من صحة الرئيس إلى خطف الأطفال.. "الشائعات" قنبلة تهدد أمن المجتمع

الجمعة، 17 أبريل 2009 09:03 م
من صحة الرئيس إلى خطف الأطفال.. "الشائعات" قنبلة تهدد أمن المجتمع المصريون أكثر تصديقاً للشائعات
كتب أحمد يعقوب وبهجت أبو ضيف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثار انتشار شائعة خطف الأطفال فى عدة محافظات، منها بنى سويف والغربية والقليوبية والدقهلية، ومؤخرا الجيزة، وبيع أعضائهم، حالة من الفزع، رغم أن الأمر لم يتم إثباته حتى الآن.

ملف الشائعات التى يصدقها الشعب المصرى، الذى يميل بفطرته إلى التصديق، أثار التساؤل حول خطورة الشائعات وتأثيرها على الأمن القومى والجوانب الاقتصادية والاجتماعية فى مصر، خاصة مع تعرضها فى بعض الأوقات لحياة شخصيات عامة، إما علاقات زوجية، أوفضائح أو جرائم، أو اختلاس أو تزوير ..

اللواء محمود قطرى، الخبير الأمنى، أكد وجود خوف لدى المواطن من التعامل مع أجهزة الشرطة، وبالتالى عدم وجود بلاغات رسمية عن اختفاء أو اختطاف الأطفال، ما يساعد على عدم التحقق من مثل هذه الشائعات. ويؤكد قطرى أن وظيفة الأجهزة الأمنية الأساسية هى الحفاظ على أمن المواطنين، ووجود شائعات يعنى عدم الإحساس بالأمان والتأثير على كل أنشطة المجتمع سلبيا، فلابد من التحرك الفورى لأجهزة الأمن للتحقق من مدى صحة هذه الشائعات من عدمه - بصرف النظر عن وجود بلاغات أو لا- بالبحث والتحرى وفحص أقوال ومشاهدات المواطنين واستطلاع آراء العمد والمشايخ والخفراء النظاميين الموجودين فى القرى المنتشرة بها مثل هذه الشائعات، وإصدار بيانات لطمأنة المواطنين أو تأكيد صحة الشائعة.

من جانبه، يوضح اللواء، محمد عبد الفتاح عمر، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب، أن التقدم ببلاغات رسمية لأقسام ومراكز الشرطة من قبل أهالى الأطفال المتغيبين فى المناطق المنتشرة بها مثل هذه الشائعات، هى الطريقة الوحيدة للتحقق من مدى مصداقية هذه المعلومات من عدمه، ومثل هذه البلاغات تأخذ مسارها الطبيعى من الإجراءات القانونية من نشر الأقسام لنشرات المتغيبين وإخطار النيابة العامة للتحقيق فى هذه البلاغات.

ويستطرد عمر قائلا: من المفروض أن تقوم أجهزة وزارة الإعلام برصد مثل هذه الشائعات ومصدرها ووسائل نشرها وترويجها وإصدار بيانات إعلامية لتوعية وطمأنة المواطنين، وإخطار أجهزة الأمن للقيام بدورها فى مثل هذه الحالات..مثل انتشار الأوبئة، والأمراض الفتاكة، والشائعات الخاصة بمرض ووفاة الشخصيات العامة، الأكثر تأثيرا، مثل شائعة "صحة الرئيس"، التى أثرت على الاقتصاد المصرى بقوة وأدت إلى انهيار البورصة وخسارة أكثر من 300 مليون دولار وحوكم بسبب نشر هذه الشائعة، الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى.

وأضاف أنه فى شهر فبراير من عام 2006 انتشرت شائعة تحذر المصريين من تناول مياه الشرب، بدعوى تلوث نهر النيل بفيروس أنفلونزا الطيور، وهو ما ثبت فيما بعد عدم صحته.
سببت هذه الشائعة حالة من الهلع بين أفراد المجتمع المصرى، وامتنع عدد كبير من المواطنين عن تناول مياه الشرب، وأقبلوا على شراء المياه المعدنية، قبل أن يقطع التليفزيون المصرى إرساله، ليبث تصريحات لوزير الإعلام "أنس الفقى" نفى فيها هذه الشائعة، مؤكدًا أن شائعات تلوث مياه الشرب فاقت كل ما سبقها، حيث طافت سيارات كافة المحافظات لتحذير الناس من المياه، وجرى تداول الشائعة عبر رسائل المحمول، لافتًا إلى أنه تمت نسبتها إلى مصادر رسمية.

وأضاف أنه ـ على مدار اليوم الأول لظهور أنفلونزا الطيور ـ تم رصد 187 شائعة، وتم التحرى عن صحتها، وتبين كذبها.

وفى اليوم الثانى تردد ما يقرب من 103 شائعات تم رصدها، لافتًا إلى أن شائعة تلوث المياه كانت الأخطر، لأنها نسبت إلى مصادر رسمية.

فى البداية يعرف الدكتورأحمد الدسوقى، استشارى الطب النفسى، الشائعة قائلا هى أى شىء غير حقيقى وخبر غير شريف لا يلتزم بأى معايير دينية وأخلاقية يقصد به تحقيق مصلحة أى غرض ما، وأطالب المجتمع بإيجاد آلية ذاتية للتأكد من صحة المعلومة وتحرى الحقيقة فى جوانب حياة كل فرد منا. ويرجع مدى قابلية تصديق الشائعة عند المتلقى لها على المستوى التعليمى والثقافى والنفسى والحالة المزاجية له عند تلقيه للشائعة.

وتوضح الدكتورة هالة عبد الحق، عضو هيئة التدريس بقسم علم النفس، بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أسباب ميل الشعب المصرى إلى تصديق الشائعة لحالة عدم الثقة بين المواطن ورجل الشرطة، وافتقاد أسلوب تحرى الحقيقة فى نمط الحياة اليومى للمواطن، وتؤكد أنه عادة يوجد شكل من أشكال الحقيقة أو ظلال من الحقيقة وراء كل شائعة تساعد على قابلية تصديقها ففى شائعة "خطف الأطفال" مؤخرا ساهم فى ترويجها تلقى بلاغات اختفاء أطفال فى بعض المحافظات مع غياب البيانات الرسمية التى ترد على هذه الاختطافات.

وتستطرد د.هالة : أن غياب دور المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فى القيام برصد وإحصاء وتحليل ودراسة أسباب ومصادر وآلية انطلاق وإصدار الشائعات، يؤدى إلى رواج الشائعة وانتشارها وعدم وجود سبل لإخمادها قبل أن تؤثر على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للمواطنين، وأيضا لابد من تواجد قنوات اتصال بين الأجهزة الأمنية والإعلام الحكومى فى إصدار بيانات رسمية تقيم مدى دقة المعلومات وتبين الحقيقة للمواطن المتعطش لها ولكن فى التوقيت المناسب.

وتؤكد الدكتورة سوسن فايد، خبيرة علم الاجتماع، أن عدم إطلاق العنان للحقائق يعطى لأصحاب الشائعات مجالا لترويج ما يريدون وما يخدم مصالحهم وسط إحجام المسئولين عن الظهور فى وسائل الإعلام الرسمية لتصحيح المعلومات الخاطئة التى يتم تبادلها والحديث عنها بين فئات الشعب المختلفة، خاصة المسئولين عن دعم واتخاذ القرار، وبالتالى فإن باستطاعة مروجى الشائعات زعزعة الاستقرار المجتمعى والقضاء على الشعور بالأمان وسط أجواء تساعدهم على ذلك، خاصة إذا كانت الشائعات تتعلق بتهديد الكيان الأسرى، مع استخدام أصحاب الشائعات وسائل مختلفة غير ثابتة تساعدهم على بث المعلومات التى يريدون نشرها داخل الفئة التى يريدون زعزعة استقرارها أيا كان نوعها.

من هنا يأتى دور وسائل الإعلام وخاصة المؤسسات الصحفية الكبرى فى اتباع الأساليب الصحيحة، والتى أوصى بها ميثاق الشرف الصحفى من عدم نشر أية أخبار لا تعتمد على مصادر موثوقة، فى ظل وجود فئات كثيرة لا تعطى لنفسها الفرصة للتحقق من مدى صحة الأخبار من عدمها.

وتضيف الدكتورة عفاف إبراهيم، أستاذة علم الاجتماع، أن تناقل الأخبار بدون التأكد من صحتها والتهويل فى مضمونها خاصة الأخبار مجهولة المصدر تعد من أهم عوامل نشر الشائعات، مع إتاحة التعددية فى وسائل نقل المعلومات أمام الفرد العادى والممثلة على سبيل المثال فى وسيلة الإنترنت التى تمكنه من بث ما يراد بثه لملايين البشر فى أقل وقت ممكن دون مطالبته بمدى مصداقيته، ومن هنا يأتى دور وسائل الإعلام فى توجيه الرأى العام نحو المسار الصحيح لحماية المجتمع من خطر إذا تفشى باستطاعته تهديد الأمن القومى للمجتمع وإسقاط الكيان الاقتصادى لدولة كاملة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة