صدرت منذ شهور مجلة "شموع مصرية"، المجلة المتخصصة فى مجال المعاقين وذوى الاحتجاجات الخاصة، وتتناول قضايا هذه الفئة من المجتمع بشكل مكثف وعملى، ومنذ صدورها وهى تحاول طرح القضايا الخاصة بالمعاقين وإلقاء النظر على مشاكلهم التى لا يراها ولا يتحدث عنها أحد..
ما بين المجلة وعملها ومشاكل المعاقين فى مصر كان لليوم السابع هذا الحوار مع على الفاتح الصحفى ورئيس تحرير المجلة.
لماذا خصصت المجلة بالكامل للمعاقين؟
مشكلة المعاقين تحتاج إلى طرح بشكل مختلف وهو الشكل الصحفى، خاصة أن قضايا المعاقين لا تطرح فى الصحافة إلا بمناسبة بطولات بكين، وغير ذلك لا يتم طرحها، كما أنها لا تطرح بالشكل الصحيح، حيث يكون شكلها إنسانياً أكثر من الطرح الجدى للمشكلة، وهو ما دفعنى لإصدار المجلة المتخصصة فى مجال المعاقين، والتى تتحدث عنهم بشكل جاد مساوٍ لباقى فئات المجتمع، فهذا حقهم الطبيعى، وهو ما جعلنى اختار الشكل الصحفى لطرح المشكلة، بالرغم من أن الشكل الإنسانى يمكن الربح منه أكثر، لكن القضية تحتاج هذا الطرح.
ما هى الرسالة التى تريد المجلة تقديمها؟
الهدف الأساسى هو توضيح الإعاقة الحقيقة للشعب المصرى، والبعيدة عن الإعاقة الذهنية أو الجسدية، وإنما الإعاقة الفكرية، فكما أوضح شخص الدكتور عبد المنعم سعيد فى حوارى معه أن مصر "عارجة"، لديها رجل معاقة وأخرى سليمة، كما أنها فاقدة البصر، حيث لا ترى النخبة تفاصيل المشاكل فى مصر، ومصابة بالخرس تجاه ما يحدث فيها وفى العالم من حولها، كما أنها مصابة بالشلل فى مناطق البيروقراطية، والتشدد يميناً أو يساراً، وهذه هى مواطن الإعاقة الحقيقة التى نعانيها فى مصر ونريد توضيحها.
ما هى أهم مشكلات المعاقين فى مصر؟
هناك 8 ملايين معاق فعلياً فى مصر، أول مشاكلهم هو عدم الاعتراف بعددهم الحقيقى، حيث ظهرت السيدة مشيرة خطاب منذ أيام لتصرح أن عدد المعاقين فى مصر 3 ملايين معاق، فما تفسير هذا التصريح سوى عدم الاعتراف حتى بوجود هذه الفئة، هذا بالإضافة للعديد من المشاكل الأخرى مثل تعرضهم لتمييز عنصرى حقيقى على كافة المستويات، بداية من التعليم، حيث توجد مدرسة لكل 45 ألف طفل معاق، فى حين وجود 2 مليون طفل معاق، وهذا يعنى أنه من بينهم فقط 136 طفلاً يتلقون التعليم، هذا بالإضافة لعدم وجود خدمات صحية ورياضية وثقافية لهم على مستوى المحافظات، هذا بالإضافة لمشاكل العمل التى لا تنتهى، والسكن، فقد خصصت لهم وزارة الإسكان منذ فترة عمارتين، الأولى أطلق عليها عمارة العجزة ووضع بها كل من تقدم لطلب شقة من المعاقين حركياً، والثانية أطلق عليها عمارة العميان وخصصت لفاقدى البصر، وهنا تتضح الإستراتيجية التى تتعامل بها الدولة مع المعاقين، تريد عزلهم.
كيف ذلك وهناك العديد من الجمعيات والمنظمات المهتمة بالمعاقين؟
من يعمل بمجال الإعاقة يعمل به على اعتبار أنه عمل خيرى لا أكثر، ولا يهتم بالمعاق بقدر اهتمامه بالثواب والتبرعات وشكله أمام المجتمع، هذا بالإضافة إلى أن 95% ممن يعملون بهذا المجال غير مقتنعين بفكرة دمج المعاقين فى المجتمع، وغير مؤهلين لتأهيل هذه الفئة، وجميع العاملين بها يتعاملون بمنطق العمل الخيرى سواء المنظمات غير الحكومية الخيرية أو الحكومة، وخير دليل على ذلك تصريحات الوزيرة عائشة عبد الهادى فى مؤتمر صحفى، حيث وعدتنى أمام المهرجان الإعلامى بتعيين عدد من المعاقين، وعندما توجهت لها بعد ذلك لم تعين أحداً، وقد أعذرها فى ذلك فقد تكون ليست جهة تشغيل أو ليس لديها آلية لتشغيل المعاقين، وقد تكون لديها الآلية ولا تريد تفعيلها.
لكن هناك نسبة محددة فى القانون لتشغيل المعاقين
نسبة الـ5% الموجودة فى قوانين العمل لا تطبق، وإن طبقت تكون أسوأ على المعاق، حيث يقال له بعد التعيين مباشرة "إنت تقعد فى البيت ومرتبك هيوصلك آخر الشهر"، وهنا يتم إيذائه نفسياً، حيث يبلى بإعاقة أخرى وهى الإعاقة النفسية، فى حين أن المفترض وجود برامج للتنمية البشرية عملها هو تنمية مهارات هذه الفئة وفقاً لإمكانياتها، لكن هذا لا يطبق.
هل تختلف معاملة الناس عن معاملة المسئولين والجمعيات الخيرية؟
أولاد البلاد الحقيقيون يتعاملون مع المعاق بكافة الحب والمودة، ويريدون مساعدته فقط لمساعدته، ومنهم من يساعد حتى يكسب الثواب وهذا صاحب الغرض من المساعدة، لكنه يبقى غرضاً مشروعاً، لكن المشكلة أن هناك فكراً سائداً بين الناس عن الإعاقة، وهى أن الأعمى شيخ، والمعاق حركياً عاجز، والمعاق ذهنياً بتاع ربنا، وهذه هى صورة المعاق فى مصر.
ومنذ متى ترسخت هذه الصورة؟
مع نهاية حكم آخر أسرة فرعونية، حدث لمصر قطيعة ثقافية وحضارية، فمصر الفرعونية كانت تحترم المعاق ويستغل كافة إمكاناته، وتطور من قدراته ومهاراته، فالمعاق فى مصر الفرعونية وضع فى مكانه الحقيقى كإنسان ومارس الحياة بشكل عادى، وحدثت منفعة متبادلة بينه وبين مجتمعه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة