«العبيط».. كان فقير وبقى مليونير ودخل السجن وخلّص فلوسه ورجع للفقر تانى.. بس المهم عنده «الصحة والجدعنة» فى شارع العطارين، أحد شوارع الإسكندرية العتيقة والذى يجمع بين جنباته أقدم محال الأنتيكات, يسكن «العبيط»، تقترب سنوات عمره من السبعين، ويحمل قدراً كبيراً من الشهرة، فمعظم سكان المنطقة يعرفونه جيداً، وينادونه بـ«العبيط» التى لا يغضب منها، بل يشعر بفخر كبير باللقب الذى التصق به لأنه يتاجر فى الأشياء القديمة التى لا يعرف قيمتها غيره.
عندما غادرت الطبقة الغنية الأوروبية الإسكندرية عقب ثورة 1952، تركت خلفها العديد من الممتلكات الشخصية التى وجدت طريقها إلى محال شارع العطارين بمرور الوقت، فكان العبيط يشترى القطعة بجنيهين ليبيعها للأجانب بعشرين ألف جنيه: إلا أن التليفونات كانت أكثر الأنتيكات التى ربح منها، حيث كان يشتريها بـ 300 جنيه ليبيعها بثلاثة آلاف جنيه، ومع الوقت أدرك الناس أن ابراهيم ليس «عبيطاً» كما كانوا يتخيلون فقد درت عليه هذه التجارة أرباحا طائلة حتى امتلك 8 محلات فى منطقة العطارين.
ومن الفقر المدقع، تحول العبيط إلى مليونير ينفق أمواله بإسراف شديد انتقاما من سنوات الحرمان الطويلة التى عاشها، فهو لا يمر فى أى فرح فى المنطقة إلا حضره وأمطر الراقصة بسيل من أوراق البنكنوت، كما قضى جزءا من حياته فى الملاهى الليلية والكازينوهات، حتى حكم عليه بالسجن عشر سنوات إثر مشاجرة مع أحد الجيران، ألقى خلالها مياه النار على وجه جاره.
وبسبب إسرافه الشديد لم يتبق له شىء يساعده على استعادة تجارته بعد السجن حتى أن الأموال التى كان يخبئها فى محلاته التهمتها الفئران باستثناء مبلغ صغير ادخره فى البنك ليدر عليه فوائد شهرية.
عقلة من إصبعه قطعت فى خناقة من الخناقات، يقول: «أصل أنا كنت زمان فتوة العطارين بحرس المنطقة من غير ما آخد منهم حاجة، أنا طول عمرى جدع والفلوس متفرقش معايا مادمت لسه بصحتى ممكن أشتغل أى حاجة».