أسرار وتفاصيل عالم البحث الجنائى فى مصر

الخميس، 23 أبريل 2009 10:54 م
أسرار وتفاصيل عالم البحث الجنائى فى مصر محمود عيساوى و محسن السكرى و هشام طلعت مصطفى
كتب سحر طلعت- محمود سعد - محمد عبدالرازق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄كيف يسيطر رجال المباحث على مسرح الجريمة وكيف يطاردون الجناة من البصمة إلى الفيزا كارد؟

لم يكن بالأرض ضابط مباحث وقتما قتل قابيل هابيل، ربما لأن العالم فى نشأته الأولى كان يسكنه بضعة أشخاص فقط.. وكلهم كانوا شهودا على الجريمة.. ولا يحتاجون إلى دليل.
والأدلة على الجرائم تتنوع، أقواها هو الاعتراف الذى يعد سيدا عليها جميعا.. لكن الاعتراف لم يعد متاحا فى عصرنا الحالى إلا فيما ندر، وبات ضروريا على رجال الأمن أداء أدوار محددة على مسرح الجريمة، وصولا إلى أدلة إدانة للجانى..

مسرح الجريمة يختلف كثيرا عن المسارح الأخرى، فالإبداع فيه يكون للمجرم، الذى يفكر ويخطط حتى لحظة ارتكاب الجريمة، وبعدها يغادر المسرح فورا مصحوبا بلعنات الضحية.. وفور اكتشاف الجريمة يعتلى المسرح آخرون مهمتهم الأسياسية تتبع الهارب وإعادته إلى المسرح ليعيد تمثيل دوره الذى لعبه سرا أمام كاميرات النيابة.

ومع أداء الجانى لدوره فى الحالتين يلعب رجال المباحث أيضا أدوارا أخرى ويستعينون فيها بوسائل مساعدة لحبك القضية، واكتشاف الجانى من بين الملايين على مسرح الحياة.

حتى لو لم يترك العيساوى قاتل هبة ونادين بصمات على مسرح الجريمة.. لكن قضاة محكمة الجنايات قالوا إنهم مطمئنون إلى أنه القاتل، ففى هذه الجريمة لم تكن سلطات التحقيق فى حاجة إلى بصمات الأصابع القاتلة، لكن كانت هناك بصمات من نوع آخر لايستطيع الجانى التخلص منها حتى لو ارتدى قفازات.. وهى بصمات تليفونه المحمول.. فهى مسجلة فى أكثر من مكان، وتستطيع غرف التحكم وأجهزتها فى شركات المحمول فضح الجانى مهما كان بارعا..

ومثلما كان اكتشاف عدم تشابه بصمات الأصابع فى القرن الـ19 بمثابة ثورة علمية حتى أن الإنجليز استخدموا البصمات للتمييز بين العمال والمساجين فى المزارع الشاسعة بإقليم البنغال بالهند.. أصبحت تكنولوجيا الاتصالات تمثل الآن ثورة فى كل المجالات، خاصة فى عالم الجريمة وتتبع الجناة.

وقف رجال المباحث عاجزين لأيام طويلة فى كشف لغز مقتل سيدة تقيم بمفردها بمدينة بدر، فهى تستقبل فى بيتها عشرات الضيوف وكلهم غرباء عن المنطقة، كل الخطوات التى تعلموها فى البحث الجنائى وصلت إلى طريق مسدود، وأدت كل الطرق إلى العودة إلى النقطة صفر.. أحد الضباط علق عليه زملاؤه أملا كبيرا، فهو المسئول عن متابعة كل المتصلين بالقتيلة على تليفونها الأرضى، كل من اتصل بها تم استجوابه وثبت عدم تورطه فى القتل.. الضابط المتخصص فى تتبع اتصالات القتيلة عاد ليلا إلى فريق البحث ومعه مفاجأة من سنترال المدينة.. القتيلة تلقت اتصالا من رقم هاتفى قبل الجريمة بحوالى ساعة من مجهول، ولكن المشكلة أن الاتصال كان من كابينة فى أحد الشوارع، وباستخدام الكارت المدفوع مقدما.

المؤشرات الأولية تقول أن صاحب الاتصال هو القاتل، ولكن كيف الوصول إليه؟
وهنا بدأ فريق البحث فى الاستعانة بصديق، اسمه تكنولوجيا الاتصالات، وتم استدعاء مهندس من الشركة المالكة لكبائن الشوارع.. الطلب الوحيد لرجال المباحث هو هل نستطيع الوصول لتحديد شخصية المتصل، وقدم مهندس الاتصالات حلا عبقريا قاد المباحث إلى القاتل.. المهندس قال إن كمبيوتر الشركة الذى يقوم بخصم ثمن المكالمة من رصيد الكارت يمكنه تقديم كل المكالمات التى تمت من الكارت، وبالفعل حصلت المباحث على عشرة أرقام.. قام المشتبه به بالاتصال بها من الكارت.. وموعد كل مكالمة.. وطبعا تم الوصول إلى الأشخاص العشرة وتم الكشف عن شخصية المشتبه به.. الذى استدعته الشرطة.. وسألته عن علاقته بالقتيلة.. وكانت المفاجأة هى اعترافه بالجريمة.. وقدم السلاح القاتل.. وطبعا لم يشمل محضر الشرطة كل التفاصيل لكنه حمل جملة واحدة.. «توصلت تحريات المباحث إلى تحديد القاتل».

فى قضية العيساوى قاتل هبة ونادين ظل محاميه يقسم على براءته للدرجة التى شككت الرأى العام فى تحريات المباحث وتحقيقات النيابة.. وقال فى مرافعته إن موكله لم يكن موجودا على مسرح الجريمة معتمدا على ارتباك القاتل أثناء تمثيل القتل... تشكيك المحامى كان كافيا لحث المحكمة على قطع الشك باليقين.. وهنا عادت أهمية تكنولوجيا الاتصالات.. وهنا طلبت النيابة الكشف عن المكان الذى صدرت منه مكالمات القاتل يوم الحادث.. هو الطلب الذى أيده الدفاع وأقره رئيس المحكمة.. وأرسلوا إلى شركة المحمول طلبا بالكشف عن مكان الجانى يوم القتل..

كل أطراف القضية باتوا فى انتظار دليل إضافى يراه دفاع المتهم طريقه إلى البراءة وتجزم النيابة أنه سيكون دليل إدانة.. القمر الصناعى لا يعرف أحدا ولن يجامل.. ويستطيع الكشف عن مكان القاتل يوم االجريمة.. تتبع الهواتف المحمولة الشخصية لكل من الجانى أو المجنى عليه، عن طريق الأقمار الصناعية، متاح للأجهزة الأمنية.. كما يقول طلعت عمر نائب رئيس جمعية مهندسى الاتصالات، «خاصية التتبع» تعنى معرفة مكان الهاتف الذى يستخدمه شخص ما ويتم ذلك بالتنسيق مع إدارة المعلومات القضائية، بجهاز الاتصالات، الذى يتولى مسئولية تقديم مثل تلك التقارير الخاصة بتتبع التليفونات المحمولة بعد استئذان النيابة أو المحكمة، ليتم بعدها، تحديد مكان وجود الجانى فى وقت حدوث الجريمة، وعن كيفية حدوث ذلك يقول: «يتم رصد المكالمات الواردة والصادرة وتحديد «برج الشبكة» وهو برج الإرسال الذى يغطى منطقة بعينها فمثلا لمدينة أكتوبر يوجد محطة.. هى التى تنقل إشارات الاستقبال والإرسال.. الذى تم التحدث فى نطاقة، ومن هنا يمكن تحديد المكان وبالتالى الوصول إلى الجانى أو تحديد وجوده أو عدمه فى مكان الحادث ساعة وقوع الجريمة ومن ثم توجه الاتهامات إليه.. طبقا لذلك وهو ما حدث بقضية هبة ونادين، وقضية مقتل المطرية اللبنانية سوزان تميم، وتم تحديد اتصالات المحمول.. لكل من المجنى عليها والمتهمين لمعرفة الأرقام والرسائل الصادرة والواردة منها وإليها، وهى التى تقود رجال المباحث إلى أدلة ومعلومات مهمة تؤدى حتما إلى الحقيقة ومساعدة العدالة.. المهندس طلعت عمر يصف أدلة الاتصالات بأنها فنية لا تقبل تشكيكا» تعتمد عليها المحكمة، لأنها تقارير فنية، صادرة من خبراء.

اللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة شاهدته قبل سنوات قليلة.. وكان وقتها مديرا لمباحث القاهرة.. ممسكا بتليفونه المحمول يتحدث مع شخص ما وبعد كل اتصال يوجه رجاله إلى منطقة ما فى القاهرة.. النزهة.. مرة أخرى مصر الجديدة وهكذا ظل يوجه رجاله ويطالبهم بالانتشار فى منطقة ما.. كان هناك شخص مخطوف ويتحين الفرصة للاتصال بأسرته.. وأخيرا تكرر الاتصال من ذات المنطقة وبعد وقت قليل.. قال لرجاله القاهرة الجديدة.. وهناك انتشرت الأكمنة على مداخل التجمع الخامس.. وبالفعل نجح أحدها فى القبض على المتهمين وفك أسر الشخص المخطوف على خلفية مشاكل مالية مع المتهمين.. لم يفهم كثير من الضباط وقتها كيف أمكن لمديرهم تحديد وتتبع خط سير الخاطفين لأكثر من ساعتين حتى سقط الجناة.. ولم أترك نائبه وقتها اللواء عبد الله الوتيدى مساعد وزير الداخلية لمباحث الأموال العامة الآن.. حتى فسر لى ما يحدث.. بأن الخطوة الأولى هى الحصول على إذن نيابة فورا.. ثم التعامل مع شركات المحمول.. فكل شركة لديها شبكات إرسال منتشرة فى أنحاء الجمهورية.. ويمكن من خلال رقم التليفون تحديد محطة الإرسال التى يستخدمها من يحمل التليفون.. فإذا كانت المكالمة صادرة من المعادى فإن محطة التقوية بالمعادى هى التى يمر عبرها اتصالات الشخص المقصود وإذا تحرك إلى منطقة أخرى أستطيع معرفة مكانه مثلا فى مصر الجديدة.. أو غيرها.

ومنذ عام 1910 تضع الشرطة فى الحسبان الآثار التى يخلفها المجرمون وراءهم فى مسرح الجريمة حتى فى حالة عدم وجود آثار بصمات أصابع لهم. فلقد اتخذ الشعر والغبار وآثار الأقدام والدهانات أو التربة أو مخلفات النباتات أو الألياف أو الزجاج كدلائل استرشادية للتوصل إلى المجرمين. ويمكن جمع بعض الآثار من مكان الجريمة بواسطة مكنسة تشفط عينات نادرة من هذه المواد وقد تكون قد علقت بأقدام المشتبه بهم. وعرف رجال الأمن إدارات متخصصة اسمها الأدلة الجنائية.. فيها خبراء متخصصون فى تتبع أثر الجانى مثل قصاصى الأثر فى الصحراء.. منهم الذى قضى سنوات عمره لدراسة الأسلحة وآثارها.

العميد محمد الهوارى، المدير السابق للمعمل الجنائى يقول «يجوز أن تتناقض أقوال الشهود، وتتضارب التحريات، لكنه لا يجوز أبدا التشكيك فى الأدلة الجنائية».. ويضيف: هى تخضع لعلوم ثابتة، والأدلة الجنائية أصبحت من العلوم المهمة، تطورت فى مصر كثيرا، وأصبحنا من أهم الدول التى تستخدم التكنولوجيا فى البحث الجنائى، ودور الأدلة الجنائية هو جمع الأثر المادى الذى يتم العثور عليه فى مسرح الجريمة، ويكون شاهدا على الجانى، والمعمل الجنائى، يعمل به متخصصون من خريجى كليات علوم، مهمتهم التعامل مع مسرح الجريمة والأسلحة المستخدمة فى القتل والسرقة، وأيضا الأحذية، تخضع للفحص ويمكن رفع الأتربة الملتصقة بها لتحليلها، وبيان مطابقتها لمكان الجريمة وأيضا المستندات فى جرائم التزييف والتزوير، وكل ما يتواجد بجرائم الحرائق.

الأدلة الجنائية عندما تقدم تقارير حاسمة.. تسهل كثيرا من عمل القضاة ويصدرون أحكاما بإجماع الآراء خاصة فى حالات الإعدام.. ولكن ليست كل التقارير حاسمة حسب مايقوله المستشار محمد عيد سالم نائب رئيس محكمة النقض:«القرار الأول والأخير فى أى قضية للمحكمة، فهى التى تدرس كل الأدلة المقدمة إليها، ولا يكتمل الدليل إلا باقتناعها»، لكنه قال إن الأدلة الفنية الحاسمة يتم الأخذ بها بنسبة تصل إلى 90 %.. فى المحكمة.

وأضاف سالم أن القانون لم ينص على أدلة بعينها يأخذ بها القضاة، لإصدار أحكامهم إنما تختلف الأدلة من قضية لأخرى، فقضايا التزوير غير القتل، وكلاهما لا يتفق مع قضايا السرقة، ولفت سالم إلى أن بعض القضايا التى يزداد فيها الشك فى الجوانب الفنية المتعلقة مثلا بتوقيت الجريمة ومكان وجود القاتل أو التوقيعات فى قضايا التزوير، تتم الاستعانة بالخبراء الفنيين وتقاريرهم المختلفة التى ترجح المحكمة أصحها وتأخذ بها فى إصدار الأحكام.
السمات التى تميز الشخص كلها هى التى تقود إليه فى حال ارتكابه لجريمة.. ولا تستخدم تلك السمات فقط فى تحديد الجانى فى الجرائم فقط.. لكنها أيضا تستخدمها أجهزة الأمن الاستراتيجية.. فى التعرف على موظفيها ومرورهم عبر بواباتها الإلكترونية فهناك إضافة إلى بصمات الأصابع.. بصمات لا تتشابه للعين والأذن.. ولايسمح لأعضاء تلك الأجهزة بالدخول إلى مكاتبهم إلا بعد التأكد من تطابق السمات الشخصية لكل من يدخل إليها.. حتى لو تطابق الشكل، فجراحات التجميل قد تساعد متسلل للوصول إلى مخزن أسرار الدولة المستهدفة.. وحتى البنوك التى تواجه عمليات احتيال كبرى وعمليات تزوير خاصة فى استخدام بطاقات الائتمان.. وفى أمريكا توجد ماكينات صرف النقود التى تتعرف على العملاء من خلال بصمات عيونهم والتحقق من القزحية. وهذه التقنية تستخدمها السلطات الجنائية الأمريكية فى إدارات تحقيق الشخصية وهوية الأشخاص منذ عام 1980. لأن قزحية العين أشبه ببصمة الأصابع. فلكل شخص بصمته اليدوية والقزحية. وهاتان البصمتان تظلان مع الإنسان من المهد إلى اللحد ولا تتغيران بالمرض أو الشيخوخة. فيمكن النظر فى جهاز التعرف على القزحية وهو أرخص من جهاز الماسح لشبكية العين. وهذه الأجهزة تركب حاليا فى ماكينات صرف النقود بالبنوك. وتقنية التعرف على قزحية العين استخدمت فى الدورة الأوليمبية بسيدنى للتعرف من خلالها على هوية اللاعبين بها المقيمين فى المدينة الأوليمبية. وبصمة العين لا تتطابق فى أى عين مع عين شخص آخر. حتى العين اليمنى فى الشخص الواحد لا تتطابق مع العين اليسرى. وقزحية العين بها 266 خاصية قياسية عكس بصمات الأصابع التى بها 40 خاصية قياسية يمكن التعرف عليها. ويمكن التعرف على بصمة العينين من خلال كاميرا على بعد متر واحد.

ليست بصمات العين واليد والأذن فقط لكن هناك بصمات أخرى لاتتشابه.. مثل بصمة العرق ويمكن تحليل عرق الأشخاص بواسطة التحليل الطيفى للتعرف على عناصره. لأن الخبراء اكتشفوا أن لكل شخص بصمة عرق خاصة به تميزه. وتعتبر رائحة العرق أحد الشواهد فى مكان الجريمة لهذا تستخدم الكلاب البوليسية فى شمها والتعرف على المجرم من رائحته.. وهناك بصمات لاتتشابه للشعر وهى من الأدلة القوية خاصة أنه لا يتعرض للتلف مع الوقت. فيمكن من خلاله التعرف على هوية الضحية أو المجرم. وقد أخذ دليل بصمة الشعر أمام المحاكم عام 1950. وفى كل شعرة يوجد 14 عنصرا نادرا. وواحد من بين بليون شخص يتقاسم تسعة عناصر من هذه العناصر.

فى الماضى لم تكن الأدلة الجنائية تستطيع الحصول على دليل لا يرى بالعين المجردة حتى اخترعت العدسات المكبرة وكانت أول أداة استخدمت ومازالت فى مسرح الجريمة كفحص أولى سريع. وفى عام 1924 استخدم الميكروسكوب الإلكترونى الماسح وأعطى صورا ثلاثية الأبعاد مكبرة لأكثر من 150 ألف مرة. وهذه الطريقة تستخدم فى التعرف على الآثار الدقيقة من المواد كالدهانات أو الألياف.

فى عام 44 ق. م. كشف الطبيب الرومانى أنستاسيوس على جثة يوليوس قيصر بعد مصرعه. فوجد بها 23 جرحا من بينها جرح واحد غائر فى الصدر أدى لمقتله. وكانت تلك هى بداية لعلم الطب الشرعى الذى يقدم هو الآخر الأدلة على الجرائم لتبصير العدالة.. وبعد اكتشاف البصمة الوراثية بصمة الحمض النووى للإنسان التى تختلف جينيا عن الشمبانزى وبقية الحيوانات «رغم أننا فى الواقع نشارك الشمبانزى فى 98 % من جيناتنا»، بات الكشف عن القضايا أسهل كثيرا عن أى وقت مضى.

الدكتور كمال السعدنى نائب كبير الأطباء الشرعيين يقول: كل قضية ترد إلينا تعد حالة خاصة، فى استخراج الأدلة منها.. فمثلا فى قضايا القتل يقوم المعمل الجنائى بدوره فى رفع البصمات والآثار الدموية من مسرح الجريمة ومخلفات المجنى عليه، ثم نقوم نحن فى الطب الشرعى بعملنا ونحلل تلك المخلفات سواء أكانت عقب سيجارة، كما كانت فى قضية مقتل الفتاتين هبة ونادين، أم الـ «تى شيرت» كما كان مع محسن السكرى فى قضية مقتل سوزان تميم، وكلها تمكن من التوصل لشخصية القاتل، الأدلة الجنائية هى بدائل لبعضها البعض، فالأمر لا يستدعى أن تتكامل جميع الأدلة فى آن واحد، ففى الحالات التى يصعب على رجال البحث الجنائى تحديد الجانى عن طريق رفع البصمات، يتم استخدام الكلاب البوليسية والتى تعتمد على رائحة العرق للجانى فى موقع جريمته، وفى حالة النسب التى ينعدم فيها الإثبات أو النفى بالأدلة العادية.. نستخدم تحليل الـDNA، «تحليل الحمض النووى» وهو ما حدث فى قضايا أثارت جدلا، منها مأساة الطفلة الأم «هند» التى اغتصبت، حتى جاءت نتيجة الاختبار الجينى الذى وضع كلمة النهاية فى تلك القضية.

أيضا قضية نسب «لينا» ابنة هند الحناوى إلى والدها أحمد الفيشاوى كانت الكلمة الأخيرة فيه لتحليل الحمض النووى أو البصمة الوراثية، وحدثت طفرة كبيرة بعدما اشترينا جهازا لتحاليل DNA بملبغ يزيد على مليون ونصف وأرسلنا 3 من كوادر الطب الشرعى للتدريب عليه بالخارج ومن ثم تم استخدامه فى العديد من القضايا الأخرى تباعا بعد ذلك، لكثرة مميزاته لأنه يستطيع تحليل مخلفات بشرية سائلة مثل اللعاب والدم والمنى أو أنسجة مثل الجلد، العظم، الشعر، لكون الحامض النووى مقاوما لعوامل التحلل والتعفن لفترات طويلة تصل إلى عدة شهور، وهو ما حدث للكشف عن شخصيتى المتورطين فى حادثى طابا والأزهر، ويفسر لنا: «يوجد الحامض النووى داخل خلية الكائن الحى، وهو المعلومات الوراثية التى تختلف اختلافاً كبيرا بين الأفراد. والتى تشبه إلى حد كبير فى مظهرها الخطوط الكودية المستخدمة فى تسعير المنتجات المختلفة. تعد ميزة لكل فرد بذاته فيما عدا التوائم المتماثلة، ونظراً لكون الاحتمالية الإحصائية لتكرار هذه البصمة واحدا إلى عدة ملايين، لذا كان من الطبيعى أن تصبح البصمة الوراثية لأى آثار بيولوجية يعثر عليها فى مسرح الجريمة دليلاً مادياً قوياً. لايتطرق إليه الشك فى إثبات علاقة الجانى بمسرح الجريمة وبالتالى سهولة التعرف عليه»

ضابط كبير يعمل فى البحث الجنائى منذ ربع قرن تقريبا ومازال، قال: هو سباق بين المجرم والعدالة.. وكلما شهدت الجريمة تطورا صاحبها تطور فى الكشف عنها.. حتى الجريمة الإلكترونية التى تستخدم الكمبيوتر لا يعرف الكثيرون أن لكل جهاز بصمة نستطيع التعرف منها على الشخص الذى يستخدم الجهاز.. وما أرسله من بيانات أو رسائل فى توقيت معين ويتم تحديد مصدر الجهاز وبالتالى عنوان المتهم.. وعندما سألته عن أحدث شىء بعد تتبع التليفون المحمول، قال يمكننا الآن تتبع الكمبيوتر المحمول أيضا وفى حالات سرقته مثلا، نستطيع بمجرد استخدامه فى الدخول على شبكة الإنترنت تحديد مكانه.

لمعلوماتك...
160 ألف قضية تعرض سنويا على مصلحة الطب الشرعى
1910 بداية الأخذ بالآثار التى يتخلفها المجرمون وراءهم فى مسرح الجريمة





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة