فى لحظة حماس لمصريته التى لم يقبل التفاوض عليها، اتفق الشاعر الراحل صلاح جاهين مع الفنان الكبير محمد نوح على كتابة مسرحية غنائية وتلحينها على غرار مسرحيات الرحبانية، ملابسات هذه اللحظة أتت بشكل عفوى وتلقائى، حينما كان جاهين يستمع إلى إحدى مسرحيات الرحبانية، وقال لنوح "هو إحنا ليه مبنعملش مسرحيات زى دى؟.. هو إحنا ناقصين إيد ولا ناقصين عقل؟"، فرد عليه بأن الأعمال الكبيرة من هذا النوع تتطلب تفرغاً كاملاً، فسارع جاهين بروحه الطفولية المتحمسة دوما، خلاص أنا مش رايح المجلة من بكرة، واعتبرنى متفرغ من دلوقتى، وكانت هذه المسرحية هى آخر ما كتبه جاهين وآخر ما ألفه، فقد توفى قبل أن يراها، وما أن انتهى الفنان الكبير محمد نوح من تلحينها حتى تم عرضها فى مسرح الفن، إلا أن هذه المسرحية ظلت مجهولة لأكثر من عشرين سنة، حتى سمح لنا الفنان الكبير محمد نوح بعرضها فى ذكرى وفاته، كأن "الكبير" صلاح جاهين يريد أن يقول لنا "شوفتوا العبقرية أنا بألَّف، بفاجئكوا حتى وأنا ميت".
كان لهذه المسرحية اسم اختاره جاهين هو "ليلى"، إلا أن ظروف العرض الجماهيرى جعلت الاسم هو "انقلاب"، وفيها يختار جاهين "ليلى" ذلك الرمز الأسطورى الفياض ليشير به إلى مصر التى اغتصبها العسكر من الشاعر والمغنى أحمد الهمذانى، وفى هذه المسرحية يدين جاهين نفسه وجيله، ويتبرأ من الحلم الناصرى الذى خدره وخدر الكثير من أبناء جيله.
اليوم السابع يشكر الفنان المصرى الأصيل محمد نوح على إهدائه هذه المسرحية لعشاق "جاهين"، ويشكر "جاهين" الأب الكبير الذى نلتف مستأنسين بحزنه وفرحه، وحماسته، ونقول له فى يوم وفاته "مساء الفل يا كبير".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة