ياسر أيوب

الوطن المكسور الجناح

الخميس، 23 أبريل 2009 10:51 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حين أتحدث عن صناعة الدواجن التى تهددها أنفلونزا الطيور، فأنا أتحدث عن ستة عشر مليار جنيه مصرى.. وعن ثمانية ملايين مصرى يعملون بهذه الصناعة ويتكسبون منها ورغم ذلك أكد الدكتور نظيف أمام الرئيس مبارك شخصياً على أن كل شىء تمام.

من المؤكد أنه لم تعد هناك أى فوارق بين أنفلونزا الطيور وبين الكتابة عن أنفلونزا الطيور.. فهو أمر مزعج ومربك وغير مريح أن تضطر للتعامل مع هذا المرض أو تكتب عنه على الأقل.. ولا أحد سيقترب من أنفلونزا الطيور أو سيكتب عنها طائعاً وراضياً.. وبهذه المقدمة أجدنى مضطرا لأن أشرح أولا لماذا اخترت الكتابة عن أنفلونزا الطيور، ولماذا كان اضطرارى وكانت حاجتى لهذه الكتابة التى قد لا يحفل بها أو يلتفت إليها ويقرؤها أى أحد.. وفى حقيقة الأمر.. أنا لن أكتب عن أنفلونزا الطيور بقدر ما سأكتب عن الحكومة فى بلدى.. ومن خلال تعامل الحكومة فى بلدى مع الأنفلونزا وطيورها.. يمكن أن نعرف.. ونتوقع ونتخيل.. منهج هذه الحكومة فى التعامل مع كل قضايانا وأزماتنا وهمومنا ومواجعنا فى هذا الوطن المقصوص جناحه، والعاجز عن التحليق فى آفاق الحلم والمستقبل.

وفى حقيقة الأمر.. لا أعرف على أى أسس سيناقش الدكتور أحمد نظيف فى الاجتماع المقبل للحكومة غداً الأربعاء إجراءات منع انتشار أنفلونزا الطيور.. وما الذى سيسأل عنه رئيس الحكومة وكيف سيجيب وزراء الصحة والزراعة والداخلية والإعلام والتجارة والبيئة والتضامن الاجتماعى باعتبارهم الوزراء الذين تقع أزمة أنفلونزا الطيور فى دوائر اختصاصهم.. هذا بالطبع إذا كان رئيس الحكومة ينوى بالفعل أن يسأل.. أو يحتاج ويريد أن يسأل ويتوقع أن يقدم له الوزراء إجابات تختلف عن إجاباتهم طيلة الأربع سنوات الماضية.. ففى كل هذه السنوات ونحن نحارب أنفلونزا الطيور.. نكافح أنفلونزا الطيور.. نعلن قرارات ونتخذ تدابير ونشرع فى إجراءات وننفق المال ونتبنى حملات إعلامية فاشلة ودعائية ساذجة.. حتى انتهى بنا الأمر بإعلان منظمة الصحة العالمية أن مصر باتت أكثر دولة فى العالم كله تضم ضحايا من البشر أصابتهم أنفلونزا الطيور.. وبالطبع يستطيع أى أحد أن يتخذ من حرب الحكومة ضد أنفلونزا الطيور والنتيجة التى انتهت إليها هذه الحرب كنموذج لباقى حروب الحكومة ضد العشوائيات والفساد والانفجار السكانى والبطالة وحوادث الطرق وفيروسات الكبد، ومن أجل القطن والقمح والتعليم ليعرف المستقبل الذى ينتظرنا بعد أن نخسر باقى حروبنا، هذا إن لم نكن قد خسرناها بالفعل.

ولم تكن خسارتنا لحربنا ضد أنفلونزا الطيور.. تعنى فقط عدد هؤلاء البشر الذين انتقلت لهم الأنفلونزا من الطيور.. وإنما كانت الخسارة ثقيلة وفادحة وفاضحة على جميع المستويات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية أيضا.. إلا أننى أحببت أن أتوقف عند هؤلاء المصابين أولا باعتبارهم العنوان الأكبر والأخطر والأهم لهذه الخسارة.. فقد تعلمت من الأوروبيين والأمريكيين وليس من المصريين أن خسارة البشر تبقى هى الأهم والأكثر إيلاما وفداحة من أى خسارة فى الحجر وأن الناس فى أى بلد هم دائما أثمن ما يملكه هذا البلد.. وقبل أى تعليق على ذلك.. أود أن أشكر الدكتور حاتم الجبلى، وزير الصحة، مرتين.. مرة لأنه يقدم ما يفيد أنه وزير ملتزم بالدفاع عن حكومة ظالمة أو مظلومة.. وهو بالتأكيد التزام حكومى رائع.. ومرة لأنه بتصريحاته الأخيرة بشأن هذه الأزمة.. يضفى خفة دم وبعضا من المرح تحتاجهما الكتابة والقراءة عن هذا الملف الكئيب الذى هو أنفلونزا الطيور.. فقد أكد وزير الصحة فى مصر.. أن المعدلات العالية المعلنة للإصابة البشرية بمرض أنفلونزا الطيور.. هى شهادة بحسن سير وسلوك الجهاز الطبى المصرى.. بل أكد الوزير أن التجربة الطبية المصرية فى مواجهة الإصابات البشرية بأنفلونزا الطيور.. تجربة رائعة وينبغى أن يجرى تدريسها فى أقسام الوقاية ومواجهة الأمراض فى كليات الطب بالعالم كله.. وفى الوقت الذى كان فيه الدكتور حاتم الجبلى يدلى بمثل هذه التصريحات.. كانت منظمة الصحة العالمية تعلن أن الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالى شهدت عشرين إصابة بشرية بأنفلونزا الطيور فى العالم كله.. منها إحدى عشرة حالة فى مصر وحدها.. وسبع حالات فى الصين.. وحالتان فقط فى فيتنام.أعود مرة أخرى إلى الاجتماع المقبل للحكومة، الذى سيقود فيه الدكتور أحمد نظيف جهود وأفكار وخطط وطموحات وزراء مصر للتصدى لأنفلونزا الطيور.. وقد نسيت أن أؤكد أن الدكتور أحمد نظيف ليس فقط رئيسا للحكومة.. وإنما هو أيضا رئيس اللجنة العليا لمكافحة أنفلونزا الطيور.. وبالتالى فإن أى حديث يخص هذه الأزمة لابد أن يكون موجها لرئيس الحكومة بشكل مباشر وليس لأى من وزرائه أو مساعديه أو مستشاريه.. وهنا قد نجد مواطنا مصريا ثقيل الدم طويل اللسان يسأل فى تظاهر مؤسف بالدهشة والانزعاج والأسى عن مبرر وضرورة تشكيل هذه اللجنة العليا لمكافحة أنفلونزا الطيور برئاسة الدكتور أحمد نظيف طالما أن اللجنة فى النهاية تضم بشكل أساسى الوزراء المعنيين بهذه الكارثة والذين يرأسهم بحكم الدستور والنظام السياسى رئيس الحكومة الذى هو بمحض المصادفة الدكتور أحمد نظيف أيضا.. ولكن ليس من المهم ولا من الضرورى الآن التوقف عند سفسطائية بعض المواطنين وأسئلتهم غير الضرورية.. بقدر ما هو مهم أن نقف عند صناعة الدواجن نفسها التى أوشكت على الانهيار رغم ابتسامة التفاؤل والثقة التى كانت على وجه الدكتور أحمد نظيف وهو يؤكد للرئيس مبارك مؤخرا أن كل الأمور تمام وعلى أروع وأفضل ما يكون.. والأسباب التى أدت إلى انهيارها والتى يراودنى كثير من ظنون وشكوك بأن الدكتور أحمد نظيف سنحت له فرصة حقيقة لأن يلم بها ويناقشها مع وزرائه أو مواطنيه أو حتى بينه وبين نفسه.. والنتائج القاسية والمؤلمة التى ستنتج من هذا الانهيار وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية، التى لا أظن أن الدكتور أحمد نظيف وحكومته كلها قادرة على تحملها حتى وإن لم تعترف بها تماما مثل الأزمة المالية العالمية التى يصرخ بسببها العالم كله إلا مصر كبلد دائم للأمن والأمان.

وبلغة الأرقام.. فأنا حين أتحدث عن صناعة الدواجن.. فأنا أتحدث عن ستة عشر مليار جنيه مصرى.. وعن ثمانية ملايين مصرى يعملون بهذه الصناعة ويتكسبون منها رزقهم وينفقون على بيوت وعائلات بأكملها.. وهو ما يعنى أننا لسنا أمام أزمة عابرة.. أو محدودة التأثير والتداعيات والنتائج.. ولكن تبقى المشكلة أنها أزمة تخص الصامتين والتعساء والفقراء فى هذا الوطن.. الذين أبدا لن يسمع صوتهم أحد ولن يلتفت إليهم وزير أو محافظ أو حتى رئيس حى.. فالملايين التى دفعتها الحكومة سرا لتطييب خاطر العمال الغاضبين فى شركة غزل المحلة على سبيل المثال.. والمليارا جنيه التى ستدفعها الحكومة لتجميل وجه العاصمة من حيث سيارات حديثة للأجرة ولوحات معدنية أنيقة للسيارات.. لم تحظ بمثلها.. ولا حتى بعشرة بالمائة منها صناعة الدواجن بأسرها وهى توشك على التداعى والانهيار.. فتم إغلاق عدد كبير من مزارع الدواجن فى مصر التى كانت تملك حتى وقت قريب قرابة سبعة عشر ألف مزرعة.. ولكن يعلم الله وحده الآن كم مزرعة بقيت على قيد الحياة والعمل.. وكم بيت وأسرة اضطر عائلها للبقاء فى البيت دون عمل أو رزق لأن الصناعة تنهار.. والمزارع تتساقط واحدة وراء أخرى.. فقد ارتفعت تكلفة الإنتاج.. وتصاعدت أسعار الكتاكيت.. وتضاعفت أسعار لقاحات التحصين ضد المرض مع عدم جدوى أنواع عديدة من تلك اللقاحات.. وكثير من أصحاب المزارع خسروا كل شىء دون أن ينالوا التعويض الذى كانوا يأملونه ليعينهم على البقاء دون استسلام أو موات.

وهنا يأتى دور الإعلام.. والحديث عن الإعلام يضطرنى للعودة إلى الوراء لأكثر من ثلاث سنوات حين علا صوت الحديث عن هذه الأزمة فى مصر وفى العالم كله.. ففى شهر فبراير عام 2006.. أعلنت الهند وفاة صاحب مزرعة للدواجن فى منطقة ناندرو بار بغرب الهند فى أول حالة إصابة بشرية مشتبه بها بأنفلونزا الطيور.. وبعد ساعات قليلة.. وبعد أن تسابقت صحافة العالم وشاشات أخباره التليفزيونية لنشر وإذاعة هذا الخبر.. عادت الحكومة الهندية لتؤكد أن نفس هذا الرجل لم يسبق له أن خالط الدواجن، وأنها بعد أن قامت بفحوصاتها لم تجد ما يؤكد أن هذا الرجل مات ضحية لأنفلونزا الطيور.

فى ذلك الوقت.. كانت مصر ونحن كلنا معها نعيش ونتابع ونعانى تداعيات نفس الأزمة فى بلادنا.. وكانت فرنسا أيضا تتابع حكاية بطة ماتت قرب مدينة ليون التى تشتهر بجودة دواجنها كأول ضحية فرنسية لأنفلونزا الطيور.. ولم تكن الهند ومصر وفرنسا وحدها التى تعيش هذه الدراما الجديدة بكل قسوتها ومخاوفها.. وإنما كانت هناك أيضا أزمة وأعاصير من الخوف والقلق والتوتر والرعب تنشب فى ألمانيا التى مات فيها البجع فى منتجع سياحى شهير.. وفى النمسا التى أمرت سلطاتها بالإبقاء على الدواجن داخل المنازل.. وفى بلغاريا.. وفى أندونيسيا التى أعلنت الحرب على الدواجن التى كانت تعيش فى أفنية المنازل فى المدن والقرى.. وفى بلدان أخرى كثيرة فى آسيا وفى أوروبا وفى أفريقيا أيضا.. حيث أدى هذا المرض منذ أن بدأ العالم يتابعه ويخاف منه فى نهايات عام 2003 إلى إصابة 171 شخصا فى العالم، ووفاة مائتى مليون طائر سواء نفقت ضحية للمرض أو تم ذبحها خوفا من انتشار المرض.

ورغم ذلك.. بات من الضرورى التوقف أمام تجربتى الهند وفرنسا فى مواجهة كارثة أنفلونزا الطيور والاستشهاد بهما عند الحديث عن مصر وكيف تواجه هذه الأزمة وكيف تتعامل وتتعايش معها.. فالهند.. ثانى أكبر دول العالم سكانا وأحد المنتجين الرئيسيين فى العالم للدواجن.. بدأت حملة كبرى لمنع انتشار هذا المرض بين الطيور والبشر.. وقررت الهند ذبح 300 ألف دجاجة فى ولاية مهاراشترا.. وأغلقت حدود هذه الولاية وعاصمتها مومباى بعد نفوق أكثر من 50 ألف دجاجة داخل هذه الولاية.. أما فرنسا، التى هى أكبر منتج للدواجن فى أوروبا.. فقد بدأت الحكومة هناك اتخاذ التدابير القصوى للتصدى لأنفلونزا الطيور.. وأكد دومينيك بوسيرو، وزير الزراعة الفرنسى وقتها، أن بلاده ستشهد حملة تطعيم واسعة النطاق للدواجن فى ثلاثة أقاليم فرنسية ولمدة شهر كامل.

باختصار.. الأجواء فى الهند.. أو فى فرنسا.. لم تختلف فى ظواهرها ومناخاتها عنها هنا فى مصر بمختلف مدنها وقراها ومحافظاتها.. لكن بقى فارق وحيد بين ما جرى هناك فى الهند وفرنسا.. وما جرى هنا فى مصر.. هم فى الهند وفرنسا قرروا إعلان الحرب على أنفلونزا الطيور بينما نحن هنا فى مصر قررنا إعلان الحرب على الدواجن نفسها.

وكانت أولى المفارقات التى تدعونا للتمهل والتأمل بقدر ما تثير الدهشة والانزعاج.. أنه بينما باتت هذه الصناعة مهددة بالشلل ثم الموت فى مصر.. كانت الهند التى تفوق شدة الأزمة فيها وقتها ما كانت مصر تعانى وتشكو منه تقاتل وتسعى للحفاظ على معدل صادراتها من الدواجن.. واضطر شاشى كابور، رئيس اتحاد مزارع الطيور فى الهند، للتأكيد على أن حالات الإصابة بهذا المرض لم تظهر إلا فى مناطق لا تقوم الهند بتصدير إنتاجها من الدواجن.. واستبعد شاشى كابور أن تتأثر صادرات الهند من الدواجن حتى رغم إعلان نيبال حظر وارداتها من الدجاج الهندى.. بينما انشغل مسئولو الصحة فى الحكومة الهندية ومتحدثون باسمها بالتأكيد على أن مرض أنفلونزا الطيور لا يزال تحت سيطرة الحكومة الهندية.. وأن حكومتهم ملتزمة بحماية هذه الصناعة المهمة التى تنمو بمعدل عشرة بالمائة سنويا بحيث أصبحت الهند تنتج سنويا مليارا ونصف المليار دجاجة، وأربعة وأربعين مليار بيضة، وواحدا وثلاثين مليون طن من أعلاف الدواجن.

باختصار.. نجحت الهند فى إشاعة استقرار وراهنت على حماية إحدى صناعاتها المهمة، التى تعنى الأمان والمستقبل لملايين من مواطنيها وملايين من البيوت ومن فيها من أسر ووجوه تعتمد فى رزقها وفى حياتها على صناعة الدواجن سواء تربيتها أو بيعها والاتجار فيها.. وهو عكس ما كان يجرى فى مصر.. حيث نجح الجميع فى غرس الرعب داخل كل قلب مصرى.. فتضاعفت أرقام ومعدلات التراجع فى استهلاك الدواجن.. وتوقف المربون عن العمل.. وتم تشريد آلاف العمال الذين أغلقت فى وجوههم مزارع الدواجن التى باتت خالية ومعطلة.. واضطر المنتجون إلى إعدام قرابة المليونى كتكوت كل صباح.. وفرحنا كلنا بشفافية إعلام أصبح يتحدث عن أنفلونزا الطيور طيلة الليل والنهار، ونسينا أن هناك فارقا كبيرا وهائلا بين إعلام ينشد الاحترام ويسعى وراء الشفافية والوضوح ليكتسب ثقة الناس واقتناعهم وتصديقهم.. وبين إعلام باتت كل غايته الشفافية دون أن يدرك أن إطالة الحديث لمناشدة الناس عدم القلق هى التى تخلق القلق.. والرعب.. والتوتر.. وكساد أو انهيار تجارة وصناعة تستند إليها وتقوم عليها حياة ملايين البيوت والأسر فى مصر.

ما قامت به الهند.. لم تقم به مصر.. ولكنه يشبه ما قامت به فرنسا.. فعلى الرغم من انخفاض معدل استهلاك الدواجن فى فرنسا إلى 15 % عند بداية الأزمة.. إلا أن دومينيك دو فيلبان، رئيس الحكومة الفرنسية وقتها، أكد اتخاذ تدابير إضافية.. ليس لمواجهة أنفلونزا الطيور.. وإنما لدعم مربى الدواجن.. وأصر وزير الزراعة الفرنسى على أن يتحدث بشكل مباشر للفرنسيين داعيا إياهم للتضامن مع منتجى ومربى الدواجن فى بلدهم والإقبال على تناول الدجاج بالعمد والقصد وبشكل يفوق معدلات إقبالهم قبل اندلاع هذه الأزمة.. واضطر الرئيس الفرنسى السابق جاك شيراك بنفسه للتأكيد على أن تناول الدجاج آمن تماما ولا داعى للخوف أو للقلق أو لتدمير صناعة الدواجن الفرنسية.

هذا ما جرى فى الهند وفرنسا.. وفى دول أخرى كثيرة.. أما فى مصر.. فلم تكن هناك سياسة حكومية واضحة.. حتى بالرغم من اللجنة العليا التى جرى تأسيسها بكل همة ونشاط.. ولا أعرف من الذى أقنع الدكتور أحمد نظيف بأن الحل الوحيد لهذه الأزمة هو أن يعهد بها إلى وزارة الداخلية وضباط وعساكر المرور على الطرقات بين مختلف المدن والمحافظات.. فكانت الغارات والكمائن المتربصة بسيارات نقل الدواجن.. إلا أنه بسرعة نجح المصريون - كالعادة - فى التعامل مع هذا الأمر.. فانفتح باب رزق جديد للعساكر ولموظفى مديريات الطب البيطرى فى مختلف المحافظات.. لا أحد يعرف أيضاً من الذى نجح فى إقناع الدكتور أحمد نظيف بأن الأزمة كلها فى مزارع الدواجن.. فبقيت الحكومة ثلاث سنوات تحارب هذه المزارع وتجاهد للتخلص منها وتضييق الخناق عليها.. وتركت الأهالى فى بيوتهم يقتنون الطيور ويربونها فى حرية.. فكانت هذه الدواجن فى البيوت.. هى السبب المباشر والحقيقى لانتشار المرض وتفشى الوباء.. وفى تصريحات صادمة ومزعجة للدكتور فتوح درويش، وكيل وزارة الزراعة ورئيس الإدارة المركزية للطب الوقائى، قال إن الناس لا تزال حتى الآن غير مقتنعة بخطورة تربية الدواجن فى المنازل والاحتكاك المباشر مع الطيور.. بل لا يزال كثير من أهل القرى يتخيلون أنفلونزا الطيور مجرد شائعة.. وقال إنه لابد من تشريع يلزم جميع المربين بالمنازل بتحصين طيورهم ضد المرض.

الآن فقط.. وبعد أن سجلت وزارة الزراعة أن عام 2009 لم يشهد أى إصابات بأنفلونزا الطيور فى المزارع.. ولكن ظهرت تسع وثمانون بؤرة جديدة فى الطيور المنزلية وفى أسواق الدواجن الحية.. وفى سبع عشرة محافظة مرة واحدة.. بدأ المسئولون يتحدثون الآن فقط.. فى شهر أبريل عام 2009.. عن التشريعات الغائبة والقوانين التى كان من الواجب تغييرها.. وهو ما يعنى أننا تظاهرنا بالاهتمام حين بدأ العالم من حولنا يهتم.. وتظاهرنا بالتصدى للمشكلة لأن العالم من حولنا قال إن لدينا مشكلة.. وبقينا على تظاهرنا وسذاجتنا.. وسمحنا لأصحاب المصالح الخاصة.. سواء أكانوا تجار اللقاحات الفاسدة أم مستوردى الدواجن.. ينتفعون مما يجرى ويضاعفون أرباحهم بشكل لا تعرفه أى قوانين اقتصاد فى عالم يحترم العقل والناس.. وتداخلت الحسابات والمصالح.. ولا يزال رئيس الحكومة يبتسم.. ولا يزال الوزراء يشيدون بأنفسهم وجهودهم ونجاحاتهم.. ولا يزال الرئيس مبارك مطمئنا وواثقا من نجاح الحكومة فى التصدى لأزمة أنفلونزا الطيور.

لمعلوماتك...
66 حالة إصابة بالأنفلونزا حتى ليلة الأحد الماضى
100 سنه عمر أنفلونزا الطيور منذ أول اكتشاف لها فى إيطاليا





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة