اختيار النائب الثالث للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بديلا عن حسن هويدى المتوفى قبل أسبوعين، هو السبب الأول فى تصاعد الخلاف بين قيادات الإخوان، مما أدى بمهدى عاكف مرشدهم العام أن يذكر أعضاء مكتب الإرشاد أن أمامه شهورا فقط ليترك منصبه وانتهاء مدة ولايته.
عاكف الذى يملك، قانونا، تنصيب واختيار نائبه حسب اللائحة، يئس أن يختار شخصيات بعينها فى المنصب، بعد رفض معظم أعضاء مكتب الإرشاد لراشد الغنوشى «رئيس جمعية النهضة بتونس ويعيش بلندن»، أو لأحد من إخوان الأردن أو المغرب العربى، لتهدئة الخلافات وحالة الاحتقان بين إخوان الخارج من أقطار مختلفة ضد إخوان مصر.
كان اجتماع مكتب الإرشاد الأسبوع الماضى لمناقشة قضيتى إضراب 6 إبريل وانتهوا فيه إلى عدم المشاركة فى هذا الإضراب، وكذلك مناقشة تسمية نائب ثالث للمرشد بدلا من هويدى، وطرح عاكف اسم الغنوشى، وعدة أسماء من الأردن وسوريا والجزائر وتونس، باعتبار أنه المنصب الوحيد فى قمة الهيكل الإدارى للجماعة من نصيب الخارج.
لكن غلبة المحافظين وسيطرة فريق محمد حبيب نائب المرشد، ومحمود عزت أمين عام الجماعة على مكتب الإرشاد، جعلهم يختارون إبراهيم منير أمين عام التنظيم الدولى والمتحدث باسم الإخوان فى لندن للمنصب.
ورغم أن القرار تمت مناقشته صباح الأربعاء، فإن عزت جهز رجاله للسفر إلى لندن لتسمية النائب الثالث للمرشد دون علم الكثير من الأعضاء، وهو ما جعل عاكف يثور فى مكتب الإرشاد ويعلن أنه لن يتراجع عن قراره بالتقاعد فى يناير المقبل.
وبالفعل سافر سعد الكتاتنى رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان، وسعد الحسينى مسئول العلاقات الخارجية بالجماعة إلى لندن، ليس لتسمية منير نائبا ثالثا فقط، بل لتهدئة إخوان الخارج، وشرح لهم الوضع وأسباب اختياره وما تمر به الجماعة من مخاطر.
عاكف رفض اختيار منير لاعتبارات عدة رغم العلاقة التى تربطه به ومرافقته له فى ألمانيا عند تأسيس التنظيم الدولى، إلا أن «عاكف» رفض إعطاءه المنصب لأنه مصرى، وله دور فى أمانة التنظيم الدولى، ومن الأفضل إعطاء المنصب لشخص آخر ليستفيدوا به.
منير الذى ينتظر أن يتم إعلانه رسميا نائبا للمرشد خلال أيام بقرار من عاكف، يؤكد قوة سيطرة المحافظين واستمرارهم فى طريقة اختيار القيادات القائمة على مبدأ «تخليد فكر الأزمة»، والاهتمام بمن لديه رؤية الحفاظ على التنظيم والأداء الإدارى، قبل القدرة الفكرية والمكانة العلمية، ومؤهلات العمل السياسى.
هذه المؤهلات التى تم على أساسها اختيار أغلب أعضاء مكتب الإرشاد ومجلس شورى الجماعة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث كانت سنوات المطاردات والتضحية هى الأصل، وعليه تم اختيار إبراهيم منير الذى يتولى أمانة التنظيم الدولى، والمشرف على رسالة الإخوان بلندن ومتحدثها الإعلامى، حتى إن البعض وصف هذا الاختيار بأن إدارة الإخوان حاليا فى الداخل والخارج «عائلة واحدة» التقت فى سجون الخمسينيات والستينيات.
منير سبب الأزمة بين عاكف وقيادات مكتب الإرشاد، يعد لغزا فى التنظيم الدولى، وكثيرون لا يعتبرونه رجلا سياسيا بقدر أنه تنظيمى وإدارى، ليس له أعمال فكرية أو مؤلفات، رغم أنه يشرف على رسالة الإخوان التى تعد المنبر الإعلامى للإخوان للحديث مع الغرب بلغات مختلفة، وهو ما أثار حفيظة قيادات الإخوان فى الغرب، مثل كمال الهلباوى الذى كان يشغل الموقع السابق لمنير فى لندن والذى ترك التنظيم الدولى والجماعة.
يكاد لا يعرفه أحد من قيادات الجماعة غير جيل الشيوخ، أما القيادات الوسيطة فلم تلتقِ به حيث كان يعيش حتى عام 1954 فى إمبابة، وأحد أعضاء النظام الخاص تخرج عام 1952 فى كلية آداب القاهرة، صدر ضده حكم بالمؤبد بعد أن كان إعداما، وخرج من السجن عام 1975.
هاجر منير بعد أن سبقه معظم زملائه أعضاء التنظيم، فسافر إلى الكويت، كان قبلها قد انضم لقسم «الاتصال بالعالم الإسلامى»، الذى يعد وزارة خارجية الجماعة وأنشأه حسن البنا ليكون جسر العلاقات الخارجية للتنظيم.
وساهم فى تأسيس عدد من المراكز الإسلامية والجمعيات والشركات فى الخليج، لتكون ستارا لعمل التنظيم وتكون حامية لهم ولتواجدهم. تقدم بطلب للجوء السياسى إلى بريطانيا وبعد خمس سنوات تمت الموافقة على طلبه فسافر إلى لندن.
كان منير دائما يراعى أنه من »الأتباع« الذين يحسنون التلقى والتنفيذ الفورى والإيمان بأوامر القائد وحكمته، وكان مخلصا لمشهور ودائم الاقتراب منه، وتم إعطاؤه مهمة الاتصال بالطلاب الذين درسوا فى مصر وسافروا إلى بلادهم ليضعوا بذور ونواة تنظيمات الإخوان فى الخارج، كل هذا سمح له ببناء علاقات واسعة مع قيادات تنظيمات الإخوان فى العالم، وكان له مع عاكف دور كبير فى ملفات الإخوان العالمية وعلى رأسها ملف الجهاد الأفغانى.
لمعلوماتك...
◄1982 تأسس التنظيم الدولى لجماعة الإخوان المسلمين من ميونيخ بألمانيا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة