محمد حمدى

التطبيع الشعبى.. والدور الرسمى

الخميس، 23 أبريل 2009 01:24 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما قرر الرئيس الراحل أنور السادات تحقيق اختراق فى حالة الحرب بين مصر وإسرائيل، طارحا مبادرته للسلام، وقعت الطير على رؤوس المصريين والعرب وجميعا، وظل السادات حتى مقتله يردد عبارة شهيرة عن ضرورة اختراق الحاجز النفسى، ورغم أننى من المعارضين للتطبيع الشعبى مع إسرائيل، ومن معارضى اتفاقية السلام فى وقتها، فإننى لم أختبر حكاية الحاجز النفسى عمليا إلا بعدها بسنوات طويلة.

فى عام 1994 وبعد نحو خمسة عشر عاما من توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية استضافت القاهرة لقاء خاصا بين نشطاء فى حركة السلام الإسرائيلية وقيادات فتحاوية فى فندق ميناهوس، تحت شعار مدينة واحدة لشعبين، وكان الغرض من هذا اللقاء هو بحث مستقبل القدس، وهل يمكن الإبقاء عليها كمدينة مفتوحة ذات طبيعة خاصة يعيش فيها أتباع كل الديانات.

وبغض النظر عن اتفاقى أو اختلافى مع ما طرح داخل الغرف المغلقة فقد انتهى الاجتماع بمؤتمر صحفى حضره عن الجانب الفلسطينى نبيل شعث وعن الجانب الإسرائيلى يوسى ساريد من حزب العمل، وقد حرصت خلاله على توجيه أسئلتى للطرف الفلسطينى وتجاهل الطرف الإسرائيلى حتى أننى لم أستطع النظر إليهم.

وفى بهو الفندق نادى على رضوان أبو عياش وكان رئيسا للتليفزيون الفلسطينيى قائلا: تعالى هذا صديقنا يورى أفنيرى".. لم أستطع الاقتراب ولوحت لأبى عياش من بعيد ومضيت، لكننى أدركت عمليا معنى الحاجز النفسى بين العرب والإسرائيليين، وأن الحديث مع إسرائيلى ليس أمرا سهلا حتى ولو كان يورى أفنيرى أحد أشهر رموز حركة السلام الإسرائيلية.

تغيرت قناعاتى كثيرا منذ عام 1979 حتى الآن، وأصبحت أرى أن السادات حقق اختراقا مهما، وأعاد سيناء إلى حضن الوطن، ورغم تحديد عدد القوات وتسليحها فى سيناء، إلا أن الحروب الحديثة لم تعد تتوقف على حجم القوات وعددها بل على تسليحها وقدرتها على التأثير فى المعارك من بعد سواء عبر الطيران أو الصواريخ طويلة ومتوسطة المدى.. ورغم التوجه المختلف من السادات والمعاهدة فمازلت من رافضى التطبيع مع إسرائيل، وأعتقد جازما أن العلاقات مع إسرائيل فى ظل استمرار احتلالها للأراضى العربية يجب أن تتم فى نطاق رسمى محدود فقط.

بالأمس كان مدير المخابرات العامة الوزير عمر سليمان فى زيارة لإسرائيل، وفى الأجواء الطبيعية تصبح هذه الزيارة عادية، لكن مع وجود حكومة يمينية متطرفة فى إسرائيل، تفتح هذه الزيارة شهية الإعلام، خاصة وأن سليمان التقى خلالها وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان، الذى دعا من قبل إلى ضرب السد العالى بالطائرات، لكن مثل هذه التصريحات المتطرفة سرعان ما تفقد قيمتها حين يتحول صاحبها إلى موقع المسئولية.

لذلك ليس غريبا أن تصدر الخارجية الإسرائيلية بيانا تشيد فيه بمصر ومكانتها وأهميتها الإقليمية، وهذا ليس مجاملة من ليبرمان، لكنه تصريح يعكس حقائق القوة على الأرض، ويعكس أيضا الدور الذى تلعبه مصر فى قضية الصراع العربى الإسرائيلى، وهو دور لا يمكن إنكاره أو تجاوزه.

مصر وسيط فى قضية تبادل الأسرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهى وسيط بين الفصائل الفلسطينية لإتمام المصالحة بينهما، وهى وسيط دولى معترف به فى قضية إعمار غزة المؤجلة لحين إتمام المصالحة، وفى كل هذه القضية لابد من اتصالات مع إسرائيل، حيث لا تزال كل الأراضى الفلسطينية فى الضفة والقطاع والقدس أراضى تحت الاحتلال وفقا للقانون الدولى، مما يعنى ضرورة التوافق والتفاهم مع إسرائيل فى هذا الخصوص.

ستستمر اتصالات مصر الرسمية مع إسرائيل، وقد يأتى ليبرمان للقاهرة، وسنسمع منه بالتأكيد تصريحات مختلفة وهو فى مقاعد الحكم، عن تصريحاته وهو فى مقاعد المعارضة، ومن حقنا أن نتظاهر ضد وصوله للقاهرة فى أى وقت وأن نرفض هذه الزيارة.. ومن حقنا كشعب أن نتمسك بعدم التطبيع مع إسرائيل، ومن حق الحكومة أن تلعب دورها فى الإقليم. وينبغى فى كل الأحوال عدم الخلط بين ما هو رسمى وما هو شعبى.. كما لا ينبغى أن يغفل الناس عن دورهم فى مراقبة العلاقات الرسمية بين مصر وإسرائيل وعدم السماح لها بالتمدد أكثر من اللازم كما حدث فى قضية تصدير الغاز المصرى إسرائيل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة