صدر منذ عدة أيام باللغة الفرنسية "الآخر فينا.. من أجل فلسفة تعددية" عن دار نشر Presse du Châtelet، الكتاب يحمل وجهة نظر الفيلسوف الإسلامى طارق رمضان، ورؤيته لكيفية السبيل للخروج من السجن الذاتى؟ والسبيل لاستعادة حس التساؤل والنقد البناء.
طارق رمضان هو أستاذ الفلسفة والدراسات الإسلامية بجامعة أكسفورد، ولد فى سويسرا فى عام 1962، وهو حفيد الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، ونجل الدكتور سعيد رمضان، أحد القيادات الإسلامية فى أوروبا.
يصنف طارق رمضان كواحد من الأكاديميين المسلمين التقدميين الرواد فى أوروبا، حيث يدعو إلى رؤية إسلامية معاصرة تقوم على مد الجسور مع المجتمعات الأوروبية، منادياً بضرورة المشاركة الفعالة للمسلمين فيها. ويتمتع رمضان بشعبية طاغية فى أوساط الشباب المسلم فى أوروبا، فى الوقت الذى يثير فيه جدلاً واسعاً، حيث ينظر إليه اليسار الأوروبى كأحد بناة التقارب الثقافى وكمعتدل يسعى للإصلاح والتحديث ويواجه التطرف الدينى، فى حين يراه اليمين الأوروبى أكثر أصولية مما يبدو عليه فى الظاهر.
وفى إطار هذا الفكر التجديدى الذى يدعو إليه، كان لطارق رمضان مؤلفات عديدة باللغة الفرنسية والإنجليزية لعل أشهرها "أن تكون مسلماً أوروبياً" و"مسلمو الغرب ومستقبل الإسلام" و"الإسلام والغرب وتحدى الحداثة" و"المسلمون فى فرنسا.. الطريق إلى التعايش".
وقد تعرض طارق رمضان خلال الأسابيع الماضية فى هولندا لانتقادات بسبب الاتهامات التى وجهتها إليه صحيفة مهتمة بشئون المثليين، بإدلائه تصريحات تمييزية ضد النساء والمثليين، الأمر الذى دفع بعض السياسيين بالمطالبة بإقالته من منصبه الذى يتولاه فى مجلس مدينة روتردام. إلا أن السلطات الهولندية قد تبينت من أن تصريحات رمضان كانت قد نزعت من سياقها تماماً.
يعكس هذا الكتاب فلسفة التعددية والانفتاح على الآخر فى زمن العولمة، من خلال التعرض فى كل فصل من الفصول لموضوع فلسفى مختلف، الحرية، الإخوة، الحب، التسامح، وغيرها.
ويأتى هذا السياق فى إطار الرسالة التى يحملها العمل وهى دعوة القارئ للإبحار نحو الآخر، بغض النظر عن عاداته أو تقاليده أو ديانته. لأنه وكما تصنع الشواطئ المحيط، هكذا يشكل تعدد الطرق الإنسانية المجتمع الإنسانى فى مجمله. وهذا باختصار ما يدعو له طارق رمضان، قبول المخاطرة فى التقرب من الآخر ومحاولة التعرف عليه.
وذلك الأمر لا يستدعى بالضرورة، من وجهة نظر طارق رمضان، التحلى بثقافة فلسفية أو دينية معينة، بل إن كل المتاع الذى يحتاج إليه الإنسان للشروع فى رحلة التعرف على الآخر وقبوله، هو القليل من التواضع والاحترام والفضول والإصرار والكثير من الحب.. وتظل الخطوات الأولى على هذا الطريق هى أصعب المراحل، حيث يحتاج الإنسان إلى بذل مجهود للخروج من شرنقة ذاته، من عاداته وقناعاته، للانطلاق نحو الآخر.. هذا الآخر الذى يكمن أيضاً بلا شك بداخل أنفسنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة