المصريون "عطاشى" فى قرى ونجوع ومدن ومحافظات "هبة النيل".. الحرمان من المياه أو الغرق فى "أنهار التلوث"

الأربعاء، 22 أبريل 2009 10:43 ص
المصريون "عطاشى" فى قرى ونجوع ومدن ومحافظات "هبة النيل".. الحرمان من المياه أو الغرق فى "أنهار التلوث" أوضاع مياه الشرب فى المحافظات المصرية وصلت إلى حالة من التدهور الشديد
كتب كريم حسين وشعبان فتحى ومحمد فوزى وإيمان مهنا ومحمد صالح وفايزة مرسال ومحمد إبراهيم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أوضاع مياه الشرب فى المحافظات المصرية وصلت إلى حالة من التدهور الشديد، لا فرق فى ذلك بين محافظة تطل على النيل أو تعيش على رحمة الأمطار والآبار، وسكان المحافظات يعانون إما من انقطاع دائم للمياه أو ضعفها، وإما من تلوثها حين تأتى محملة بالصرف الصحى والصناعى والزراعى، فيما يعيش الآلاف فى القرى والمراكز والمدن على رحمة "جراكن" المياه مجهولة المصدر، أو "الطلمبات الحبشية" المخلوطة بالصرف الصحى، أو غيرها من مصادر المياه ذات اللون والطعم والرائحة. فيما لا يزال المسئولون بالحكومة، ومن يمثلونهم فى المحافظات يعلنون عن رصد الملايين لمشروعات "الإحلال والتجديد" وحفر الآبار، وتركيب المحطات، فيما تؤكد تصريحاتهم أن المياه نظيفة ونقية ومطابقة للمواصفات، إلا أن انتشار أمراض الفشل الكلوى والكبد وأمراض غامضة تقتل دون سبب واضح، فضلاً عن معاناة المصريين فى "هبة النيل" من العطش يؤكد عكس ذلك.

فى السويس.. شائعات مياه الشرب تروج المياه المعدنية و"الفلاتر"
ففى محافظة السويس صارت مياه الشرب من أكثر القضايا إثارة للدجل، حيث يحصل سكان السويس على المياه من ترعة الإسماعيلية، وهى آخر الخطوط النيلية وتشهد تلوثاً شديداً خلال مرورها بالمحافظات، الأمر الذى يجعل مياه الشرب عرضة للكثير من الشائعات، ومن بينها ما أثير عام 2005 من أن مياه الشرب تحتوى على سم قاتل، وتهافت المواطنون آنذاك على شراء زجاجات المياه المعدنية التى وصل سعر الواحدة منها إلى 20 جنيهاً، هذا كما ارتبط ارتفاع نسبة الإصابة بمرض الفشل الكلوى بالمحافظة بمعلومات عن تلوث مياه الشرب، وهو ما يساعد على رواج تجارة "فلاتر" تنقية مياه الشرب وانتشار محلات توزيعها بالسويس.

هذا فيما يؤكد سيف الدين جلال محافظ السويس لليوم السابع أن جميع التقارير العلمية والتنفيذية أكدت أن مياه الشرب بالمحافظة تتمتع بأفضل المعدلات العالمية، ونفى أن يكون لها أى علاقة بارتفاع نسبة مرضى الفشل الكلوى.

وفى البحيرة الأهالى والمستثمرون ضحايا تجار المياه
وفى محافظة البحيرة يعانى عدد من القرى والمراكز من نقص شديد فى مياه الشرب، ومن بينها "عزبة المصرى" التابعة لقرية كوم الفرج بمركز أبو المطامير، والتى يسكنها حوالى 2000 نسمة يضطرون للشرب من مياه الترع، أو أن يستسلموا لاستغلال تجار المياه الذين ينقلونها فى "جراكن" على عربات نصف نقل من القرى المجاورة وبيعها للأهالى بأسعار خيالية، تصل إلى "3 ـ 5" جنيهات للجركن الواحد سعة 20 لتراً، وعلى الرغم من انقطاع المياه الدائم، حيث لا تصل للمنازل سوى 5 أيام شهرياً فى أفضل الأحوال، إلا أن شركة مياه الشرب تطالب الأهالى بسداد فواتير الاستهلاك بحد أدنى 10 جنيهات للفاتورة.

ويعانى مركز "وادى النطرون" بالمحافظة من نقص حاد فى المياه، على الرغم من أنها منطقة صناعية ومن المفترض توافر عوامل جذب الاستثمارات بها، وهو ما يثير انتقادات مستثمرى المنطقة، وقال عمر نجيب مستثمر بشركة "الدلتا للكيماويات الزراعية"، أنه على الرغم من مرور 10 سنوات على إنشاء الشركة، فمازالت تعتمد على عربات لنقل المياه من مناطق مجاورة ضماناً لاستمرار العمل بالمشروع، على الرغم من أن المحافظة وقعت معهم عقوداً على أساس أن المنطقة كاملة الخدمات، فيما يؤكد عصام عزمى مدير "الشركة العربية لأمهات الدواجن"، أن تكلفة نقل المياه للمنطقة الصناعية يتكلف حوالى 4 آلاف جنيه شهرياً.

أزمة نقص المياه بالمنطقة الصناعية دفعت اللواء محمد شعراوى محافظ البحيرة للموافقة على حفر أربع آبار للمياه بوادى النطرون اثنين بمنطقة "الرست هاوس" واثنين بقرية "نبع الحمراء" وقال، إنه تم اعتماد مبلغ 20 مليون جنيه لتوصيل مياه الشرب للمنطقة بالتوازى مع مشروع تطوير الصرف الصحى بالوادى، كما أنه من المنتظر أن يتم الانتهاء من مشروع توصيل المياه قبل 30 يونيه من العام الجارى.

محافظة الإسماعيلية.. المياه نظيفة وآمنة ومتوفرة فى جميع الأنحاء!
وأكد اللواء سعد عبد الهادى سكرتير عام محافظة الإسماعيلية، أن مياه الشرب بالمحافظة نظيفة وسليمة تماماً وخالية من التلوث، وأنها تمر بمراحل طويلة من المعالجة بمرفق هيئة قناة السويس وفق أحدث النظم والمعايير القياسية العالمية، مشيراً إلى أن ما يشاع حول تلوث المياه ليس سوى نتيجة كسر فى أنابيب المياه فى إحدى المناطق، مما أدى إلى ظهور "عكارة"، وفى بعض الأحيان يتغير لون المياه بسبب تنقيتها بالكلور والشبة، هذا كما نفى المحافظ وجود نقص أو انقطاع للمياه فى أى من مراكز ومدن وقرى الإسماعيلية، وقال إن هناك عمليات إحلال وتطوير دورية، وأن مياه الشرب دخلت جميع القرى والعزب والنجوع.

فى الشرقية الأهالى يجاملون بعضهم فى المناسبات بسيارة "مياه"
وفى محافظة الشرقية يشتكى أهالى "صان الحجر" و" الحسينية " من وجود نقص شديد فى مياه الشرب، على الرغم من مرور أشهر قليلة على افتتاح المهندس أحمد المغربى وزير الإسكان لعدة محطات مياه بمركز "الحسينية"، ويقول محسن محمد من مركز الحسينية، إن المحافظ يؤكد على أن محافظة الشرقية تحولت إلى "قطعة من أوروبا"، بينما يشرب الأهالى مياهاً زرقاء اللون، ولها طعم ورائحة كريهة.

كما يعانى أهالى "صان الحجر" من ندرة المياه، حيث من المفترض أن تصل المياه للمركز من محطة "القواسم"، إلا أنها لم تعمل فعلياً حتى الآن، برغم أنه تم افتتاحها حديثاً وفى حضور الوزير، ويؤكد الأهالى أن المياه ما زالت مقطوعة، مما يضطرهم لشراء "جراكن" المياه من التجار، والتى تعبأ من الترع المجاورة. ويقول محمد الغرباوى، الذى والده مات بسبب الإصابة بمرض الفشل الكلوى، نتيجة تناوله مياه الترع الملوثة، وهو ما زاد من المشكلات الصحية لأبناء القرية، وقال إن سعر حمولة سيارة نقل المياه 120 جنيهاً، وأن الأهالى أصبحوا يقدمون لبعضهم المياه كهدية فى الأفراح والمآتم، وبعضها من خارج المركز لضمان نقاوتها.

فى الدقهلية المياه محملة بالصرف الصحى والصناعى والزراعى
وأصبحت مياه الشرب فى الدقهلية ملوثة، على الرغم من تصريحات اللواء سمير سلام محافظ الدقهلية والمهندس أحمد المغربى وزير الإسكان بحل مشكلة تلوث المياه بفرع دمياط، والتى سببها مصب مصرف "عمر بك" فى النيل مباشرة بما يحمله من ملوثات ومخلفات صناعية وزراعية، حيث أكد المسئولون عن تعديل مسار المصرف ليصب فى مصرف الغربية الرئيسى بدلاً من النيل بتكلفة قدرها 180 مليون جنيه تتحملها وزارة الإسكان والموارد المائية، إلا أن وضع المياه لم يطرأ عليه أى تغيير، فيما لم تجد نفعاً طلبات الإحاطة والاستجوابات التى تقدم بها طارق قطب عضو مجلس الشعب فى ذات الموضوع.

ويؤكد المهندس محمد الشناوى رئيس جمعية البيئة والتنمية، أن المياه التى تصل للمحافظة محملة بمخلفات صرف زراعى لمساحة 43 ألف فدان معظمها تابعة لمحافظة الغربية وتحتوى على مبيدات حشرية وفطرية، بالإضافة إلى الصرف الصناعى والصحى من محطات "سمنود وميت بدر حلاوة"، وكذلك مصانع "رخام زين العابدين ثابون بسمنود ومعاطن الكتان بزفتى"، حيث تمر هذه المخلفات عبر مصرف "عمر بك" إلى النيل مباشرة من خلال محطة رفع المحلة الكبرى "الناصرية"، والتى تعمل من خلال (4) وحدات رفع طاقة الواحدة منها 305 آلاف متر مكعب فى اليوم، وهو ما يفوق إجمالى إنتاجية محطات مياه الشرب بمحافظة الدقهلية فى حالة تشغيل وحدتى رفع فقط، وهو ما يمثل نسبة عالية من التلوث، وغير صالحة للاستخدام الآدمى وأنها وراء انتشار أمراض غامضة فى قرى مركز المنصورة وقرية بلجاى، التى توفيت فيها طلفة دون أن يتم معرفة السبب فى الوفاة حتى الآن، مشيراً إلى أن التحاليل الرسمية غير واقعية، وليست سوى مسكنات.

فى القليوبية "طلمبات حبشية" بطعم الصرف الصحى وجراكن مجهولة المصدر
وتعانى محافظة القليوبية من تلوث مياه الشرب، والتى تهدد صحة سكان المحافظة، وخاصة فى المدن الكبرى مثل "شبرا الخيمة" و"بنها" عاصمة الإقليم، بالإضافة إلى أن عدداً كبيراً من قرى المحافظة محروم من المياه.

ويقول جمال أبو الوفا مهندس من "الكسابية" مركز شبين القناطر، إن قريته محرومة من مياه الشرب التى لا تصل لها، مما يضطر الأهالى للاعتماد على مياه "الطلمبات الحبشية"، والتى تصيب مياهها السكان بالفشل الكلوى، الذى انتشر بشكل كبير.

ويؤكد عبد الله مرعى موظف من "عزبة الأبيض" مركز الخانكة، أننا دخلنا عصر الكمبيوتر والفضائيات، ومازلنا محرومين من خدمة مياه الشرب ونستعمل المياه الجوفية، لأن مياه "الحكومة" حتى تصل للقرية تكون غير نظيفة وضعيفة وكثيرة الانقطاع وليس أمامنا سوى "الطلمبات الحبشية" التى تختلط بمياه الصرف الصحى.

وفى "عزبة الرواشدة" مركز طوخ يضطر الأهالى إلى ملء "الجراكن" البلاستيكية وتخزينها بسبب ضعف المياه، وعدم وصولها إلى الأدوار العليا، وذلك بسبب خطاء فى شبكة القرية، حيث تم تركيب مواسير 4 بوصة فى الخط الرئيسى و6 بوصة فى الخط الفرعى.

ويقول مسعد أبو النصر من قرية "أجهور الكبر"، إن التقارير والأبحاث التى تمت على مياه الشرب بالقرية أكدت عدم صلاحيتها للاستخدام الآدمى لارتفاع نسبة الأملاح بها، مما يعرض المواطنين للكثير من الأمراض الفتاكة، وحالات التسمم

ويشير محمد السيد من مركز "قليوب" إلى أن الأهالى فى قرية "نوى" ارتفعت بينهم نسبة الإصابة بأمراض الفشل الكلوى والكبد بسبب تلوث مياه الشرب مما اضطرهم لاستخدام "الفلاتر" المنقية للمياه وشراء جراكن المياه التى تباع على "عربات الكارو" دون علم مصدرها.

وفى قرية "شبلنجة" و"كفر أبو زهرة" أشار طه حسين مدرس إلى أن مياه الشرب لديهم لا تختلف كثيراً عن مياه الترع والمصارف، وفى "البرادعة" بالقناطر الخيرية يقول محمد حسن، إن الأهالى يعانون من ارتفاع أسعار "جراكن" المياه غير معروفة المصدر، والتى تباع بسعر (3_ 4) جنيهات، وتستهلك الأسرة ما قيمته حوالى 70 جنيهاً يومياً مما يهلك الميزانية، وكشفت تقارير معملية أن مياه قرية أجهور بها نسبة 79% منجنيز، بالإضافة إلى تهالك الشبكة، مما أدى إلى تسرب مياه الصرف الصحى إلى واختلاطها بمياه الشرب.

جنوب سيناء تجارة مواتير الرفع "تكسب"
وتعانى مدن محافظة جنوب سيناء من أزمة حادة فى المياه، خاصة فى مدينة "طور سيناء" عاصمة المحافظة، وقد حاول المحافظون السابقون والمحافظ الحالى مواجهة أزمة نقص المياه عن طريق إنشاء محطات لتحليه مياه البحر فى مدن "خليج العقبة"، التى نضبت آبارها الجوفية منذ فترة طويلة بسبب عدم سقوط أمطار غزيرة منذ سنوات، كما تم مد خط مياه النيل عبر النفق إلى "رأس سدر" و"أبو رديس" و"أبو زنيمة" وأخيراً جارى توصيلها إلى مدينة "سانت كاترين".

أما مدينة "الطور" التى يعيش أهلها على مياه الآبار الجوفية، فليس لديهم مصدر لمياه الشرب سوى حفر الآبار، إلا أن تهالك شبكات المياه بالمدينة، والتى أنشئت عام 1985 أدى إلى تفاقم أزمة المياه لدى الأهالى، وخاصة فى "حى الزهور"، الذى أصبح من أكثر الأحياء معاناة، حيث يقوم السكان، وخاصة فى الأدوار العليا بملء "الجراكن" من جيرانهم بالأدوار السفلية، بسبب ضعف المياه الشديد، وهو ما أدى إلى رواج تجارة "مواتير رفع المياه".





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة