يوسف زيدان: الرهبان ليسوا ملائكة

الخميس، 02 أبريل 2009 10:38 ص
يوسف زيدان: الرهبان ليسوا ملائكة الروائى والباحث د. يوسف زيدان
حاوره محمد البديوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الروائى والباحث د. يوسف زيدان مدير إدارة المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، تعرض منذ صدور رواية عزازيل فى بداية 2008، للكثير من الاعتراضات والهجوم والرواية من قبل محامى الكنسية المصرية وبعض الشخصيات القبطية البارزة، لأن هذه الرواية أثارت جدلا كبيرا، لتناولها مرحلة مهمة من التاريخ المسيحى.

ويصور فى روايته أحد الرهبان على أنه شخصية طبيعية تمارس حياتها بتلقائية ثم يقع فى الخطيئة، وتبدأ الرواية بخدعة فنية حيث كتب فى المقدمة أنه "مترجم" الرواية وليس مؤلفها، ما اعتبره بعض رجال الكنيسة هجوما عليها وازدراء لها، ومؤخرا، وفى 16 مارس الماضى فاز زيدان بجائزة البوكر فى نسختها العربية، مما أشعل المعركة مرة أخرى، ولهذا كان لليوم السابع هذا الحوار معه.

بدأت الرواية بمقدمة اعتبرتها مقدمة المترجم.. توهم القارئ أنه يقرأ فى إحدى المخطوطات.. لماذا هذا الإيحاء؟
الإيهام فى هذه الرواية مقصود، فهو أحد السبل الرامية إلى إشراك القارئ فى النص، إلى توريطه فى المشكلة وإخراجه من حالة التلقى الدائم للإجابات الجاهزة على الأسئلة السهلة، لذلك فقد كانت فى عزازيل حيلا روائية عديدة منها الهوامش والمقدمة ومنها تدخل هذا الراهب العربى الذى دون عليها هوامش غير هوامش المترجم، وقد تم توزيع هذه التعليقات القليلة على النص بشكل هندسى دقيق يضمن إبقاء القارئ فى حالة التورط مع النص، فالهوامش كما لو كانت خطابا غير مباشر لقارئ لم أره، وأريد أن أجعله منتبها دائما.

الراهب هيبا فى الرواية شخص غرائزى ترتفع لديه الحسية.. لماذا؟
الراهب قبل أن يكون راهبا هو إنسان، ولا أعرف معنى لهذه التصورات الخرافية عن الرهبان والظن أنهم كائنات سماوية.

هذا تصور مضحك وغير واقعى بالمرة، فلو سلبت إنسانية الراهب لما صار لرهبنته أى معنى، بل لو سلبت منه الغريزة الأولى التى ننكرها على الراهب هيبا لفقد حقيقته كإنسان، وإلا فلماذا ثارت الكنيسة القبطية على أوريجانوس العظيم "أورجين" حين خص نفسه فطرده الأسقف ديمتريوس من الأكليروس السكندرى.

لقد حرم أورجين نفسه من مجاهدة غرائزه، وأنقص من إنسانيته فكان عقاب ذلك هو الحرم والطرد، فلماذا إذن نستغرب أن يكون الراهب هيبا فى عزازيل إنسانا كامل الأهلية وقلقا مثل أى إنسان.

هل المقصود إدانة للرهبنة بصورتها الحالية؟
لا توجد إدانة للرهبة على الإطلاق، بالعكس روايتا "عزازيل" تبرز بهاء هذا الطريق الروحى وصدقه لأن أى صورة أخرى غير هذه هى على أحسن تقدير صورة مفتعلة وغير حقيقية وغير إنسانية، ولا تنس أن أحداث الرواية تدور فى زمن لم تكن فيه تقاليد الرهبنة قد استقرت بعد وصار لها هذا "النظام" الذى نعرفه اليوم.

تبدو بعض الصدف فى الرواية صدفا عبثية لا تتفق مع منطق الأحداث فى الرواية.. لماذا؟
للواقع غرائبية مدهشة، ولا يكون الواقع حقيقيا إذا خلا تماما من هذه الوقائع ذات الطابع الغرائبى، وفى حياة كل منا وقائع مماثلة يخرج بعضها عن حدود المنطق، ومع ذلك فإن وقائع الرواية تم نسجها ليس بغرض الحكاية المجردة وإنما لتكون مرايا تنعكس عليها الشخصيات المتناقضة التى جرت أحداث الرواية بينها، فإن كنت تقصد بإشارتك هذه مثلا لقاء البطل وأوكاتفيا على شاطئ البحر فإنك بعد قليل ستكتشف أن هناك تاريخا لهذه المرأة ظل يتشكل على نحو منطقى حتى تم هذا اللقاء الغرائبى بينها وبين البطل الذى جاء من خلفية أخرى، ظل هو الآخر خلالها يتشكل حتى ظهر باللقاء بينهما عالمان مختلفان كانا يعيشان آنذاك بالإسكندرية.

لماذا الاتكاء على مرحلة تاريخية حقيقية وأبطال حقيقيين داخل عملك؟
هذا التقارب بين المراحل العامة لمراحل تاريخية معينة، تكشف لنا أننا لا نتعلم من التاريخ فظروفنا هى، وكل مرة تتكرر بتجليها البشع، فتؤثر فى الروح والتاريخ والإنسان، ثم نعود لنكررها هى هى وتعاد الأفعال هى هى والمعاناة هى هى، وتوقفى عند هذه المراحل التاريخية هو إشارة إلى أننا غافلون عن دلالة هذا التراث.

ثم يبدى زيدان استغرابه وضيقه من التركيز على هذا الجانب من قبل وسائل الإعلام وبعض المحامين قائلا:
هذه "رواية" قلبا وقالبا، ومكتوب على غلافها الخارجى أنها "رواية"، وكتب عنها نقاد كثيرون، ورشحت كواحدة من أفضل 16 "رواية" عربية فى جائزة البوكر، ثم فى الجائزة القصيرة لأفضل ستة "روايات"، ثم فازت بجائزة أفضل "رواية" عربية، فكيف لنا من بعد ذلك كله أن نشكك فى روايتها".

ما تعليقك على التصريحات التى تهاجم الرواية وتعتبرها تسعى لهدم المسيحية؟
هؤلاء الثائرون ضد الرواية هم تحديدا شخصان أو ثلاثة، وهذا على كل حال رأيهم الشخصى وقراءتهم الخاصة لهذا النص الروائى ومن حقهم أن يقرأوا ما يشاءون، ولكن الذى أعرفه أنهم يعبرون عن آرائهم الشخصية، وليس عن موقف المسيحية، فالمسيحية كنائس كثيرة، والكنيسة المرقصية هى واحدة منها، وفى الكنيسة القبطية رجال دين كثيرون، وهؤلاء اثنان أو ثلاثة منهم فقط، فكيف يجوز لهما الزعم بأنهم المتحدثون باسم ديانة كاملة تملأ الأرض كنائسها، وبين كل كنيسة والأخرى خلافات وتكفيرات وانشقاقات عظيمة منذ مئات السنين.

لمعلوماتك..
الدكتور يوسف زيدان صدر له أكثر من 50 كتابا ثقافيا وإبداعيا منها ما هو تحقيق وتأليف، ومنها شعراء الصوفية المجهولون، وديوان عبد القادر الجيلانى، ومؤلفاته المختلفة عن المخطوطات، بالإضافة إلى روايته ظل الأفعى التى صدرت طبعتها الأولى عن دار الهلال 2006، وجائزة البوكر هى الجائزة الدولية الرابعة بالنسبة له بالإضافة إلى جوائز أخرى.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة