"شعراء الشو" ظاهرة انتشرت فى السنوات الماضية بشكل كبير، حيث يقوم الشاعر بكتابة الشعر السياسى أو غيره من ألوان الشعر التى يضمن بها تعاطف الناس معه وانجذابهم له، ويزداد الأمر نجاحا إذا تمت مطاردة هذا الشعر سياسيا، حيث يصبح بطلا ومناضلا، اختيار هذا الطريق بات سهلا لدى الكثير من الشعراء، حيث يحققون الشهرة باسهل الطرق.
الشاعر محمد سليمان يقول إن الواقع والظروف المحيطة بالشاعر سواء كانت خاصة أو عامة، هى ما تجعله يتجه للون معين من الكتابة، حيث تأثر فيه، وتجعله يتحول من نوع لآخر، فمثلا فى الستينيات اتجه الشعراء للرومانسية، وبعد النكسة تحول الجميع للشعر السياسى، فالحدث هنا هو ما فرض عليهم التوجه لهذا النوع، لكن هذا الأمر يحدث مع الشاعر الحقيقى المبدع فقط، أما النوع الآخر من الشعراء، وهم من يستخدمون الكتابة فى نوع معين بشكل فج دون إبداع ولا قيمة فنية تذكر، وهؤلاء هم من يقال عنهم شعراء الشو، حيث يسعون لجذب انتباه القارئ وأجهزة الدولة، والمحاكم حتى تثار حولهم الزوبعة، ويقال عنهم المناضلون، فتتسلط عليهم الأضواء، ويكسبون حب الناس وتعاطفهم، معتقدين بذلك أنهم يحققون شهرة، مؤكدا أنهم حتى لو حققوها فستذهب بعد فترة قصيرة جدا، لأن ما قدموه خال من الفن الحقيقى والصدق أيضا، وعن سبب انتشار هذه الظاهرة يقول سليمان إن غياب جمهور الشعر، واختفاء القارئ المتذوق هو ما أدى لظهور هذا النوع الذى يحاول جذب القارئ بأى وسيلة.
مجهود هذا النوع من الشعراء هو مجهود زائف، هذا ما قاله الشاعر حلمى سالم، موضحا أن السبب فى ذلك هو أن عملهم يخلو من الأصالة والفكرة والحقيقة، وعن انتشار هذه الظاهرة يقول سالم إنها زادت فى العشرين سنة الأخيرة، لأن هذه السنوات غاب فيها المعيار الفنى الحقيقى، ولم يعد هناك ما يقيم الأمور بشكل سليم وفنى، مضيفا أن التشوه الذى حدث فى المجتمع ألقى بضرره على كل شيئ، وكان فى المقدمة الفن، فأصبح النصب والاحتيال والمتاجرة باسم الفن وسيلة للترقى فى ظل عدم وجود رقابة نقدية تقف لمثل هذه الأعمال وتفضحها، مشيرا إلى الترقى بالنقد الحقيقى هو الوسيلة للحد من هذه الظاهرة.
وهذا ما أكد عليه الشاعر حسن طلب قائلا إن غياب المرجعية النقدية هى السبب فى انتشار هذه الظاهرة التى تعد واحدة من أمراض الحياة الثقافية فى مصر، كما أن اختلاط الإعلام بالأدب، وسهولة أن يكون الصحفى شاعرا وقاصا وروائيا، أدى أيضا لزيادة هذه الظاهرة، حيث اختلطت المعايير، مؤكدا أنه لا يمكن التعامل مع القصيدة أو الرواية بنفس المعيار الذى يتم التعامل به مع المقال أو التحقيق الصحفى، هذا كله بالإضافة لانتشار الصفحات الثقافية بالمجلات والجرائد، وغياب وعى من يعمل بها بالحياة الثقافية، ومضيفا أن من يقوم بذلك يعتمد على فكرة المصادرة وسيطرة رجال الدين والدولة، فيكتبون كلاما لا قيمة له لكنه لاذع سياسيا أو دينيا، فتتم مطاردتهم، فتتناولهم الصحف والفضائيات، فيصبحون أبطالا وشهداء، ومن أكبر ممثلى هذه النوع من الشعراء فى مصر كما يقول طلب، "أحمد الشهاوى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة