لا علاقة لها بالناس.. ولخبطت أولويات البلد

المعارك الوهمية للمعارضة المصرية

الخميس، 16 أبريل 2009 09:09 م
المعارك الوهمية للمعارضة المصرية تصوير: عمرو دياب
كتب سعيد شعيب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ماذا يخطر على بالك عندما تعرف أن هناك قوائم بشخصيات عامة وسياسية يجرى إعدادها للمطالبة بتنحى الرئيس مبارك، لابد أن تتصور واحد من أمرين، الأول أن هذه الشخصيات، مع كامل التقدير لها، تستطيع حشد ملايين المصريين، أو أن الدبابات تقف خارج القاهرة مستعدة لاقتحام القصر الجمهورى.. فالمنطقى عندما تطالب أى قوة سياسية بأى شىء، لابد أن يكون لديها الحد الأدنى من القدرة على تحقيقه، حتى لو استغرق الكثير من الوقت، وبما أن أدوات أى سياسى هى الجماهير، فلابد أنه قادر على التفاعل معها وإقناعها بما يريد.. فإذا لم يكن كذلك، فبماذا نسمى مثل هذه الدعوات؟!

الأمر هنا لا يتعلق بان توافق أو ترفض هذه النوعية من المطالب، ولكن فى منهج التفكير الذى يحب، بل ويعشق هذه الطريقة فى الأداء السياسي.. والتى تؤدى فى النهاية إلى أن انشغال الإعلام والنخبة السياسية بمعارك، رغم كامل الاحترام لأصحابها، وهمية لأنها بلا سند فى الواقع وتنتهى فى النهاية إلى لا شىء، بل يمكن القول بضمير مطمئن إنها تعطل المسار الطبيعى للبلد و«تلخبط» ترتيب أولوياته.

ولعل القارئ الكريم يتذكر هنا المطالب التى رفعتها حركة 6 إبريل بمحاكمة نظام مبارك وتضامنت معها الكثير من القوى السياسية، ففى العام الماضى كان شعار «خليك بالبيت»، وهو دعوة واضحة للعصيان المدني، دون أن يكون هناك على أرض الواقع قيادات قادرة على حشد الجماهير وإقناعها بهذا العصيان. صحيح أنه كانت هناك احتجاجات قليلة هنا وهناك، ولكن الملاحظة الأساسية أن أهمها انقلب إلى فوضى وتخريب فى المحلة، ومع ذلك لم تستفد قوى المعارضة من هذا الدرس، ولم تطرح هذا العام مطالب محددة يمكن أن يلتف حولها الناس.

وبسبب هذا المنطق الفاسد تتعدد المبادرات والتحالفات بين قوى هى فى الأساس ليس لها جذور فى الواقع، ومطالبها أيضا لا علاقة لها بالواقع، أى أنها مطالب نابعة من مجموعة تقريبا معزولة تتصور دائما أنها الممثل الرسمى والوحيد للجماهير المصرية، ومن ثم يتحول كل هذا إلى مجرد عناوين براقة فى الصحف والفضائيات، وهو ما يعمق العزلة، وتدريجيا تجد أبطالا فضائيين (نسبة إلى القنوات الفضائية) ومن ورق(نسبة الى الصحف)، يزدادون إصرارا على ذات المنهج الفاسد، ولا يصبح هناك شىء آخر يمارسونه، وعلى الجانب الآخر جماهير تسير فى حركتها اليومية، وتمارس السياسة على طريقتها الأكثر فاعلية والأكثر تحقيقا لطموحاتها.

وليسمح لى القارئ أن أعطى أمثلة من مبادرات الإصلاح والإنقاذ، منها مثلا مبادرة الإخوان للإصلاح، فهى تتضمن كلاما إنشائيا عاما، مثل رفض كل صور الهيمنة الأجنبية وإدانة إشكال التدخل الخارجى وإطلاق الحريات العامة والتكاتف العربى والتعاون الإسلامى.. الخ.

ومن الصعب الاختلاف على هذه العموميات، لأنها عموميات، ثم إن المشكلة هى أنه على أرض الواقع ماذا يقدم مثل هذا الكلام، أين موقف الإخوان من الاحتجاجات الفئوية المنتشرة بطول مصر وعرضها، أين دور نوابهم الـ 88 فى البرلمان للمساندة؟

لن تجد إجابة بالضبط واضحة، مثلما لن تجد إجابة على ما هو الدور المحدد للحوار الذى يتبناه دكتور أسامة الغزالى حرب رئيس حزب الجبهة «من أجل بناء دولة مدنية»، ثم اذا كان الحزب ورئيسه يؤمنون بالدولة المدنية، فلماذا لم يتحركوا لمواجهة كوارث كبرى مثل حرق منازل البهائيين أو الأحداث الطائفية هنا وهناك، ناهيك عن انتهاك الحريات العامة والخاصة.

ذات الأمر ينطبق على إعلان القاهرة للديمقراطية، الذى ألقاه دكتور أيمن نور زعيم حزب الغد أمام مجلس الدولة يوم 6 إبريل، ستجد فيها مطالبة بجمعية تأسيسية ينتخب ثلثاها والثلث الأخير من أساتذة القانون الدستورى وقضاة المحكمة الدستورية تكون مهمتها خلال عام وضع دستور جديد للبلاد وفقا لأحدث المعايير الدولية فى حقوق الإنسان والحريات. وتقليص صلاحيات الرئيس وانتخاب العمد والمحافظين.. الخ.

وبدون شك لابد أنك ترحب مثلى بمثل هذه المطالب، ولكن السؤال الدائم من يحققها وكيف؟
لن تجد إجابة، ولن تجد إجابة على السؤال الأصعب وهو كيف لم يفكروا جديا فى الطريقة التى يمكن بها تحقيق هذه المطالب؟

صحيح أن قوى المعارضة نجحت فى رفع السقف السياسى، أقصد حرية النقد للنظام الحاكم، وثبتت هذا السقف ودافعت عنه بعض الصحف الخاصة والحزبية، ولكن هذا لم يلتحم بمطالب الناس الحياتية ولا بطريقتهم فى الاحتجاج، ولم تتعلم من النجاحات التى حققتها على أرض الواقع، خذ مثلا إضراب الصيادلة وأصحاب المقطورات والمعلمين والأطباء وغيرهم، ومن قبل كل هؤلاء إضرابات موظفى الضرائب العقارية، والذين حققوا مطالبهم وكانت الذروة فى تأسيسهم نقابة مستقلة خارج هيمنة السلطة الحاكمة وخارج هيمنة الأحزاب والقوى السياسية.

فهذه القوى السياسية تؤمن بأن تغيير البلد يأتى بـ«الضربة القاضية« للنظام الحاكم، وإذا لم ينتبهوا إلى أن المصريين يتغيرون ويغيرون البلد، ويصنعون مستقبلهم ويفرزون قياداتهم، وإذا لم تلتحق بهم قوى المعارضة، فسيكون مكانها متاحف التاريخ.

لمعلوماتك...
2002 فى شهر نوفمبر تم تشكيل لجنة الدفاع عن الديمقراطية وشاركت فيها أحزاب التجمع والوفد والناصرى وحزب العمل الحر.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة