أحمد بيومى يكتب: سفينة المحروسة

الجمعة، 24 أبريل 2009 01:05 م
أحمد بيومى يكتب: سفينة المحروسة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تابعت كغيرى تصريحات الحكومة والمسؤلين فى الآونة الأخيرة وخاصة بعد دخول مصر عالم الأزمة المالية وكنت متلهفا لسماع أو قراءة تصريح يريحنى ويشعرنى بأن الأمل مازال موجودا وأن سفينة المحروسة مازالت تبحر ولم تغرق بعد.. رغم أن الحكومة أصرت على أن تجعلها تحمل أكثر من طاقتها بداية من طمع وسطوة وجشع واحتكار من نعرفهم جميعا.. مرورا بالارتفاع الجنونى لأى شىء وكل شىء حتى الفول ورغيف العيش.. نهاية بانقراض المرتبات بعد يومين فقط من تسلمها من يد الصراف أمام وحش ارتفاع الأسعار.
كانت تصريحات المسؤلين كلها تقريبا متشابهة وكأنهم تلقوها فى دورة تدريبية فى علم الكلام أو فن السفسطة وهى تقريبا تنحصر فى الآتى: "الأولوية لأصحاب المعاشات" و" الأولوية لمحدودى الدخل" و"الأولوية للشباب العاطل" و"الأولوية لرغيف العيش" و"الأولوية للتنمية" و"الأولوية لأطفال مصر" و"الأولوية لصحة الشعب المصرى" و"الأولوية للتعليم" و"الأولوية ل...ول...ول...".

ابتسمت ابتسامة المنصوب عليه وهو يعلم، ولكنه لا يملك إلا أن يصفق لمن نصب عليه.. لا لشىء سوى الإعجاب بذكائه.. فالحكومة هنا تخاطب كل فئات الشعب المصرى من أصحاب المعاشات المهددين بالجوع والتشرد بعد أن وضعت أموالهم فى البورصة.. ومحدودو الدخل أصبحت اللحمة بالنسبة لهم ذكرى من ذكريات الزمن الجميل كأم كلثوم وعبد الحليم.. وشباب فقد الأمل فى مستقبل أفضل وكفر بكل شىء واستعد بأن يذهب بجواز سفره إلى الجحيم إلا مصر.. والمرضى زادهم إهمال الأطباء وجشع من فقد منهم الضمير وفساد الفاسدين وخيبة المسؤلين أمراضا على أمراضهم.

خاطبت الحكومة الذكية كل مواطن بلغته وقالت له لا تقلق فالأولوية لك.. إننا نجتمع ليلا نهارا من أجلك.. من أجل راحتك.. من أجل أن نحل مشاكلك ونجعل حياتك جنة كجنة عدن.. فينام الناس حالمين بالجنة الموعودة، وفجأة يستيقظون على نار جهنم ثم تبدأ الحكومة فى تبرير ما حدث فتجد التصريحات كالطلقات من رشاش كل وزير.. فالوزير الفلانى يصرح بأنه سنعمل على احتواء الأزمة.. والآخر يصرح بأننا سنقضى على المشكلة.. والثالث يصرح بأننا سنضع الخطط للخروج من الأزمة.. والرابع يصرح بأننا سنضرب بيد من حديد على يد الفساد الذى أوصلنا إلى ما نحن فيه.. والخامس والسادس والسابع ....... نهاية بآخر وزير فى حكومتنا الموقرة وقد لا نعرف شكله أو اسمه أو حتى اسم الوزارة التى يتولاها.

كلها تصريحات مستقبلية تكسب بها الحكومة الوقت وهدوء الناس.. فأين كانت هذه الحكومة منذ سنوات؟!.. ماذا كانت تعمل أو تفعل؟!.. لماذا تتحدث بعد كل كارثة وتبلغنا بأنها سوف وسوف وسوف.. وكأنها تعطينا دروسا فى فن التسويف.. لماذا لم تبلغنا يوما بدلا من هذا التسويف أنها فعلت وعملت وأنجزت؟.. فهل كان السادة الوزراء فى السنوات الأخيرة منذ أن أجلسهم الحظ على كراسيهم منشغلين بديكورات مكاتبهم وماركات سياراتهم حتى يستطيعوا إدارة شئون الشعب المصرى الذى تعفنت أفواهه من قلة الأكل واسودت قلوبه من كثرة الهم.

السادة الأعزاء وزراء مصر اقرءوا التاريخ جيدا وتذكروا من قبلكم وتذكروا أن القبر ضيق وأنه لن ينجو أحد من دخوله وأن جثثنا جميعا ستلف بأكفان بيضاء ليس فيها جيب واحد، وأن هناك نارا يعذب فيها من قصر فى حقوق الناس يحرسها زبانية غلاظ القلوب لا ينفع معهم بودى جاردات بعضلات تجرى أمام سيارات سوداء.. وهناك جنة من صنع الله يدخلها ويتنعم فيها من قضى حوائج الناس وكان فى عونهم.

فلتختاروا يا كل من قدر لكم القدر بأن تتولوا قضاء حوائج الناس ما بين الجنة والنار.. اسمعوا بكاء عمر بن الخطاب أثناء صلاته، لأنه تذكر أن هناك طفلا رضيعا قد بكى يوما فى عهده من شدة الجوع وقال لنفسه باكيا: "ويلك يا عمر كم أبكيت من أطفال المسلمين".. فكم طفلا بكى فى عهدكم أيها السادة الموقرون.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة