحوار الوطنى الفلسطينى الذى ترعاه القاهرة، ورغم ذلك أفضى الحوار حتى الآن إلى لا شىء، وغداً تشهد القاهرة جولة جديدة من الحوار، تبدأ كالعادة بلقاء وفدى فتح وحماس، لمحاولة إذابة الجليد الذى تراكم بمرور الأيام على العلاقة بين الحركتين الأقوى على الساحة الفلسطينية.
ورغم أن كلاً من فتح وحماس رددا على مدى الأيام الماضية نفس العبارات الإيجابية التى تسبق كل جولة، لكن الحرب الإعلامية والنفسية بين الطرفين ألقت بظلال من الشكوك على نجاح جولة الحوار الجديدة، وهى شكوك تكونت من الظروف الإقليمية والفلسطينية التى أحاطت بالحوار على مدى الأسابيع القليلة الماضية، والتى أهمها استمرار حماس فى توجيه الاتهام لفتح باعتقال عناصرها، بل ومحاولة اغتيال بعض قيادات حماس مثل "حامد البيتاويى".
الفلسطينيون أنفسهم لا يستطيعون حتى الآن التنبؤ بما ستصل إليه حوارات القاهرة، مما دفع غالبيتهم إلى التمنى فقط فى أن يرتفع الفصيلان إلى مستوى المسئولية، كما ذكر محمد صبيح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية لشئون الأراضى العربية المحتلة، الذى قال إنه يتمنى أن يتفق فتح وحماس ليستطيعا معاً مواجهة الحكومة الإسرائيلية اليمينية برئاسة بنيامين نتانياهو، التى تعمل ليل نهار على تهويد القدس وإقامة المستوطنات، مؤكداً على ضرورة التوصل بشكل عاجل إلى موقف فلسطينى موحد، ينبع عن رغبة عربية وفلسطينية تضع القضية الفلسطينية فى المرتبة الأولى.
الكاتب الفلسطينى خالد الأزعر أيد صبيح فى رؤيته، مضيفاً أن الفلسطينيين الآن أمام جولة حاسمة، لأن القضية الفلسطينية فى خطر ومأزق حقيقى، داعياً الجميع لإتاحة الفرصة لأطراف حوار القاهرة للتحاور بشكل وطنى بعيداً عن المؤثرات الخارجية بهدف الوصول إلى الحل.
عبد القادر ياسين المفكر الفلسطينى له وجهة نظر مختلفة، فهو يرى أنه لا توجد مصالحة فلسطينية على الأبواب، لأن الإدارة الأمريكية لا تزال على موقفها المتعنت، لاعتراف حماس بإسرائيل وباتفاق الرباعية الدولية، الأمر الذى يفقد حماس وجودها، لأنه حال اعتراف حماس بإسرائيل يكون دورها انتهى للأبد.
الخبراء المصريون المتابعون للحوار الفلسطينى، رغم أنهم مثل الفلسطينيين، لم يستطع أحد منهم التنبؤ بنتيجة الحوار، لكنهم وضعوا بعض العوامل التى يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على مجريات الحوار.
د.عبد المنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يرى أن حماس ستدخل جولة الغد وفى ذهنها ما تم الإعلان عنه من معلومات بشأن خلية حزب الله الإرهابية، التى تم ضبطها مؤخراً فى القاهرة، وما نشر أيضاً فى وسائل الإعلام عن تورط بعض العناصر الفلسطينية فى القضية، وهو ما سيدفع حماس لإظهار الليونة والمرونة فى الحوار مع فتح، لإظهار حسن النية من جانبها، ويؤكد سعيد أن المعضلة التى قد تقف أمام حماس هى الضغوطات التى تمارسها إيران وسوريا لإفشال الحوار، فدمشق تعلم جيداً أنه فى حال تحقيق المصالحة الفلسطينية، فإن مسار التفاوض السورى الإسرائيلى سيتوقف، لأن تل أبيب فى هذه الحالة ستتعامل مع طرف فلسطينى موحد، تستطيع من خلاله إعادة العملية التفاوضية الفلسطينية الإسرائيلية إلى مسارها.
إيران ستعمل على إفشال الحوار، هكذا يرى السفير محمد بسيونى سفير مصر السابق فى إسرائيل ورئيس لجنة الأمن القومى والشئون الخارجية بمجلس الشورى، الذى قال إن الصراع ليس بين فتح وحماس، وإنما بين مصر التى تقود جناح التسوية والسلام والتهدئة، وإيران التى تسعى إلى تأجيج المنطقة وإشعال الصراعات داخلها.
بسيونى أضاف أنه رغم المحاولات الإيرانية للتأثير على بعض الفصائل، فإن مصر ستواصل مساعيها وجهودها لإنجاح المصالحة، لكنه اشترط ذلك بتوافر الإرداة لدى الفلسطينيين أنفسهم.
الفلسطينيون يتمنون أن يرتفع الفصيلان لمستوى المسئولية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة