محمد حمدى

اعتذار واجب لأرواح الشهداء

السبت، 25 أبريل 2009 04:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اليوم تحتفل مصر بالذكرى السابعة والعشرين لتحرير سيناء، وكالعادة امتلأت صفحات الصحف، وبرامج التليفزيون بالكثير من البرامج والمقالات عن أرض الفيروز، وهى تقريباً نفس الموضوعات ونفس الأغانى ونفس الدراسات التى ننشغل بها كثيراً كل عام، دون أن يتحول ذلك إلى واقع على الأرض، فغداً سيغلق هذا الملف وتعود ريما لعادتها القديمة انتظاراً للخامس والعشرين من أبريل من العام القادم والعام الذى يليه والذى يليه وهلم جرا.

سيناء بالنسبة لنا لم تعد أكثر من مجموعة من الأغانى التى نفرج عنها فى المناسبات ثم تعود إلى مكانها فى أرشيف التليفزيون والإذاعة، انتظاراً لاحتفالات العام التالى، لكن الخوف كل الخوف، أن يأتى العام القادم بالمزيد من الأخبار السيئة التى تفاجئنا دون أن نكون قد أعددنا العدة للتعامل معها.

علاقتنا بسيناء تقتصر على المشروع القومى لتنمية سيناء الذى تم وضعه عام 1994، أى منذ 15 عاماً، وكان يستهدف إقامة نهضة صناعية وزراعية وسياحية تنجح فى جذب ثلاثة ملايين مواطن من الدلتا والوادى إلى سيناء وتعميرها بالبشر، حتى تتحول من صحراء قاحلة إلى مستوطنات بشرية تكون قادرة على التصدى ومقاومة أى عدوان مستقبلى عليها، لكن ذلك لم يحدث، وظل عدد سكان شمال سيناء على حاله طوال تلك السنوات لا يزيد عن ثلاثمائة ألف مواطن.

وبينما لا نخرج هذا الملف سوى مرة واحدة كل عام تتوالى الدرسات والمشاريع الأجنبية التى تستهدف سيناء، كان آخرها دراسة لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الذى يعد أحد أهم المراكز البحثية الأمريكية المحسوبة على اليمين المسيحى الجديد فى الولايات المتحدة، ومن أكثر المراكز علاقة بإسرائيل، والذى يرعى منذ العام الماضى مخططاً لتوطين الفلسطينيين فى سيناء بديلاً عن حل الدولتين.

وترى الدراسة، أن حل المشكلة الفلسطينية يتم عن طريق تبادل الأراضى مع مصر والأردن ونقل تبعية قطاع غزة إلى مصر، والضفة الغربية إلى الأردن وإقامة وطنين بديلين للفلسطينيين فى الأردن وصحراء سيناء المصرية.

وقبل عامين، أصدرت مجموعة الأزمات الدولية تقريراً بعنوان "مسألة سيناء المصرية" تحدثت فيه عن التمييز الذى يعانيه بدو سيناء، وقبل أن ترحل وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس من البيت الأبيض كانت تعد مشروعاً، بالتعاون مع إسرائيل لتعميمه دولياً لتعويض أهالى سيناء على الحدود مع غزة عن تجارة الأنفاق كجزء من حل دولى لمواجهة تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة.

ومن الواضح، أن سيناء لم تعد شأناً محلياً، وإنما تحولت بفعل التدخل الأمريكى والإسرائيلى إلى قضية دولية، صحيح أنه لم يجرِ حتى الآن التدخل الخارجى فى سيناء، لكن استمرار الإهمال والتجاهل وحالة الفراغ ربما يشجع الكثيرين على التدخل بقوة لملئه.

ووسط كل هذا اللغط الدولى والاهتمام منقطع النظير بسيناء، لا يبدو أننا نفعل أى شىء لاحتواء التدهور الأمنى فيها، ولا العلاقة المتأزمة بين السكان والسلطات التنفيذية، وباستثناء الاحتفالات والاجتماعات الموسمية تحولت سيناء إلى جرح فى جبين الوطن، حتى أننا طوال سبعة وعشرين عاماً منذ تحريرها لم نقدم إليها ما تستحقه، ولم نكافئ السكان الذين صمدوا تحت الاحتلال وقاوموا وشكلوا دعماً للجيش المصرى.

وأخشى أننا بعد كل هذه السنوات فرطنا فى أرواح ودماء عشرات الألاف من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم، وروا رمال سيناء بدمائهم، وبدلا من أن نقدر كل هذه التضحيات الكبيرة، أهملنا سيناء وتركناها مطمعاً للأعداء وللإرهاب الذى وجد بها أرضاً بكراً من الإهمال والتجاهل.

والحقيقة المرة أننا جميعا مطالبون باعتذار واجب لأرواح الشهداء، لكن الاعتذار لا يجب أن يكون بالغناء وإنما بالعمل والتعمير، وإصلاح أحوال السكان المحليين، سينا رجعت كاملة لينا لكن مصر لم تعد فى عيد وإنما فى محنة فى سيناء.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة