العشوائيات .. التمرد على المجتمع .. بيئة تفرز مجرماً رغم أنفه

الإثنين، 20 أبريل 2009 06:25 م
العشوائيات .. التمرد على المجتمع .. بيئة تفرز مجرماً رغم أنفه 1221 منطقة عشوائية يسكنها أكثر من 13 مليون نسمة
كتب بهجت أبو ضيف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
العشوائيات مناطق حاضنة لكل أرباب السوابق من المسجلين خطر والمجرمين الذين يهرعون إليها هرباً من سيطرة رجال الأمن، خاصة وأن معظمها يتميز بخلوها من النقاط الأمنية والتواجد الأمنى الضعيف.

أكد الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى دراسة حديثة له، أن عدد العشوائيات فى مصر قد بلغ 1221 منطقة، يسكنها أكثر من 13 مليون نسمة، وأن جملة الاستثمارات المخصصة لتطوير تلك المناطق منذ بداية عام 1993 وحتى عام 2007، بلغت 4 مليارات جنيه، وأن معظم هذه المناطق لم يتم تطويرها حتى الآن.

اللواء محمود قطرى الخبير الأمنى يقول إن الكثرة البشرية التى تتميز بها المناطق العشوائية، سواء كانوا من النازحين من الصعيد ومن القرى الريفية والعمال وصغار التجار والعاطلين، وقيامهم بوضع أيديهم على أراضٍ خاصة بالدولة، دون أى مساءلة أو متابعة من المسئولين، بسبب أعمال المحسوبية والرشوة المتفشية، والتى تحول دون إصدار قرارات من شأنها مواجهة المبانى المخالفة المفتقدة لأقل أنواع التخطيط، بالإضافة إلى افتقارها للمرافق الأساسية من كهرباء ومياه وصرف صحى، كل هذه المخالفات أدت إلى زيادة معدلات الجريمة من سرقة واغتصاب وخطف وتسول.

الأمن غياب
ساعد على ذلك التواجد الأمنى الضعيف والمتابعة الغائبة لرجال الشرطة الناتجة عن العبء الذى تمثله الأعداد الكبيرة لسكان هذه المناطق على القدرات البشرية لقوات الأمن، بسبب ضيق الشوارع والمبانى الغير مخططة تخطيطاً سليماً، والذى يقف حائلاً دون التواجد الدورى لسيارات الشرطة والحملات الأمنية.

الخوف الذى يتملك بعض ضباط الشرطة من التعامل مع بعض المسجليين خطر، وغض الطرف عما يرتكبونه من جرائم بسبب عدم توفير الحماية الأمنية الكافية للضباط، أدى إلى تحول هذه المناطق إلى بؤر للعصابات الإجرامية وتجار السلاح والمخدرات، لذلك لابد من توفير نقاط أمنية فى هذه المناطق لإرساء الأمن وتفكيك التكتلات الإجرامية التى تفرض سيطرتها على السكان، بالإضافة إلى توفير الحماية الأمنية الكافية لرجال الشرطة، والاعتماد على النظام القديم الذى كان يتبع فى الاعتماد على ما يسمى بشيخ الحارة لجمع المعلومات عن الأشخاص المسئول عنهم فى نطاق سيطرته.

الزعيم
الخبير الأمنى اللواء محمد الشيخ، أكد على أنه بالرغم من زيادة المعدل الإجرامى بين سكان العشوائيات، واحتضانهم للخارجين على القانون وتجار المخدرات، فإنه لا يجوز أن نطلق على جميع سكان هذه العشوائيات مجرمين، إلا أن معظمهم يمكن أن يتم تسميتهم من المعدودين تحت خط الفقر، محرومون من أقل الاحتياجات الإنسانية.

يعانون من التجاهل الخدمى المختلف من الحكومة، وخاصة الأمنى، مما جعلهم ملاذاً آمناً للتشكيلات الإجرامية التى استغلت هذا الإهمال من جانب المسئولين فى جمع الإتاوات، وفرض قانون الغاب المعتمد على القوة واستباحة الممنوعات، ولجوئهم فى حل نزاعاتهم إلى ما يمكن أن يسمى "بالزعيم"، متجاهلين الاحتكام إلى أقسام الشرطة التى تعد عدوهم الأول، بالإضافة لاستغلالهم سكان هذه المناطق لمساعدتهم فى شتى أنواع الجرائم، وذلك لعدم وجود سجلات خاصة بهم لدى الحكومة تمكن رجال الشرطة من جمع المعلومات عن أحدهم إذا ارتكب أو شارك فى جريمة معينة، كما أن كثيراً من هذه المناطق لها نشاطات إجرامية موحدة تتميز بها عن غيرها.

هناك مناطق تشتهر بتجارة المخدرات ومناطق أخرى تعرف بالسرقات وأخرى تتميز بالتسول والتجارة فى السوق السوداء، ومن هنا لابد من المتابعة الدائمة لسكان العشوائيات من خلال تكثيف التواجد الأمنى لرجال الشرطة، ووضع خطة محكمة لمداهمة الأوكار والبؤر الإجرامية وتطهيرها أولا بأول، إضافة إلى تسجيل جميع سكان هذه المناطق فى سجلات رسمية تحتوى على كافة المعلومات الخاصة بهم من شهادة ميلاد وتحقيق للشخصية وسجل جنائى لمساعدة الأمنيين فى متابعة المسجلين خطر والمساهمة فى سرعة اكتشافهم وسهولة تتبعهم.

مفرزة للإجرام
ومن ناحية أخرى، ترى د.هبة عيسوى أستاذة الطب النفسى بجامعة عين شمس، أن العشوائيات المنتشرة فى مختلف محافظات مصر، وعلى الأخص المنتشرة بكثرة داخل القاهرة والجيزة، تعد بيئة مفرزة لإنسان يفتقد لأقل أنواع الاحتياجات الإنسانية، ناقم على الحياة، يسعى للحصول على كافة متطلباته بطريقة شرعية أو غير شرعية باستخدام كافة الوسائل، يتميز بجنوح السلوك والتمرد، حاقد على باقى أفراد مجتمعه الذين يتميزون عنه بحياة مترفة، تتمثل شهوته فى التعدى على حقوق الآخرين سعياً منه للانتقام من الظروف المجتمعية التى ساهمت فى حرمانه من حياة إنسانية كريمة يتوافر بها الإحساس بالأمان، تساعده البيئة المحيطة به منذ صغره والمتمثلة فى أفراد أسرته وأصدقائه، الذى يسعى لجلب اهتمامهم منذ صغره للالتفاف حوله بافتعال المشكلات من خلال السرقة والتعدى على الغير، يتحول بعدها إلى مجرم محترف من خلال مصاحبته لممارسى الإجرام من مختلف الفئات الذى تجمع بينهم أسوار السجون، لتكون هذه المرحلة من أهم مراحل الانتقام من القواعد الثابتة والأخلاقيات التى تحكم المجتمع، خاصة وأن هذه الفئة يغيب عنها رادعان أساسيان، وهما الرادع الأسرى والرادع الدينى.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة