يا أيها الوزير الفنان.. يعنى إيه تطبيع؟

الثلاثاء، 21 أبريل 2009 11:12 ص
يا أيها الوزير الفنان.. يعنى إيه تطبيع؟ يا سيادة الوزير.. نعرف أن التطبيع تطبيع
وائل السمرى يكتب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"روح ألعب يا حبيبى أنا هحط لماما قطرة" تذكرت هذه الجملة المضحكة التى يقولها الأب لابنه حينما يريد "زحلقته" ليعاشر زوجته، دون "تغتيت" من فلذة كبده، حينما سمعت تبريرات وزارة الثقافة لاستضافة الفنان الإسرائيلى العالمى "بارنبويم" فى دار الأوبرا المصرية، فالوزارة لا ترى فى هذه الاستضافة عيباً ولا تطبيعاً، لأن هذا الموسيقار الإسرائيلى من محبى السلام ومن الداعين له، كما أن السلطة الفلسطينية منحته الجنسية الفلسطينية تقديراً لدوره البارز فى محاربة العنف على الأراضى (الإسرائيلية الفلسطينية المشتركة) ووسط تبريرات الوزارة تتوه الكثير من الحقائق وتتبدل المفاهيم التى من كثرة ما ألح عليها "جيل الآباء" من الكتاب والصحفيين أصبحت من الثوابت، التى لا تقبل تغييراً ما دام ظل الحال على ما هو عليه.

من أكبر هذه الثوابت وأشدها إثارة هو "التطبيع" الذى عرفنا منذ صغرنا أنه "عيب" ويكاد يكون حراماً، ومن يفعله فهو "خائن" وفى بعض الروايات "عميل" وفى تعريف التطبيع قالوا: هو كل ما يشتمل على تعاون عربى إسرائيلى مشترك، وبعد معاهدة السلام الشهيرة طبّعت العديد من حكومات الدول العربية خاصة مصر، لكن ظل الموقف من التطبيع الثقافى فى محله، لم يتغير، صحيح أن السلطات حاولت فرضه باستضافة إسرائيل فى معرض الكتاب، لكن المثقفين والناس كانوا له بالمرصاد، وأفشلوه فى مهده، ومنذ أن ترشح السيد الوزير الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة لمنصب مدير عام اليونسكو، ومعركة التطبيع الثقافى على أشدها، خاصة بعد إعلان إسرائيل موقفها الرافض لترشيح حسنى ووقوف أمريكا بجانب إسرائيل فى معارضة ترشيح الوزير المصرى، لكن فاجئنا الوزير بخفة يد ساحرة مرة بعد مرة "بحركات" تطبيعية مستترة ومعلنة، من أبرزها إدلائه بحديث لصحيفة يدعوت أحرونوت، واشتراكه فى مؤتمر يرعاه اليهود فى فرنسا لتجديد ذكرى محرقة الهولوكوست والتذكير بها، وغير ذلك من "حركات" مظهرها إنسانى وشرعى وجوهرها "تطبيعى خالص".

آخر هذه الحركات هى استضافة الفنان العالمى الإسرائيلى بارنبويم فى عقر دار الأوبرا المصرية، هنا تذكرت جملة الراحلة العظيمة سناء يونس فى مسرحية "سك على بناتك" حينما فضحت نوايا محمد أبو الحسن الذى أردا أن يمسك يديها بحجة عبور الطريق وقالت جملتها الشهيرة "قال إيه بيعديني" وكلما سمعت تبريرات وزارة الثقافة قلت: قال إيه بيحب السلام.

فى الحقيقة أنا لا أفهم الآن ما يقال من حين إلى آخر، بأن عدم التطبيع الثقافى هو تحريم التعاون المشترك بين المثقفين والفنانين المصريين وغيرهم من الإسرائيليين، فقد فعلها السيد الوزير وفى عقر دار الأوبرا المصرية، وفى وضح النهار، والأدهى من هذا هو تبرير بعض المثقفين للحفل، وساءلت نفسى قبل أن أسأل السيد الوزير ماذا يعنى التطبيع إذن؟ فمن المعروف أن كل الفنانين ـ ماداموا فنانين حقيقيين ـ مصريين فلسطينيين إسرائيليين سنغافوريين "بيحبوا السلام" ونحن نعرف أن أى فنان عاقل ويريد أن تكون له مصداقية، لابد أن ينحاز إلى الضعفاء والمظلومين، لا يختلف فى هذا مصرى عن إسرائيلى عن فنزويللى، وكان الموقف فى الأساس هو مقاطعة الفنانين الإسرائيليين كلهم، والفرق المسرحية كلها والأفلام كلها والأغانى كلها، ولا يغيب عنا أن الفنانين الإسرائيليين "إللى بيحبوا السلام" يؤدون خدمة جليلة للدولة العبرية، فمن ناحية يظهرون مدى تمدن الإسرائيليين، ومن ناحية أخرى يظهرون مدى ديمقراطية المجتمع الإسرائيلى، ولا يختلف الفنانون الإسرائيليون عن غيرهم من الفنانين فى شتى بقاع العالم، وأقترح على السيد الوزير إن كان يريد أن يتمادى فى استضافة الإسرائيليين، أن يعد قائمة بأسماء محبى السلام، وقائمة أخرى بأسماء كارهى السلام، لكى نعرف كم مثقف إسرائيلى تجب مقاطعته، وأكاد أجزم بأنه لو أعد هذه القائمة فسنكتشف أننا لن نطبع مع قلة قليلة من المثقفين الإسرائيليين، وبعدها سنجد أنفسنا مطالبين بإعداد قائمة أخرى تصنف كارهى السلام "أوى" وكارهى السلام "نص نص" ثم قائمة ثالثة تطالب بمحاولة اختراق قائمة "كارهى السلام أوى" واستضافتهم لكى يتعلموا من كرمنا ومن حبنا ومن فننا لعلهم يهتدون.

يا سيادة الوزير.. نعرف أن التطبيع تطبيع، واستضافة موسيقى إسرائيلى فى مؤسسة مصرية يعنى تطبيع ثقافى بكل معانى الكلمة، ونعرف أيضاً أنك "ترتكب" هذه "الحركات" لتزويق صورتك عند المجتمع الإسرائيلى وعند الإدارة الأمريكية الجديدة، طمعاً فى كرسى اليونسكو، فأرح واسترح، وقل إنها "تطبيع" وإن كنت أنت "مكسوف" من التصريح بكلمة "تطبيع" اعتمد على جهلنا وسذاجتنا وقول لنا "روحوا ألعبوا يا حبايبى وإحنا هنحط للإسرائيليين قطرة".





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة