ما يدور الآن بين مصر حليفة الغرب وحزب الله الشيعى حليف إيران وعدو إسرائيل، هو ما يسمى بالحرب الباردة بالشرق الأوسط، أسلحة هذه الحرب هى التصريحات الرسمية، وافتتاحيات الصحف والمناقشات الإعلامية التى لا تختلف فى شراستها. وقد اندلع الخلاف فى وقت مبكر من الشهر الجارى عندما أعلنت مصر القبض على 49 من عملاء حزب الله، وزادت وتيرته بصورة دراماتيكية، عندما اعترف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأن أحد هؤلاء الذين تم القبض عليهم، ويدعى سامى شهاب، هو بالفعل عضو فى الحزب.
ورغم أن حزب الله منظمة لبنانية شيعية فإنه يحظى بمكانة كبيرة فى العالم العربى الذى يمثل أغلبيته السنة، وذلك بسبب مقاومته المسلحة لإسرائيل. غير أن مصر وبعض الأنظمة السلطوية والمحافظة الأخرى تنظر إلى حزب الله باعتباره ذراعاً هدامة لإيران وحرسها الثورى.
والمثير فى هذا الخلاف المتفجر هو تأكيد نصر الله على أن حزب الله يعمل خارج لبنان. والمعروف أن الحزب له أعضاء فى البرلمان اللبنانى، ومن المتوقع أن يحقق مكاسب جيدة فى الانتخابات النيابية المقررة فى يونيو المقبل. (الولايات المتحدة تقول إن حزب الله قام بتدريب ميليشيات شيعية مسلحة موالية لإيران فى العراق). أما عن نشاط الحزب فى مصر، فكان "تقديم المساعدة اللوجستية للأشقاء الفلسطينيين ونقل الذخائر والأفراد لصالح المقاومة"، بحسب اعتراف نصر الله. ونظراً لرد الفعل الغاضب، ربما كان من الخطأ توضيح ذلك.
يذكر أن الرئيس حسنى مبارك كان قد تعرض لهجوم نصر الله فى يناير الماضى، عندما اتهمه الأخير بالمشاركة فى جريمة إسرائيل فى قطاع غزة، بل إنه دعا إلى الانقلاب على حكمه. والآن تشير كافة الدلائل إلى أن مصر تستغل قصة شبكة تجسس حزب الله بقدر الإمكان. والادعاء الأخطر، وإن لم يتسن التأكد منه، هو احتمال قيام عملاء حزب الله بالتخطيط لشن هجوم على السفن الأجنبية التى تمر عبر قناة السويس، والتى تعد الشريان الأكثر أهمية للاقتصاد المصرى.
ويزعم محامو المشتبه بهم أنهم تعرضوا للتعذيب، وهو أمر شائع فى السجون المصرية. كما أن هناك شكوكا أيضا حول تخطيط حزب الله لضرب أهداف إسرائيلية، ربما سياح إسرائيليين، للانتقام من قيام عملاء الموساد باغتيال القيادى بالحزب عماد مغنية فى دمشق العام الماضى.
وانعكست اللهجة الحادة لرد الفعل المصرى على عناوين الصحف التى تسيطر عليها الدولة مثل الجمهورية التى وصفت نصر الله بالشيخ القرد، والمجرم المخضرم الذى لن يسمح له بتهديد سيادة البلاد. فى الوقت الذى اتهمت فيه صحيفة الأهرام، التى تعد الناطق الرسمى باسم الحكومة، كلا من الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد، وزعيم حركة حماس خالد مشعل ومهدى عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين فى مصر إلى جانب نصر الله، بمحاولة زعزعة استقرار النظام المصرى.
